بعد أن فشل في التأثير على واشنطن، بالاعتماد على اللوبيات الأمريكية المستفيدة من ريع النفط والغاز، لجأ نظام العسكر في الجزائر إلى "المجلس الشعبي" و"مجلس الأمة" عبر تجييش المجموعات البرلمانية، الفاقدة للمشروعية الشعبية، التي أقدمت اليوم الخميس على مراسلة جو بايدن بخصوص الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية. وعوض أن يهتم النظام العسكري الجزائري بأوضاع الشعب الجزائري والسعي لحل المشاكل العويصة التي تعيشها البلاد، اختار الهروب إلى الأمام كعادته، من خلال دفع البرلمانيين، الذين عمّروا في مجلسيْ الشعب والأمة والذين لا يتمتعون بأي شرعية شعبية شأنهم في ذلك شأن الجنرالات المتحكمين في زمام الأمور، بهدف معاكسة المغرب والتدخل في شؤونه الداخلية والمس بوحدته الترابية، من خلال مراسلة جو بيدن علّه يتراجع عن قرار ترامب الذي اعترفت من خلاله الولاياتالمتحدةالأمريكية بمغربية الصحراء. نوامُ الأمة الجزائرية، لأنهم ليسوا نوابا عن الشعب الذي لفظهم ومعهم أسيادهم في المؤسسة العسكرية، تناسوا أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء ليس مسألة ميولات شخصية لدونالد ترامب أو خرقا لمبدأ "راسخ في تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية، وقاعدة أساسية في القانون الدولي" كما جاء في رسالة النوام الجزائريين، بل الأمر يدخل في إطار العلاقات الإستراتيجية التي تجمع المملكة المغربية والولاياتالمتحدةالأمريكية منذ أكثر من ثلاثة قرون، أي قبل أن توجد دولة اسمها الجزائر، وهي علاقات تتجاوز طبيعة الحزب الحاكم سواء كان جمهوريا او ديمقراطيا. والغريب في أمر رسالة النوام الجزائريين، بغض النظر عن عقيدة النظام العسكري الداعم لانفصالي البوليساريو والمعادي للمغرب، هو حديثهم عن أن "حق الشعوب في تقرير المصير يشكل مبدأ راسخا في تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية، وقاعدة أساسية في القانون الدولي"، لافتة إلى مساهمة الولاياتالمتحدة في "ترقية هذه القاعدة القانونية التي مكنت العديد من الدول من تحقيق ذاتها الوطنية"، في وقت لا يزال الجنرالات يرفضون منح هذا الحق حتى للشعب الجزائري، ناهيك عن بعض الحركات المطالبة بتقرير مصيرها كما هو الشأن بالنسبة للقبائل وأهل مزاب والتوارق... ولاستدرار عطف جو بايدن واستمالته إلى صفهم، معتقدين أن الرئيس الأمريكي مجرد مغفل مثلهم، لجأ النوّامُ الجزائريون إلى لغة "الشياتة"/الصباغة حيث ختموا رسالتهم(رسالة الجنرالات) بالقول "بالنظر لتجربتكم السياسية الرائدة وحنكتكم الدبلوماسية ومعرفتكم العميقة بالقانون الدولي، فإننا واثقون بأنكم ستعمدون لتصحيح ما قام به الرئيس السابق، خدمة للمواقف الأمريكية، وتحقيقا للعدل والإنصاف فيما يخص القضية الصحراوية"، مدّعين أن "هذا ما سوف يعزز بكل تأكيد الأمن والسلم في شمال إفريقيا والعالم"، في وقت يعرف فيه العالم برمته بأن من يهدد السلم والأمن في المنطقة هو النظام العسكري الديكتاتوري الذي لا يزال يحنّ إلى حقبة الحرب الباردة، وذلك عبر إيواء ودعم وتمويل البوليساريو ماديا ولوجيستيكيا، والدفاع عن أطروحته المشروخة خلال المنتديات والملتقيات الدولية وتسخير دبلوماسيته الفاشلة لمعاكسة مصالح المغرب، وهي جهود لا تبدل الطغمة العسكرية ولو نسبة ضعيفة منها من أجل الدفاع عن مصالح الجزائر وتأمين شروط عيش كريم لشعبها، الذي يعيش أوضاعا مأساوية أدت إلى انطلاق شرارة الحراك الشعبي في 22 فبراير 2019، للمطالبة برحيل النظام الفاسد وكل رموزه، وهي المطالب التي تجددت مع استئناف مسيرات الحراك الشعبي هذه الأيام، والتي قد تعصف بأحد أقدم الديكتاتوريات العسكرية القليلة في العالم.