يشكل برنامج مدن المهن والكفاءات، الذي ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس في وقت سابق حفل توقيع اتفاقية تمويله، العمود الفقري لخارطة الطريق الجديدة لتطوير التكوين المهني. ويهم هذا البرنامج، الذي قدم أمام صاحب الجلالة في 4 أبريل 2019، والذي يكلف مبلغا استثماريا بقيمة 3,6 ملايير درهم، إنجاز 12 مدينة للمهن والكفاءات على مستوى مختلف جهات المملكة، والتي ستعد بمثابة منصات متعددة الأقطاب والتخصصات للتكوين المهني، ستستقبل كل سنة 34 ألف متدرب. ويدشن هذا البرنامج جيلا جديدا من مؤسسات التكوين المهني، يمكن من تعزيز قابلية تشغيل الشباب، ويرفع من تنافسية المقاولات، ويحفز خلق القيمة على المستوى المحلي. وبغية توفير تكوين مهني ذي جودة عالية، قادر على تلبية حاجيات سوق الشغل من الكفاءات، يتمحور تصور مدن المهن والكفاءات حول ثلاث ركائز أساسية تهم توفير عرض تكويني محين، وفضاءات بيداغوجية حديثة، وتثمين الرأسمال البشري. وسيشكل نظام الحكامة الجديد، القائم على التدبير عبر "شركات مجهولة الاسم"، دعامة أساسية لهذه الركائز الثلاث، بما يساهم في خلق تقارب وتفاعل أكبر بين مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل والمقاولة وكذا الجهة، وضمان مرونة وسلاسة في التدبير تمكنانها من التكيف بشكل فعال ومتواصل مع حاجيات سوق الشغل. وقد تم تحديد عرض التكوين الذي ستوفره مدن المهن والكفاءات بهدف الاستجابة لحاجيات المنظومات الاقتصادية الجهوية من الكفاءات ودعم تنميتها. وتم تطوير هذا العرض باعتماد مقاربة تشاركية عبر عقد سلسلة من الورشات للتفكير وتبادل الآراء، ومجموعة من الاجتماعات الجهوية بين مكتب التكوين المهني والوزارات (6 قطاعات وزارية)، والمهنيين (الاتحاد العام لمقاولات المغرب والفيدراليات والجمعيات المهنية، ومقاولات كبرى)، والجهات الترابية. وسيغطي العرض التكويني الجديد 12 قطاعا، 3 منها جديدة تتعلق بالرقمنة والذكاء الاصطناعي، والصحة، والخدمات المقدمة للأفراد وللجماعات. وسيتم تنزيله عبر 195 شعبة تكوينية تستهدف بشكل أساسي المهن الجديدة، في تكامل تام مع العرض التكويني الحالي، والذي سيستفيد بدوره من إعادة الهيكلة في إطار مشروع "تأهيل العرض التكويني الحالي"، الذي يندرج ضمن مشاريع خارطة الطريق الجديدة. وستشكل التكوينات المتوجة بدبلوم والتي توفر 3 مستويات للتكوين (العامل المؤهل، التقني، والتقني المتخصص) 68 بالمائة من العرض الإجمالي وتستهدف الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و30 سنة. وسيتم تخصيص النسبة المتبقية للتكوينات التأهيلية، عبر مسارات قصيرة المدة، تمكن من اكتساب أو تعزير كفاءات خاصة، وتتوج بالحصول على شهادة. وستتميز هندسة التكوين التي ستؤطر البرامج الجديدة بتنمية الكفاءات بشكل أساسي عبر الممارسة العملية، وإدماج قوي للرقمنة في التكوين (التعلم الإلكتروني، وبرامج للمحاكاة واكتساب معارف في المجال الرقمي ...) كما سيتم تخصيص 30 بالمائة من المقررات الجديدة لتقوية الكفاءات الذاتية، اللغوية والرقمية والمقاولاتية، بشكل أولوي، وكذا إضافة أسدس لشعب قطاعي "الفندقة والسياحة" و التسيير والتجارة"، مخصص لتعزيز اللغات الأجنبية والكفاءات الذاتية. ويتعلق الأمر أيضا ببرامج جديدة لتحسيس المتدربين وتشجيعهم على خلق المقاولة، وكذا مواكبة حاملي المشاريع ودعمهم لإنشاء مقاولاتهم، بالإضافة إلى استخدام مناهج بيداغوجية جديدة، أكثر تفاعلية، تمكن من تحرير الطاقات الابداعية للمتدربين (البيداغوجية الإيجابية، التعلم عبر المشاريع، التفكير التصميمي....). وسيستفيد متدربو مدن المهن والكفاءات من فضاءات حديثة، توفر لهم بيئة معيشية وتعليمية تحفز على اكتساب الكفاءات وتنمية القدرات الذاتية والإبداعية. وقد تم تصميم فضاءاتها على شكل بنيات مشتركة تقدم خدمات مختلفة لفائدة المتدربين من مختلف القطاعات والمهن (مراكز اللغات والمكتبات الوسائطية ومراكز التوجيه الوظيفي...)، وأقطاب قطاعية خاصة بالمهن. ولتمكين الشباب القاطنين بمختلف مناطق الجهات ولا سيما بالمناطق النائية من ولوج مدن المهن والكفاءات، ستتوفر كل مدينة على دار للمتدربين، توفر خدمات الإيواء والمطعمة بمعدل 16 بالمائة من مجموع المتدربين.