قال السيد محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، اليوم الاثنين، في كلمة بمناسبة بمناسبة افتتاح أشغال اللقاء القضائي المغربي الإسباني السابع المنعقد على مدى يومين بمراكش، إن علاقات التعاون القضائي بين المملكتين المغربية والإسبانية تتميز بالسرعة والفعالية، مؤكدا أن "اجتماع قضاة المحاكم العليا، ملتقى قانونيا وقضائيا متميزاً". وأضاف رئيس النيابة العامة، في كلمته التي توصلت تلكسبريس بنسخة منه اليوم، أن اللقاء المغربي الإسباني السابع بين محكمة النقض المغربية والمحكمة العليا والمجلس العام للسلطة القضائية بإسبانيا، يشكل فرصة ذهبية لقضاة الدولتين لزيادة متانة العلاقات القضائية، وتوطيد دعائم التعاون القضائي، وكذلك مناسبة سانحة لتبادل الخبرات والتجارب الناجعة، والتعرف على الاجتهادات القضائية والمستجدات التشريعية. وإذا كان هذا اللقاء السابع من نوعه، يضيف محمد عبد النباوي، "قد تأتى اليوم بعد مرور سنوات عن آخر اجتماع للمحكمتين الأعلى في البلدين، فإنه يلتئم هذه المرة، بعد استقلال السلطة القضائية في المغرب وتأسيس مجلسها الأعلى، ونقل السلطات على النيابة العامة إلى أحد قضاة محكمة النقض"، مؤكدا أن هذا "الحدث التاريخي، الذي طرأ خلال سنة 2017، أدى إلى انفصال تام للسلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وانتهاء كل علائق التبعية التي كانت مع الوزارة المكلفة بالعدل، وابتدأ عهد دستوري جديد يتمثل في التعاون بين سلطات الدولة الثلاث وتوازنها." وقال رئيس النيابة العامة "إن النيابة العامة بالمملكة المغربية جزء من السلطة القضائية المستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية. وجميع أعضائها قضاة يتم تدبير وضعيتهم المهنية منذ الالتحاق بسلك القضاء إلى مغادرته نهائيا، بواسطة المجلس الأعلى للسلطة القضائية. كما أن هذا المجلس يحمي استقلال جميع القضاة، سواء قضاة الأحكام، أو قضاة النيابة العامة." و"خلافاً لقضاة الأحكام، الذين يتمتعون بالاستقلال التام في ممارسة مهامهم، ولا يلزمون سوى بتطبيق القانون وحده، فإن قضاة النيابة العامة يشكلون سلسلة رئاسية تنتهي برئيس النيابة العامة." يقول رئيس النيابة العامة مضيفا أن هؤلاء "بالإضافة إلى التزامهم بتطبيق القانون، ملزمون بتنفيذ التعليمات القانونية الصادرة عن رؤسائهم التسلسليين. وهو ما يسهل عملية التنسيق والانسجام في تطبيق القانون عبر سائر مناطق المملكة." وحول مهام النيابة العامة أوضح السيد عبد النباوي أن هذه الأخيرة وتشرف على "الأبحاث القضائية في الجرائم، ويتوفر قضاتها لأجل ذلك، على سلطة على ضباط الشرطة القضائية، الذين يعملون تحت إشرافهم، ويحيلون محاضرهم وتقارير الأبحاث التي ينجزونها على النيابة العامة. لتقرر بشأنها ولها في ذلك اختيارات ثلاثة أساسية : وهي إما حفظ القضية أسباب مختلفة من بينها سلطة الملاءمة، أو إحالتها مباشرة على هيأة المحكمة للمحاكمة، أو إحالتها على قاضي التحقيق لإتمام التحقيق بشأنها. ويحدد القانون شروط وشكليات كل حالة على حدة." و"تحضر النيابة في جلسات المحاكم الزجرية وجوباً باعتبارها جزءاً من هيئة المحكمة. ويجلس قضاتها على منصة القضاء إلى يمين قضاة الحكم. كما يحدد القانون الدور الذي تقوم به النيابة العامة في الدعاوى المدنية، والصفة التي يمكن بواسطتها أن تتدخل في الدعوى. حيث تكون إما طرفاً رئيسياً، فيمكنها أن تكون مدعية أو مدعى عليها في الدعاوى، وتخول سائر الحقوق التي يمارسها الأطراف في هذه الحالة. أو طرفا منضماً، حيث تنضم إلى الدعوى بجانب أحد أطرافها للدفاع عن القانون أو عن النظام العام. وفي هذه الحالة لا تمارس حقوق الطعن"، يوضح رئيس النيابة العامة مضيفا أنه "ومنذ 07 أكتوبر 2017، وهو التاريخ الذي تم فيه نقل الصلاحيات التي كان وزير العدل يمارسها على أعضاء النيابة العامة إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، أصبح هذا الأخير، بصفته رئيساً للنيابة العامة، مسؤولاً عن تسيير النيابة العامة، وعن تنفيذ السياسة الجنائية. ولذلك فإن رئيس النيابة العامة يتابع أداء النيابات العامة بالمملكة ويقيِّم نتائج عملها في مجال مكافحة الجريمة." وفي إطار إشرافه على تنفيذ السياسة الجنائية، يقول السيد عبد الناباوي، فإن رئيس النيابة العامة "يصدر دوريات كتابية لتوجيه أعضاء النيابة العامة إلى تطبيق القانون وتحديد الأولويات التي تستأثر باهتمام السياسة الجنائية. وفي هذا الصدد فإن أبرز دوريات رئيس النيابة العامة تتجه إلى تأطير أداء النيابة العامة لحماية حقوق الإنسان ودعم الحريات الأساسية والتمسك بمبادئ وقواعد المحاكمة العادلة من جهة، وتدعو من جهة ثانية سلوك الحزم والصرامة في مكافحة المظاهر الإجرامية المختلفة، ولاسيما جرائم الإرهاب والتطرف، والفساد المالي والاتجار بالبشر والاعتداء على القاصرين وغيرها من الجرائم التي يوليها المشرع أو السياسات العامة للدولة اهتماماً خاصاً، أو تستأثر باهتمام الرأي العام أو تتعلق بالالتزامات الدولية للمملكة." وقال السيد عبد النباوي إن دوريات رئيس النيابة العامة تشكل "محور تنفيذ السياسة الجنائية وذلك لأنها تنبثق من القانون، وتلتزم بنصوصه من جهة. كما أنها تكون كتابية، ولذلك يعطيها الدستور )الفصل 110( صبغة الالزام بالنسبة لقضاة النيابة العامة من جهة ثانية. ولذلك يتم استعمالها لتحسيس أعضاء النيابة العامة بالقوانين المستحدثة والتشريعات الجديدة، وكذلك لتعبئتهم من أجل الحرص على التطبيق السليم للقانون بالنسبة لمواضيع هامة، كحماية الاستثمار، وتحقيق السلم الاجتماعي وحماية حقوق العمال والأجراء ... وغيرها من المواضيع." وأشار السيد عبد النباوي إلى أن النيابة العامة تقوم بدور "أساسي وهام في مجال التعاون القضائي الدولي، سواء في المجال الجنائي عن طريق دورها في المساطر القضائية لتسليم المجرمين والمتهمين والمشتبه فيهم، أو تنفيذ الإنابات القضائية الجنائية، أو بتبليغ الطيات القضائية، أو المبادرة إلى تفعيل الشكايات الرسمية. أو في الميدان المدني عن طريق الإنابات والطيات القضائية والدور الهام في مجال المساطر المتعلقة باختطاف الأطفال وكذلك بتذييل الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية." وفي هذا الإطار، أوضح السيد عبد النباوي أن رئاسة النيابة العامة توصلت، خلال سنة 2019، ب 22 إنابة قضائية جنائية من إسبانيا، وأحالت على السلطات القضائية الإسبانية عشر إنابات. كما توصلت رئاسة النيابة العامة ب 4 طلبات للتسليم من السلطات الإسبانية وأحالت عليها 28 طلباً للتسليم. كما توصلت السلطات المغربية، يضيف رئيس النيابة العامة، ب 7 شكايات رسمية من إسبانيا، وأحالت عليها شكايتين رسميتين. بالإضافة إلى عدد من الطيات القضائية. ثم تم تسجيل خمسة ملفات لاسترجاع الأطفال وممارسة حق الزيارة والحضانة أو الإجراءات الحمائية للأطفال بين البلدين. بالإضافة إلى ملفين اثنين يتعلقان باستيفاء النفقة بالخارج. وحول علاقات التعاون القضائي بين المملكتين المغربية والإسبانية، التي تتميز بالسرعة والفعالية، أكد السيد عبد النباوي أن "الفضل في ذلك يرجع بالأساس إلى حرص السلطات في البلدين، وفي مقدمتها السلطات القضائية، على التعامل بجدية مع طلبات التعاون. التي يَسَّرَهَا إقدامُ البلدين على تبني نظام قضاة الاتصال. وهي مناسبة لأحيي كلا من قاضي الاتصال الإسباني بالرباط وقاضي الاتصال المغربي بمدريد، على جهودهما المثمرة وتجاوبهما الفوري مع كل الطلبات." وأشار رئيس النيابة العامة "إلى الدور الهام الذي تلعبه الهيأة الرباعية للنيابات العامة المكلفة بالإرهاب بالبلدين وبكل من فرنسا وبلجيكا، في مجال مكافحة الإرهاب بالبلدان الأربعة، وهي تلقى دعماً من السلطات المغربية لتسهيل مهام التواصل وتبادل المعلومات والخبرات بين أعضائها، الذين اجتمعوا بهذه المدينة في منتصف شهر دجنبر الماضي". وبخصوص اللجنة الرباعية للإرهاب، إقترح رئيس النيابة العامة " إنشاء لجان موضوعاتية في صلب هذه اللقاءات من أجل تعميق النقاش في مواضيع معينة ولاسيما المستجدات القانونية والاتجاهات القضائية الحديثة".