يمكن القول إن المؤتمر التاسع للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كسب رهان تأصيل التنافس الديمقراطي التعددي في عملية انتخاب قيادة جديدة للحزب٬ بناء على أرضيات ومشاريع٬ ليبقى التحدي الآخر محصورا في ربح الرهانات السياسية والتنظيمية المطروحة على الحزب في المرحلة المقبلة٬ وفي مقدمتها إعادة تقوية التنظيم الحزبي وطنيا ومحليا وتعزيز التواصل الجماهيري وريادة المعارضة. ويجمع العديد من المتتبعين على أن الاتحاد الاشتراكي خلق الحدث سياسيا عندما قدم نموذجا متميزا في التنافس الديمقراطي حول الكتابة الأولى للحزب٬ تمثل بالأساس في تسليط الضوء على الأرضيات السياسية والفكرية التي تقدم بها المرشحون الأربعة أمام المؤتمرين٬ وهو ما يعني تشجيع تنافس الأفكار والرؤى والتصورات السياسية.
فالاتحاد الاشتراكي٬ وهو الحزب الذي يعج بالرموز التاريخية والكفاءات والأطر ويجر مسارا سياسيا ونضاليا طويلا٬ له من التراكم ما يؤهله موضوعيا ليقدم النموذج لتدبير التنافس التعددي حول القيادة على قاعدة المشاريع والبرامج في أفق أن تصبح ممارسة متأصلة لدى كافة الأحزاب السياسية عوض الاحتكام إلى ثقافة نفوذ الأفراد أو "الزعامات".
وإذا كان الاتحاد الاشتراكي٬ بانتخاب السيد إدريس لشكر كاتبا أول جديدا٬ قد تمكن في هذه المرحلة من كسب رهان اختيار قيادة جديدة٬ فإن التحديات السياسية والتنظيمية المتمثلة في تقوية حضور الحزب في الساحة السياسية الوطنية وفي النقاش العمومي حول القضايا الكبرى٬ وإعادة الروح للتنظيم الحزبي وطنيا وإقليميا ومحليا ومد جسور التواصل مع القوات الشعبية وريادة المعارضة٬ تبقى أبرز الرهانات المطروحة على الحزب في المرحلة المقبلة.
فالقيادة الجديدة للاتحاد وكذا المؤتمرون٬ عبروا بشكل واضح عن الطموح الذي يراودهم في أن يضطلع الحزب بدوره السياسي من جديد في الساحة الوطنية وريادة المعارضة في البرلمان والحضور في التحركات النضالية في الفضاء العام.
ولعل هذا ما يستشف من كلمة إدريس لشكر بعد انتخابه كاتبا أول حين قال إن القيادة الجديدة للاتحاد ستعمل٬ من خلال تدبير جماعي٬ على إطلاق دينامية جديدة للنهوض بالأداة الحزبية والتنظيمات الموازية للنساء والشبيبة ٬ ضمن رؤية سياسية تزاوج بين رصيد الحزب في الماضي والامكانات والمؤهلات الفكرية والسياسية التي يزخر بها في الوقت الراهن.
وإلى جانب القضايا الداخلية٬ شدد الاتحاد على الحاجة إلى توحيد العائلة الاتحادية وخلق تقارب مع مكونات اليسار المغربي في أفق الوصول إلى حزب اشتراكي كبير٬ والذي يبقى حلما يراود الاتحاديين وعددا كبيرا من مناضلي اليسار.
والآن٬ وبعد انتخاب قيادة جديدة وتأجيل انتخاب اللجنة الإدارية (برلمان الحزب) بسبب عدم ضبط اللوائح بالنظر للصعوبات المرتبطة بتقنيات التصويت الالكتروني٬ وفي ظل عزم أنصار احمد الزايدي على عقد لقاء للتشاور وتقديم وجهة نظرهم حول المؤتمر٬ يبقى الرهان الأكبر بالنسبة للقيادة الجديدة هو كيفية تجاوز كل ما من شأنه أن يثير القلائل ويصحح الاختلالات التنظيمية التي يجمع الاتحاديون على أنها ما فتئت تتأزم مؤتمرا بعد آخر.