خلقت مغادرة رجل الأعمال اللبناني الفرنسي البرازيلي كارلوس غصن، الرئيس السابق لتحالف "رينو-نيسان"، أول أمس الاثنين، طوكيو باتجاه بيروت صدمة كبيرة في اليابان وسط دوامة من التساؤلات حول ظروف هذه العملية. واتضحت معالم الصدمة من خلال تعليقات الصحافة المحلية، المعروفة بانتشارها الواسع، والتي وصفت غصن ب"الجبان" لأنه "فر إلى لبنان لتجنب محاكمته في اليابان". وكتبت صحيفة "يوميوري شيمبون"، التي يبلغ سحبها نحو 9 ملايين نسخة يوميا، إن الهروب "عمل جبان". وأضافت أن غصن وبمغادرته اليابان "خسر فرصة إثبات براءته والدفاع عن شرفه". استهزاء ب"النظام القضائي الياباني" واعتبرت الصحيفة نفسها أن مغادرة رجل الأعمال اللبناني الفرنسي استهزاء ب"النظام القضائي الياباني"، محملة مسؤولي الهجرة والمحكمة ومحامي الدفاع عنه "بعض المسؤولية" في هذه القضية. وأوردت صحيفة "طوكيو شيمبون" الليبرالية (ثمانية ملايين نسخة يوميا) من جهتها أن سفر كارلوس غصن إلى الخارج "من دون إذن مخالف لشروط الإفراج عنه بكفالة ويهزأ من النظام القضائي الياباني". وأثارت بعض وسائل الإعلام مسألة الخروج من السجن بكفالة من زاوية "معنوية" إذ اعتبرته أنه "قرار غير حكيم". وكان المدعون قد أعربوا آنذاك عن الخشية من احتمال مغادرته البلاد نظرا لصلاته القوية عبر العالم. لكن غصن نفسه دافع عن هذا الخيار، قائلا إنه يريد المثول أمام المحكمة لإثبات براءته، فيما أكد أحد محامي الدفاع عنه في ذلك الوقت أن "ليس هناك أي احتمال في أن يغادر" موكله البلاد دون أن يرصده أحد" إذ أنه "وجه معروف جدا". المحكمة التي منحت الكفالة لغصن قد "خضعت لضغط خارجي" أما صحيفة "سانكي شيمبون" المحافظة، وهي واحدة من الصحف اليابانية الخمس الرائدة (وفي مقدمتها يوميوري شيمبون)، فكشفت بأن المدعين يعتقدون أن المحكمة التي منحت الكفالة لغصن قد "خضعت لضغط خارجي". ونقلت صحيفة "ماينيتشي شيمبون" اليسارية، والتي تأسست في عام 1872، عن مدع بارز قوله: "هذا ما تنبأنا به"، متحسرا من أن "العمل المضني الذي قام به المدعون لجمع الأدلة في اليابان والخارج ضده" قد دمر. وتم الإفراج عن كارلوس غصن بكفالة مرتين، الأولى في مطلع مارس 2019 والثانية بعد إعادة توقيفه في أبريل. لبنان لم يوقع اتفاقية للتعاون القضائي مع اليابان وتفاجأ محاميه، جونيشيرو هيروناكا، بمغادرته اليابان قائلا "إنني مذهول لأن جوازات سفره الفرنسي واللبناني والبرازيلي كلها بحوزة فريق الدفاع عنه بموجب بند الإفراج عنه بكفالة، ولم يكن قادرا على استخدام أي منها للفرار من اليابان. ما فعله لا يمكن تبريره". من جهتها، أكدت فرنسا أنها لم تكن على علم بمغادرة كارلوس غصن اليابان ولا بظروف هذه المغادرة، وقال وزير الداخلية كريستوف كاستانير الثلاثاء إن القانون الفرنسي لا يستثني أحدا من العقاب بغض النظر عن جنسيته. أما لبنان، فقال في بيان لوزارة خارجيته إنه "بعث لحكومة اليابان منذ عام مراسلات رسمية بخصوص غصن لكنه لم يتلق أي رد". وتابع "تم تسليم ملف كامل لمساعد وزير الخارجية اليابانية أثناء زيارته إلى بيروت قبل أيام.. ولبنان لم يوقع اتفاقية للتعاون القضائي مع اليابان لكن الدولتين تتبدلان المعلومات وفق اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد". كما أكدت السلطات اللبنانية الثلاثاء أن غصن دخل لبنان "بصورة شرعية"، مؤكدة أن لا شيء يستدعي ملاحقته. وكان غصن قد أكد في البيان الذي نقله المتحدثون باسمه في طوكيو مع رحيله "أنا لم أعد بعد اليوم رهينة لنظام قضائي ياباني متحيز، حيث يتم افتراض الذنب، وحيث التمييز موجود على نطاق واسع وحيث حقوق الإنسان تنتهك، في تجاهل تام للقوانين والاتفاقات الدولية التي تصادق عليها اليابان والملزمة باحترامها". وأضاف "لم أهرب من العدالة، لقد حررت نفسي من الظلم والاضطهاد السياسي".