شكل موضوع "دور قضاة النيابة العامة في مناهضة التعذيب وسوء المعاملة" محور ندوة نظمتها، اليوم الخميس بالرباط، رئاسة النيابة العامة، بشراكة مع المنظمة غير الحكومية الدنماركية "مؤسسة دينيتي" لمناهضة التعذيب. وشكل هذا اللقاء مناسبة للوقوف على خصوصيات البحث في ادعاءات التعذيب، وذلك من خلال الاطلاع على مختلف الضوابط المقررة على مستوى الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالموضوع، كما شكلت مناسبة سانحة لقضاة النيابة العامة العاملين بالمحاكم من أجل الاطلاع على الممارسات الفضلى في مجال مناهضة التعذيب والاستفادة من الخبرة الدولية بخصوص كيفية التفاعل مع البلاغات الفردية وتعزيز قدراتهم في هذا المجال. طاقم تليكسبريس كان حاضرا خلال هذه الندوة وانجز الريبورطاج التالي: وقال الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة السيد محمد عبد النباوي، إن المملكة، ومن منطلق قناعتها الراسخة بتكريس الحماية اللازمة للحقوق والحريات، ووفاء منها بتعهداتها الدولية في مجال مناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة اللإنسانية أو القاسية أو المهينة، تعمل على تحقيق أكبر قدر من التفاعل الإيجابي مع مختلف الهيئات الأممية المعنية بحقوق الإنسان، إن على مستوى إعداد وتقديم التقارير الوطنية للجان المعاهدات، أو على مستوى التفاعل الإيجابي مع الزيارات التي تقوم بها هذه الهيئات للمغرب. وأضاف في كلمة ألقاها نيابة عنه رئيس قطب تتبع القضايا الجنائية وحماية الفئات الخاصة عبد الرحيم حنين، أن المملكة تعمل أيضا على تفعيل عدد من التوصيات الصادرة عن هذه الآليات، موضحا أن هذه الندوة تأتي في إطار حرص رئاسة النيابة العامة على تفعيل هذه التوصيات وذلك من خلال تعزيز قدرات أعضاء النيابة العامة في مجال التفاعل مع البلاغات الفردية. من جهة أخرى، يقول عبد النباوي، فقد نص القانون الجنائي المغربي على تجريم التعذيب من خلال الفصول من 231-1 إلى 231-8 ،حيث خصه بتعريف يتلاءم والتعريف المنصوص عليه في اتفاقية مناهضة التعذيب، كما حدد عقوبات تتناسب وجسامة الفعل المرتكب. وتابع بالقول "فإذا كان القانون الجنائي قد تعزز منذ سنة 2006 بأحكام تهم جانب مناهضة التعذيب، فإن قانون المسطرة الجنائية من جهة ثانية تضمن مجموعة من الآليات والضمانات القانونية الكفيلة بالوقاية من التعذيب، كما هو الشأن بالنسبة لآلية تفقد أماكن الاعتقال وغيرها من الآليات الأخرى، كما تضمن عددا من المقتضيات الخاصة بآليات البحث في ادعاءات التعذيب كما هو الشأن بالنسبة لآلية الفحص الطبي". واعتبارا لخطورة الانتهاكات المتعلقة بالتعذيب فقد تم ، حسب السيد عبد النباوي، توجيه منشور تحت رقم 1 إلى المسؤولين القضائيين عن النيابات العامة يحثهم على التصدي للانتهاكات الماسة بالحقوق والحريات بكل حزم وصرامة، والأمر بإجراء التحريات والأبحاث بشأنها دون تأخير وعدم التردد في استعمال السلطات التي يخولها لهم القانون، ولا سيما حين يتعلق الأمر بادعاء التعذيب. كما تم، يضيف رئيس النيابة العامة، توجيه رسالة دورية إلى المسؤولين القضائيين عن النيابات العامة تحثهم على التفاعل الإيجابي مع شكايات المواطنين وإعطائها عناية خاصة، بما في ذلك الشكايات المتعلقة بالتعذيب، وذلك بالنظر إلى خطورة هذا النوع من الجرائم الذي يحتاج إلى معالجة خاصة على مستوى البحث. من جهتها، أكدت المستشارة القانونية لدى المؤسسة الدنماركية "دينيتي" السيدة جوان بريدان في كلمتها ، أن هذه الندوة تندرج في إطار تفعيل بنود مذكرة التفاهم التي أبرمتها المؤسسة الدنماركية مع رئاسة النيابة العامة في يوليوز الماضي، معربة عن اعتزازها بهذه الشراكة الوثيقة والتعاون المثمر. وأضافت أن هذه الندوة ، التي حضرها نواب الوكلاء العامين ونواب وكلاء الملك، تهدف إلى تقاسم المعارف والممارسات الجيدة في مجال مناهضة التعذيب والمعاملات المهينة، وذلك عن طريق تنظيم أنشطة تروم تعزيز قدرات قضاة النيابة العامة في مجال مناهضة التعذيب، والوقوف عند الدور الذي يضطلع به قضاة النيابة العامة في منعه ومحاربته. وتعمل مؤسسة "دينيتي" التي تعد منظمة غير حكومية يوجد مقرها بكوبنهاغن،في 25 دولة من أجل مناهضة التعذيب والمعاملات المهينة وإعادة الاعتبار لضحايا التعذيب وسوء المعاملة وهي تعقد شراكات مع المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال مناهضة التعذيب كما هو الشأن في كل من تونس والأردن وفلسطين والمغرب. تجدر الإشارة إلى أن المغرب والدنمارك عضوان أساسيان في مبادرة المصادقة على اتفاقية مناهضة التعذيب التي انطلقت في مارس سنة 2014، والتي تساعد الدول على تجاوز صعوبات المصادقة وإعمال الاتفاقية عن طريق الشراكات المتينة والتعاون بين الدول. وتأتي هذه الندوة في إطار سلسة من الندوات التي تنظمها رئاسة النيابة العامة في سياق تعزيز قدرات قضاة النيابة العامة في مجال حماية حقوق الإنسان والتصدي للانتهاكات الماسة بها عموما، وفي مجال مناهضة التعذيب بشكل خاص.