حددت دراسة جديدة مجموعة صغيرة من الخلايا في الدماغ، والتي يمكن أن تكون حاسمة لفهم كيفية بدء مرض الألزهايمر وكيفية إبطاء تقدمه. يمكن أن يساعد هذا الاكتشاف في البحث في علاج المرض من خلال التركيز على هذه المجموعة الرئيسية من الخلايا في الدماغ. يُعدّ مرض الألزهايمر أكثر أنواع الخرف شيوعاً، إذْ يصيب ما بين 50 و75 في المائة من المصابين بالخرف. يوجد حالياً حوالي 850.000 شخص مصاب بالخرف في المملكة المتحدة وحدها. ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 1.6 مليون بحلول عام 2040.
في هذه الدراسة الجديدة، التي نشرت في مجلة Cell Reports ، الشهر الجاري، شرع فريق بحثي من جامعة ساوثهامبتون في استكشاف ما إذا كانت هذه المواجهة المستمرة بين الخلايا الدماغية الدبقية الصغيرة وبين مادة بروتينية تتراكم بصورة مَرَضيّة بين الخلايا تسمى "الأميلويد"، ستؤدي إلى تغييرات طويلة الأمد في الخلايا الدبقية الصغيرة من شأنها التأثير على سرعة تطور المرض.
وأوضح المشارك الرئيسي في الدراسة دييغو غوميز نيكولا، أستاذ طب المناعة العصبية في جامعة ساوثهامبتون، أنَّ مرض الألزهايمر يتطور على مدى عقود، لكننا حالياً نفتقر إلى فهم الأحداث التي تحدث في المراحل المبكرة من الإصابة بهذا المرض. في الدراسة الحالية، توصل الباحثون إلى أن الخلايا الدبقية الصغيرة تمثل بالفعل الخلايا المناعية الرئيسية في الدماغ، وهي الخلايا الأولى التي تتفاعل مع تراكم البروتين المسمى بالأميلويد، والذي يرتبط بتطور أعراض الخرف، من خلال زيادة تراكم هذه المادة وتكاثرها.
عن طريق التجارب المعملية، وجد الباحثون دليلاً رئيسياً على أن التنشيط المستمر للخلايا الدبقية الصغيرة يؤدي إلى شيخوخة جزء منها، وهي حالة من الخلل الوظيفي الالتهابي في عملها. وبدورها، تسرع هذه الخلايا الدبقية الصغيرة الشائخة من تراكم الأميلويد، ما يؤثر على المراحل المبكرة من تطور المرض.
وبالرغم من أن التجارب الأولى لهذه الدراسة أجريت على الفئران، فإن الفريق البحثي تحقق من صحة النتائج في عينات بشرية أخذت بعد الوفاة من أشخاص كانوا مصابين بمرض الألزهايمر. وأضاف نيكولا، في تصريح ل"العربي الجديد": "لقد أثبتنا سابقاً أن الخلايا الدبقية الصغيرة تستجيب للأميلويد السام عن طريق التكاثر، وهو جزء من وظيفتها كخلايا مناعية، فهي تحاول احتواء بروتين غريب.
ومع ذلك، فهذه هي المرة الأولى التي نشهد فيها العواقب طويلة المدى لهذا الانتشار على الخلايا، وتأثير ذلك على تطور المرض". اكتشف الفريق أنه من خلال وقف تكاثر الخلايا الدبقية الصغيرة في الفئران، يمكن إبطاء معدل حدوث الشيخوخة، وهو ما يؤدي بدوره إلى خفض مستوى الأميلويد السام في الدماغ، وقد تكون لهذا الأمر آثار كبيرة لإبطاء تقدم المرض لدى الإنسان. وبالإضافة إلى تزويد العلماء بمزيد من المعرفة عن كيفية بداية المرض، فإن النتائج يتوقع أن تساهم في المستقبل في تحسين جهود البحث واكتشاف العقاقير لاستهداف هذه الخلايا الشائخة على وجه التحديد، وتسريع إمكانية إيجاد علاجات فعالة لمرض الألزهايمر والخرف.