تستمر حملة الاعتقالات والملاحقات القضائية التي تطاول ناشطي الحراك الشعبي في مناطق مختلفة من الجزائر، إثر بروز بوادر عودة محتملة لمظاهرات الحراك خلال الأسابيع المقبلة بعد رفع الحجر الصحي، رغم تعهدات معلنة من قبل الرئاسة الجزائرية بإطلاق سراح المعتقلين وتنفيذ تدابير تهدئة في البلاد. واعتقلت قوات الأمن الجزائرية الناشط محاد قاسمي من بيته بأدرار جنوبي الجزائر، بعد يومين من التحقيق معه من قبل مكتب استماع تابع للأمن حول تهمة ممارسة نشاط تحريضي ونشر معلومات لا أساس لها من الصحة، كما تم التحقيق معه من قبل مكتب التنسيق الفرعي مع الإنتربول بشأن تهمة الإشادة بالإرهاب. وبرز الناشط محاد قاسمي منذ عام 2015، بعد تصدره للاعتصام التاريخي في منطقة عين صالح جنوبي الجزائر، ضد قرار الحكومة استغلال الغاز الصخري، كما برز في مظاهرات الحراك الشعبي منذ فبراير2019، كأبرز الوجوه المعبرة عن الحراك في منطقة الجنوب. وفي نفس السياق، اعتقلت قوات الأمن الجزائرية الناشط في الحراك الشعبي عبترون زهير، والذي قضى ليلة في مركز للشرطة قبل تقديمه يوم الأربعاء المنصرم للمحاكمة، بتهمة كتابة منشورات على "فيسبوك"، حيث التمست النيابة العامة في محكمة القليعة السجن لمدة عامين في حقه. وتم استدعاء الناشط قريني كريم من قبل الشرطة القضائية بمنطقة واد ارهيو غربي الجزائر للتحقيق معه حول منشورات على "فيسبوك" وملاحقته بسبب نشاطه في الحراك الشعبي، كما اعتقل الناشط نبيل شرفي من قبل الأمن في منطقة تبسة شرقي الجزائر، حيث يوجد رهن الاعتقال، على خلفية كتابات له على موقع "فيسبوك"، إذ وجهت له تهمة "المساس بالأمن العمومي وعرض منشورات من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية والتقليل من شأن الأحكام القضائية". وفي منطقة تلسمان غربي الجزائر، اعتقل الأمن الناشط سيد أحمد مدلج قرب مركز البريد، عندما كان يقوم بتصوير التدافع الكبير وعدم مراعاة مسافات الأمان في المركز بسبب إخفاق السلطات في تنظيم الخدمة البريدية. كما مثل، يوم الاربعاء المنصرم، معتقل الرأي السابق الناشط رياض وشان أمام المحكمة بعد استئنافه لحكم سابق بالسجن صدر في حقه، فيما اعتقل الناشط عمراني محمد أرزقي وأودع الحبس المؤقت في منطقة تيقزيرت قرب العاصمة الجزائرية، قبل محاكمته في 15 يونيو الجاري بتهمة عرض منشورات على "فيسبوك" وإهانة هيئة نظامية. وتأتي حملة الاعتقالات الجديدة، برغم تأكيدات نقلها رئيس حزب "جيل جديد" جيلالي سفيان قبل أيام عن عبد المجيد تبون، الرئيس المعين من طرف الجيش، بشأن رغبته في إطلاق سراح الناشطين المعتقلين، وخاصة كريم طابو وسمير بلعربي، وتوخّي نهج التهدئة، إضافة إلى تأكيد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الجزائرية محند السعيد أوبلعيد ذلك، في مؤتمره الصحافي، يوم الثلاثاء الماضي، ودعوته المعارضين للحوار وطرق أبواب الرئاسة. ويعتقد مراقبون أن استمرار القبضة الأمنية للسلطات، مرتبط باستمرار مخاوف السلطة من عودة الحراك الشعبي إلى الشارع، بعد قرار السلطات رفع الحجر الصحي في 14 يونيو الجاري، وخاصة مع بوادر الرفض الشعبي والسياسي لمسودة الدستور التي طرحها الرئيس عبد المجيد تبون. وقال الناشط الحقوقي والمحامي عبد الغني بادي إن "استمرار حملة الاعتقالات لا يضع تعهدات السلطة محل شك ويحرج شركاءها الذين ينقلون تعهداتها، ولكنه يؤكد أن السلطة لم تغير أيا من أساليب تعاطيها مع قضايا الرأي والحريات، ومحاولتها فرض تصور سياسي واحد على الجميع دون نقاش"، مشيرا إلى أن "السلطة ليس لها أية نية في تنفيذ إجراءات تهدئة".