تحمل ترقية البابا فرنسيس لرئيس أساقفة الرباط كريستوبال لوبيز روميرو إلى رتبة كاردينال، بعد حوالي خمسة أشهر من زيارته التاريخية للمغرب، رسائل قوية، أبرزها تأكيد الفاتيكان على دور المغرب في تعزيز حوار الحضارات و امتنانه لمبادرات أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل تعزيز الحوار بين الإسلام و المسيحية. ويأتي اختيار قداسة البابا لرئيس أساقفة المغرب، أرض السلم والتسامح والعيش المشترك، تتويجا للزيارة البابوية للمملكة ولقائه أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي يتقاسم معه التشبث الكبير بالقيم الإنسانية الأكثر سموا، والتي كان من أقوى لحظاتها توقيع واحدة من أهم الوثائق التاريخية ،و هي نداء القدس باعتبارها نقطة تحول تاريخية نحو حماية المدينة المقدسة. كما يعكس تعيين لوبيز روميرو كردينالا جديدا في حفل رسمي سيقام يوم خامس أكتوبر القادم، إرادة الحبر الأعظم في تعزيز علاقات التعاون مع أمير المؤمنين "المؤتمن على حماية اليهود المغاربة، والمسيحيين القادمين من الدول الأخرى، الذين يعيشون في المغرب"، للدفع بالحوار بين الأديان من أجل درء التعصب و إحباط التيارات المتطرفة والمساعدة على إرساء فهم أفضل لإيمان و معتقدات الآخرين لجعل الأديان في منأى عن كل ما يفرقها. وترقية الأب كريستوبال لوبيز روميرو، المزداد عام 1952 بفاليز-روبيو (إقليم ألميريا بالأندلس) جنوب إسبانيا، و راكم خبرة طويلة وعزز العلاقات مع العالم الإسلامي ، إلى أعلى مرتبة في التسلسل الهرمي الكنسي، هي كذلك دعم للحوار بين الأديان في المغرب و اعتراف بعمل ومسار الكنيسة في بلد يضم أقلية مسيحية و يضمن حرية الدين لليهود و المسيحيين. وبعد الإعلان عن ترقيته إلى كاردينال، أبرز لوبيز روميرو، في حديث لموقع ( الفاتيكان نيوز) التابع للكرسي الرسولي، أن "تقوية الحوار بين الأديان في قلب قرار البابا فرنسيس تعيني كاردينالا ". واعتبر رئيس أساقفة الرباط أن ترقيته هي "امتنان للمملكة المغربية لكل ما قامت به من أجل إنجاح الزيارة البابوية و التزامها بنشر إسلام معتدل و متفتح و كذلك انخراطها في تعزيز الحوار بين الأديان". وفي نفس السياق، قال السيد خالد عكشة منسق الحوار مع المسلمين في المجلس البابوي لحوار الأديان بالفاتيكان إن ترقية رئيس أساقفة الرباط إلى رتبة كاردينال قد تحمل رسالة مفادها بأن البابا يريد " تكريم المغرب "بعد زيارته له في الأشهر الأخيرة . وأبرز منسق الحوار مع المسلمين، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المنصب الرفيع للكاردينال في حاضرة الفاتيكان ، يجعل "صوته مسموع أكثر ومؤثر أكثر" من رئيس أساقفة أو أسقف . و يعطي الكاردينال الذي يكون بمثابة مستشار للبابا ، بحسب السيد عكشة، رأيه في قضايا يتم تدارسها خلال اجتماعات المجمع الكردينالي، المؤسسة التي تساعد البابا في إدارة الكنيسة على مستوى العالم او على مستوى رئاسة الدوائر الرومانية (كل دائرة بمثابة وزارة )،، مشيرا إلى أن هذا المجمع يضم اليوم مئة و عشرين كاردينالا يحق لهم أن يدخلوا "الكونكلاف" لانتخاب البابا الجديد . ومنذ عام 1059 أقر الكرسي الرسولي أنه لا يجوز إلا للكرادلة وحدهم انتخاب البابا ، و حدد البابا بولس سن الثمانين من العمر كحد أقصى لاشتراك الكرادلة في انتخاب البابا ، كما فرض أن يتخلى كل كاردينال عن كامل مهامه الإدارية و الراعوية سواء في الدوائر الرومانية أو غيرها، عند بلوغه السنة الخامسة و السبعين من العمر . وأبرز أن الكرادلة الذين لا تزيد أعمارهم عن ثمانين سنة يكونوا مدعوين بعد عمر طويل لقداسة البابا إلى اختيار خلفه . كما يعينون كأعضاء في المجالس البابوية أو الدوائر الرومانية. وذكر أن مفهوم الكاردينالية هو "استعداد الكردينال للتضحية بحياته في سبيل الكنيسة"، مشيرا إلى أن الترقية إلى رتبة كاردينال "لا ينظر إليها كمصدر افتخار و إنما كخدمة جديدة". وبخصوص مراسيم التعيين المقررة في الخامس من أكتوبر القادم، أوضح منسق الحوار مع المسلمين أنه خلال الاحتفال بالتنصيب الكاردينالي يمنح البابا للكاردينال الجديد شهادة تقر ترقيته، و بعد ذلك يمنحه خاتما خاصا و هو خاتم الكاردينالية و يمنحه قبعة حمراء ليتميز بها عن الباقين مثل الأساقفة و غيرهم. وبتوليه لهذا المنصب المتميز الذي يتوج مساره بالمغرب منذ سنة 2003 ، حيث عمل مسؤولا عن الجالية المسيحية و مديرا لمدرسة دون بوسكو و أسقفا ثم رئيس أساقفة الرباط، سيعطي كريستوبال لوبيز روميرو زخما جديدا للعلاقات الثنائية و للمبادرات الرامية إلى ترسيخ حوار الحضارات وتعزيز القيم المثلى بين أتباع الديانات السماوية من أجل تحقيق الأمن الروحي و التعايش السلمي بين الأمم والشعوب.