وصف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الثلاثاء إيران بأنها أصبحت "المقر الجديد" لتنظيم القاعدة، متخطية في ذلك أفغانستان وباكستان، وذلك في موقف أثار ردة فعل إيرانية ساخرة وتشكيك خبراء كثر. وقبل ثمانية أيام من موعد تنصيب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة، أكد بومبيو تقريرا نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" في نوفمبر حول مقتل الرجل الثاني في تنظيم القاعدة عبدالله أحمد عبدالله في طهران في غشت على أيدي إسرائيليين، لكنه لم يدل بأي تعليق حول الجهة التي نف ذت العملية. وقال بومبيو في كلمة ألقاها في نادي الصحافة الوطني "تنظيم القاعدة لديه مقر جديد. إنه الجمهورية الإسلامية الإيرانية". واعتبر بومبيو أن "إيران هي بالفعل أفغانستانالجديدة، كمركز جغرافي رئيسي للقاعدة، لكنها في الواقع أسوأ". وتابع "على عكس أفغانستان، عندما كانت القاعدة مختبئة في الجبال، فإن القاعدة اليوم تعمل تحت حماية النظام الإيراني". وطالب بومبيو الذي دافع دوما عن سياسة تعزيز الضغوط على إيران وعن عملية اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني مطلع العام الماضي، المجتمع الدولي بتشديد الضغوط على الجمهورية الإسلامية، واصفا التحالف المزعوم بين إيران والقاعدة بأنه "قوة هائلة للشر في كل أنحاء العالم". وقال "إذا تجاهلنا محور الشر هذا إيران/القاعدة، فسنكون مسؤولين عن ذلك. علينا أن نواجهه. علينا أن ننتصر عليه". ولم يذهب بومبيو إلى حد الدعوة إلى عمل عسكري، قائلا "إذا كان لدينا هذا الخيار، إذا اخترنا القيام بذلك، فهناك مخاطرة كبيرة جدا بتنفيذه". لكنه أعلن فرض عقوبات على عدد من الأفراد ومكافأة مقدارها سبعة ملايين دولار مقابل معلومات عن عضو في تنظيم القاعدة قال إنه يعتقد أنه موجود في إيران وي عرف باسم محمد أباتاي أو عبد الرحمن المغربي. وتتعارض عقيدة النظام الحاكم في إيران مع أيديولوجيات تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية، وقد انخرط مقاتلون موالون لها في معارك ضد هذين التنظيمين في سوريا. وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الثلاثاء إن بومبيو "يختم مسيرته المهنية الكارثية بمزيد من الأكاذيب المحرضة على الحروب"، وفق ما أوردته وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء "إرنا". وجاء في تغريدة أطلقها وزير الخارجية الإيراني "لا احد ينخدع (بما يقوله الوزير الأميركي)، لان جميع الارهابيين (الضالعين) في حادث 11 شتنبر كانوا من رعايا الدول المحببة لبومبيو في الشرق الاوسط؛ ولم يكن اي منهم ايرانيا"، وفق الوكالة الإيرانية. وأقر بومبيو بأن مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن كان "يعتبر أن أعضاء القاعدة في جمهورية إيران الإسلامية رهائن"، وأنه لا يوجد دليل على دعم إيران لهجمات 11 شتنبر 2001 التي نفذها انتحاريون معظمهم سعوديون. لكن الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزية، قال إن إيران في السنوات الأخيرة أعطت القاعدة مساحة أكبر من الحرية، بما في ذلك إصدار وثائق سفر، وأن التنظيم لديه "قيادة مركزية" في طهران. ويعتقد العديد من الخبراء أن طهران سمحت لعناصر من تنظيم القاعدة باستخدام أراضيها الآمنة نسبيا من الجيش الأميركي، بغية توفير ضمانات بأن المتطرفين لن يستهدفوا إيران. وقال تريتا بارسي نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي للأبحاث إن غالبية دول الشرق الأوسط توص لت إلى ترتيبات تكتيكية مع مقاتلين، وليس هناك فعلا ما يوحي بوجود تحالف بين إيران والقاعدة. وقال "يمكنك الاستناد إلى جزيئيات ليست بحد ذاتها خاطئة وتحويلها إلى استنتاج مختلف تماما عما تشير إليه الوقائع". وتساءل "لو صح ذلك، لم يكشفه قبل تسعة أيام من مغادرته المنصب؟"، وأضاف أنه كان باستطاعة بومبيو أن يستغل قضية القاعدة لتبرير حملة "الضغوط القصوى" التي مارسها ترامب على إيران. وتابع أن "كشف هذا الأمر الآن يعطيني انطباعا بأن التفسير الأكثر منطقية هو أنه يقوم بذلك في محاولة مستميتة لمنع إدارة بايدن من رفع الضرر". ولم يوج ه بومبيو في كلمته أي رسالة إلى تنظيم الدولة الإسلامية الذي تخطى تهديده في غالبية دول العالم خطر تنظيم القاعدة، وشن هجمات في طهران في العام 2017. من المتوقع أن يسعى بايدن إلى العودة للمقاربة الدبلوماسية في الملف الإيراني، وقد اختار الدبلوماسي المتقاعد والمرموق وليام بيرنز لتولي إدارة وكالة الاستخبارات المركزية "سي.آي.إيه". وحديثا اتخذ بومبيو مواقف أكثر تشددا على الصعيد الدبلوماسي في حين يواجه ترامب احتمال إطلاق إجراءات لعزله على خلفية اقتحام مناصرين له مقر الكونغرس. وهو أعلن مساء الأحد أن الولاياتالمتحدة ستصنف الحوثيين في اليمن على قائمتها السوداء للجماعات "الإرهابية"، رغم تحذيرات منظمات الإغاثة من أن تفاق م تداعيات هذا القرار الأزمة الإنسانية الحادة في هذا البلد. والإثنين رصدت مراسلة صحيفة "بوليتيكو" بومبيو مع قائد جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "موساد" في مطعم يعد "الوجهة الأمثل في واشنطن لاستقطاب الأنظار". والعام الماضي أفاد تقرير لصحيفة نيويورك تايمز أن عناصر إسرائيليين يعتقد أنهم وراء مقتل أبو محمد المصري، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، في طهران، علما أنه مدرج في قائمة واشنطن للمطلوبين على خلفية تفجير سفارتي الولاياتالمتحدة في كينيا وتنزانيا في العام 1988.