أكد المشاركون في حلقة نقاش نظمت، أمس الخميس بباريس، في إطار المنتدى السنوي "بي.بي.إي فرانس إينو جينيراسيون"، أحد أكبر التجمعات الأوروبية المخصصة للمقاولين، أن المغرب أضحى بوابة لولوج الاستثمارات إلى إفريقيا، وذلك بفضل موقعه الجغرافي، وانفتاحه، واستقراره السياسي والاقتصادي. وشارك في هذا النقاش الافتراضي كل من كريم الإدريسي القيطوني، المدير التنفيذي المكلف بسوق المقاولات لمجموعة التجاري وفا بنك، وإيريك بونيل، المدير العام ل "إير ليكويد المغرب"، المقاولة المتواجدة في بالدارالبيضاء، ومن باريس مريم بريغي، المسؤولة ببنك بروباركو، فرع الوكالة الفرنسية للتنمية، و سعد بندورو، نائب رئيس بعثة بسفارة المغرب في فرنسا. وأكد الإدريسي القيطوني، بهذه المناسبة، أن المغرب أضحى "جسرا حقيقيا" بين أوروبا وإفريقيا، وقطبا لوجيستيا عبر موانئه الرئيسية وشبكة طرقه التي تربط البلاد بإفريقيا جنوب الصحراء، وجوا عبر مطار الدارالبيضاء الدولي الذي يسير رحلات إلى غالبية العواصم الإفريقية. وأضاف أن الموقع الاستراتيجي للمملكة يفسر، أيضا، باستقرارها السياسي والاقتصادي وإطارها التنظيمي المستقر، الذي يشكل "مركزا حقيقيا ماليا قويا"، مع معدل تضخم معتدل ومضبوط. وأشار الإدريسي القيطوني، الذي تطرق للتطور الذي يشهده التجاري وفا بنك في إفريقيا، إلى زخم الانفتاح وتحرير المبادلات التجارية الذي تعرفه المملكة منذ سنوات، مذكرا بأن المغرب يتوفر على مركز مالي متين، من خلال منظومته المصرفية "المتطورة للغاية والمتجذرة في القارة الإفريقية". من جهته، ركز إريك بونيل، الذي يرأس أيضا المجموعة الإفريقية للجنة المغرب لمستشاري التجارة الخارجية بفرنسا، إلى إستراتيجية المغرب الإفريقية من زاوية الأزمة الصحية، مؤكدا أن المملكة هي أحد بلدان الشرق وجنوب البحر الأبيض المتوسط التي راهنت على موقعها الجغرافي ومؤهلاتها عند مفترق طرق إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط. وأوضح أن تنويع الاقتصاد على المستوى الجغرافي والقطاعي هو أيضا في صميم الأولويات الإستراتيجية للمملكة، مشيرا إلى أنه منذ مطلع الألفية الثانية، حاول المغرب البحث عن مصادر للنمو في القارة الإفريقية، وذلك بسبب عدد من العناصر، منها قربه الجغرافي، واللغوي، والتاريخي، والثقافي، والديني، والدبلوماسي من دول القارة. وقال إن المغرب يعبر "بوضوح" عن طموحه في التموقع كرائد إقليمي، مشيرا إلى أن التوجه الإفريقي للمغرب نشأ في سنوات الثمانينيات من خلال انتشار الخطوط الملكية المغربية، واستقرار العديد من المقاولات المغربية "الرائدة" بإفريقيا في مجالات الخدمات، والأبناك، والتأمين على وجه الخصوص. وأشار بونيل إلى أن "هذه الريادة تتجلى ليس فقط من وجهة نظر سياسية ودبلوماسية واقتصادية، لكن كذلك من حيث الاستثمار"، لاسيما في البنيات التحتية مثل ميناء طنجة المتوسط، والقطب المالي للدار البيضاء، المشروع الموجه نحو إفريقيا، أو "المشروع الكبير" للمغرب المتعلق بإحداث ممر بري نحو أبيدجان ودكار. ولفت إلى أن هذا الحضور المغربي في إفريقيا يندرج في إطار الإستراتيجية المعلن عنها من قبل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لوضع القارة في قلب السياسة الخارجية المغربية، خدمة للتعاون التضامني مع إفريقيا، مذكرا بالمبادرات التي اتخذتها المملكة خلال المرحلة الأولى من وباء "كوفيد-19"، وذلك لفائدة عدة دول في القارة، قصد مساعدتها في مكافحة الفيروس. وذكرت مريم بريغي بمصاحبة "بروباركو" بالمغرب في إطار انفتاحها على إفريقيا على مدى الخمسة عشر عاما الماضية، كما تناولت الجوانب المختلفة لهذا الدعم، لاسيما من خلال آليات التمويل والضمان الممنوحة للمقاولات الراغبة في الاستثمار بالمغرب، والتواصل والدعم القانوني للفاعلين الاقتصاديين. من جانبه، سلط سعد بندورو الضوء على التجذر الإفريقي للمغرب، مشيرا إلى أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس عزز هذا الترابط بأبعاد سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية وإنسانية وروحية. وأوضح أن المغرب ماض في تعزيز هذا النهج الشامل القائم منذ أزيد من 9 قرون. وقد تم أيضا التطرق للنموذج المغربي خلال هذا المنتدى، في إطار ندوة افتراضية حول المنظومات الجديدة للابتكار في إفريقيا، التي عرفت مشاركة توفيق لحرش، الكاتب العام لصندوق الضمان المركزي بالمغرب.