للدولة حساباتها، ولها بالتأكيد معلوماتها التي لا يمكن لغيرها معرفتها، لذلك تقوم بصياغة الخطاب الذي تراه مناسبا و يخدم الأهداف التي تسعى اليها.
خطاب عيد العرش ركز بشكل مفاجئ على العلاقة مع الجارة الجزائر، و كان كخطابات ملكية سابقة ايجابيا و داعيا الى تجاوز الماضي وفتح صفحة جديدة وفتح الحدود المغلقة. التاكيد على ان امن الجزائر من امن المغرب وان المغرب لن يسعى نهائيا الى الحاق اي ضرر بجارته، وعلى الروح المغاربية، يشير ضمنا الى ان الملك، بصفاته وسلطاته، لا يزكي اي ميل لتشجيع اي نزعة انفصالية بالجزائر، و يطالب الجيران في نفس الوقت باتخاذ موقف مماثل و بتغليب الميل المغاربي. وبذلك يطمئن الجيران ان الجدل شئ والموقف الثابت شئ اخر، فالمغرب لم يكن يوما مساندا للنزعات الانفصالية او للمساس بوحدة الدول والبلدان. لكن الخطاب الملكي، وبالأخذ بعين الاعتبار ما أشرت إليه في البداية، يطرح أسئلة. فالايجابية المتكررة للملك وللمغرب لم تجد لها أي صدى لدى من يحكمون الجزائر، ويتبين ان من يتولون المسؤوليات الأساسية في الدولة الجزائرية اكثر عداء للمغرب، و وصل بهم عداؤهم الى الترويج لخرافات لم يسبقهم اليها احد، ولا يزكيها التاريخ الحقيقي، من قبيل ما نشرته مجلة الجيش الجزائري وتحمست في نقله وسائل الاعلام التابعة للمخابرات الجزائرية والذي جاء فيه ان المغاربة غذروا بالجزائر مند ما قبل التاريخ، مند عهد يوغورتا، و من المؤكد ان كل همهم وكل تحركاتهم و كل مشاريعهم و سبب وجودهم هو العداء للمغرب والسعي لالحاق الادى به والاساءة اليه بهدف اضعافه و ثنيه عن الانشغال بتنميته وحل مشاكله، لانهم يريدون ان يروا فشلهم شاملا لما حولهم. اكيد ان الايجابية مع الجزائر الشقيقة والشعب الجزائري الشقيق مطلوبة باستمرار، الى ان تتوفر الشروط لتعم الفضاء المغاربي، ومن المؤكد انه يجب تجنب وصول التصعيد الى الحد الذي يصبح منفلتا من السيطرة، وتجنيب المنطقة خطر الحرب، لكن هل توجد لدى الطرف الاخر قابلية للخروج من منطق التصعيد و تقدير المخاطر و التصرف بايجابية. لا شئ يشير الى ذلك لحد الان.