اندلعت احتجاجات تنديدا بالصعوبات الاجتماعية المتفاقمة في مدينة طرابلسبلبنان مجددا، وامتدت إلى مدن لبنانية أخرى، مع إضرام النار في عدد من البنوك. وذكرت مصادر أمنية وطبية أن محتجا قتل في أعمال الشغب ليل الإثنين. وفاقم إغلاق الأعمال وتوقف الأنشطة العامة سعيا للحد من انتشار فيروس كورونا من المصاعب الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. وأضرم المحتجون في مدينة طرابلس بشمال البلاد النار في عدة بنوك، وحطموا واجهاتها، مما دفع الجيش إلى استخدام الغاز المسيل للدموع والطلقات المطاطية. واحتشد المتظاهرون ليل الثلاثاء في الساحة الرئيسية فيما رشق البعض قوات الأمن بالحجارة في الشوارع الجانبية. وأسفرت أعمال الشغب في الليلة الماضية أيضا عن حرق سيارات وتحطيم ماكينات صرف آلي. وأصبحت البنوك هدفا للمحتجين الغاضبين من تجميد ودائعهم. وألقى محتجون في مدينة صيدا بجنوب لبنان قنابل حارقة على مبنى تابع للمصرف المركزي، وهم يرددون هتاف "ثورة" وأضرموا النار في واجهة المبنى قبل أن يهشموا واجهات بنوك. وفي بيروت، نظم العشرات، وضع بعضهم كمامات طبية، مسيرة في أرجاء المدينة بينما كانوا يرددون شعارات ضد النظام المصرفي، ويدعون لبنانيين آخرين للانضمام إليهم. وفي وقت لاحق، رشقت الحشود قوات الأمن التي تمركزت أمام المصرف المركزي بالحجارة. احتجاجات ضد غلاء المعيشة والعطالة ويحتج المتظاهرون على الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الاستهلاكية وانهيار قدرتهم الشرائية مع تدهور قيمة الليرة. ويشكو كثيرون من عدم قدرتهم على تأمين لقمة عيشهم خصوصاً خلال شهر رمضان. وأوضح خالد (41 عاما) أنه شارك في التظاهرة بعدما خسر عمله في بيع قطع تبديل السيارات ولم يعد قادراً على تأمين حاجات أولاده الثلاثة. وقال "نزلت لأرفع صوتي ضد الجوع والفقر والغلاء والظلم.. لأطالب بأبسط حقوقنا المعيشية"، منتقداً العنف الذي مارسته القوى الأمنية بحق المتظاهرين. وبحسب تقديرات رسمية، يرزح 45 في المئة من اللبنانيين حاليا تحت خط الفقر. وخسر عشرات الآلاف مورد رزقهم أو جزءا من رواتبهم خلال الأشهر الستة الماضية. وأقفلت مجمعات تجارية وفنادق عريقة وشركات صغيرة ومتوسطة أبوابها. دياب يدعو لوقف العنف ويتهم "نوايا خبيثة" بهز الأمن والاستقرار وحث رئيس الوزراء حسان دياب اللبنانيين على الامتناع عن العنف، وقال إن "نوايا خبيثة خلف الكواليس" تهز الأمن والاستقرار. وأضاف دياب في بيان "نحن اليوم أمام واقع جديد، واقع أن الأزمة المعيشية والاجتماعية تفاقمت بسرعة قياسية، وجزء منها بفعل فاعل، خصوصا مع ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق السوداء إلى مستويات قياسية". وبذلت حكومة دياب، التي تشكلت في يناير كانون الثاني بتأييد من جماعة حزب الله الشيعية المدعومة من إيران، جهدا مضنيا لتطبيق إصلاحات يطالب بها المانحون الأجانب للإفراج عن مليارات الدولارات كانوا قد تعهدوا بها. وقال فهد مقدم، وهو محام من طرابلس، "الناس فقدوا قدرتهم الشرائية، وليس لدى الدولة خطة لعمل أي شيء. البنوك مغلقة ولا تصرف أموالا للناس. أعتقد أن هذه الحكومة يجب أن تستقيل". وقالت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد بعد اجتماع للحكومة إنه يجري وضع اللمسات النهائية على خطة الإنقاذ، التي قدرت مسودة منها هذا الشهر خسائر القطاع المصرفي بمبلغ 83 مليار دولار. وقال أبو حسين، وهو أحد نشطاء طرابلس، "هذه ليست أعمال شغب، إنها تعبر عن (الغضب) من أن الدولار وصل إلى 4000 ليرة لبنانية... كيف سيأكل الناس؟ وهذا هو شهر رمضان المبارك". وقال الجيش إن قنبلة حارقة ألقيت الليلة الماضية على إحدى مركباته وألقيت قنبلة يدوية على دورية، وأنحى باللائمة على "عدد من المتسللين" ودعا المحتجين السلميين لمغادرة الشوارع سريعا. وذكر بيان لاحق للجيش أن 40 جنديا أصيبوا في طرابلس وأماكن أخرى بعد رشق دوريات تعمل على إعادة فتح الطرق بالحجارة. وجاء في البيان أن ثلاثة بنوك وعدة ماكينات صراف آلي في طرابلس أحرقت وألقي القبض على تسعة محتجين. وأعلنت جمعية مصارف لبنان إغلاق جميع بنوك طرابلس اعتبارا من الثلاثاء إلى حين استعادة الأمن قائلة إن البنوك استُهدفت في هجمات وأعمال شغب خطيرة.