أصبحت إسرائيل إحدى أحجار الزاوية التي يعتمد عليها خطاب السلطات الجزائرية لتصريف قرارها قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، وخاصة بعد تعبير وزير خارجية تل أبيب، يائير لابيد، من الرباط، عن عدم ارتياح الدولة العبرية للعلاقة بين الجزائر وطهران، غير أن أكاديميين إسرائيليين يرون أن هذا المبرر ليس سوى وسيلة للتغطية على السبب الحقيقي للأزمة، والمتمثل في محاولة قصر المرادية لفت الانتباه عن الأزمات الداخلية. وفي ورقة نشرها موقع نقابة الأخبار اليهودية JNS، يرى البروفيسور بروس مادي فايتسمان، المتخصص في قضايا شمال إفريقيا والباحث في مركز موشي ديان لدراسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بجامعة تل أبيب، أن الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء في مقابل عودة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وإسرائيل، كان "مزعجا جدا للجزائر"، مبديا اعتقاده أيضا بأن دعم المغرب ل"تقرير المصير" في منطقة القبائل كان رد فعل على مواقف الجزائر الداعمة لجبهة" البوليساريو". لكن إلقاء اللائمة على المغرب وإسرائيل في التسبب في حرائق الغابات الأخيرة التي عرفها الشمال الجزائري، لا يبدو مستندا على وقائع حقيقية بالنسبة للأكاديمي الإسرائيلي، فالأمر لا يعدو أن يكون "محاولة لإبعاد الانتقادات الموجهة ضد النظام الجزائري بسبب فشله في احتواء ألسنة النيران". ويؤكد فايتسمان أن "الموقف الجزائري المتشدد يعكس الضغوطات التي يواجهها النظام هناك من أجل تجديد شرعيته لدى المواطنين الغاضبين والمصابين بخيبة أمل، وهو ما يتأكد من خلال عودة مظاهر الحراك الاحتجاجي السلمي الذي هز النظام من الصميم سنة 2019". من جهتها، أكدت سارة فوير، الخبيرة في السياسة العربية والحاصلة على زمالة معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أن الدور الإسرائيلي في النزاع بين المغرب والجزائر "ضئيل"، بل إنه يتم حاليا "جرها" إلى هذه الأزمة. وأبرزت الباحثة الإسرائيلية أن الجزائر "شعرت بالفزع من قرار المغرب إعادة علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل"، ومن هذا المنطلق جاء انتقاد الدبلوماسية الجزائرية لما أسمته "دفاع الرباط عن حصول إسرائيل على صفة عضو مراقب في الاتحاد الإفريقي"، وهو الأمر الذي ساقه رمطان لعمامرة، وزير الخارجية الجزائري خلال الندوة الصحافية التي أعلن خلالها قطع العلاقات مع المغرب.