تواصل المؤسسة العسكرية بالجزائر تعنتها ورفضها تلبية مطالب الحراك الشعبي، وذلك من خلال التشبث بمخطط قايد صالح القاضي بتطبيق المادة 102 من الدستور، والهجوم على كل من يخالف قرارات الحاكم الفعلي للبلاد.. وبعد خرجات قايد صالح، كل ثلاثاء والتي دأب على تمرير خطاباته من خلالها، جاء الدور على المؤسسة برمتها حيث أدان الجيش الوطني الشعبي، اليوم الاربعاء، ما أسماه محاولة البعض "ممن باعوا ضمائرهم"، إطالة أزمة الجزائر السياسية، عن طريق رفض الحلول الممكنة والمتاحة. وجاء في افتتاحية مجلة الجيش لشهر ماي، وهي رسالة إلى الشعب الجزائري وحراكه بأن قرارات قايد صالح هي بمثابة مواقف المؤسسة العسكرية كلها، أنه "في وقت تعيش فيه بلادنا أزمة يريد البعض، ممن باعوا ضمائرهم وضربوا المصلحة العليا للوطن عرض الحائط، بل ويتآمرون عليه جهارا نهارا، أن تتراوح مكانها ويطول أمدها، برفضهم الحلول المتاحة والممكنة التي من شأنها أن تتيح لبلادنا تجاوز هذه الازمة، وبالتالي قطع الطريق في وجه المغامرين الذين يسعون لتنفيذ مخطط على جهات عدة، يهدف في نهاية المطاف إلى الايقاع ببلادنا في أتون الفوضى والاختلال". إفتتاحية مجلة الجيش، جاءءت متناغمة مع تصريحات الفريق قايد صالح، حيث ذكرت بكلمة رئيس أركان الجيش خلال زيارته الأخيرة للناحية الخامسة، والتي قال فيها بالحرف".. إننا بصدد تفكيك الألغام التي يعرف الشعب الجزائري من زرعها في كامل مؤسسات الدولة وأن هذه الأزمة، التي كنا في غنى عنها، تم افتعالها بهدف زرع بذور عدم الاستقرار في الجزائرمن خلال خلق بيئة مناسبة للفراغ الدستوري، فهؤلاء الذين تسببوا عن قصد في نشوب هذه الأزمة هم أنفسهم من يحاول اليوم اختراق المسيرات ويلوحون بشعارات مشبوهة..". ذات الافتتاحية اعتبرت أن "الشعب الجزائري الذي عبر دونما لُبس أو غموض عن مطالبه المشروعة خلال مسيراته السلمية، واع بحجم تحديات المرحلة الحساسة التي تمر بها بلادنا ومدرك لطبيعة المخطط الدنئ الذي تٌحاول بيادق تنفيذه بالوكالة عن جهات أضحت معروفة لدى العام والخاص". وفي محاولة للقفز على الواقع وتجاوز مطالب الشعب المشروعة، لجأ مؤسسة الجيش إلى شيطنة بعض وسائل الإعلام حيث تحدثت إفتتاحية الجيش لأول مرة عن قنوات إعلامية، قالت إنها كانت تعمل مع هذه الجهات لتنفيذ مخططاتهم، ولجأت إلى الاسطوانة المشروخة التي لفظها الشعب والتي تقول بأن "الجيش والشعب خاوة خاوة" وأن هذه الجهات تحاول "استهداف العلاقة الوجدانية القوية بين الشعب وجيشه وضرب اللحمة والثقة الكامنة بينهما.."! وفي هذا الصدد جاء في الإفتتاحية أنه " لم يعد خافيا على أحد أن عرّابي هذا المخطط الخبيث ومن ولاهم ومن يسير في فلكهم، ظلوا يتسنحون أدنى فرصة خلال سنوات خلت للشروع في تنفيذه، باستعمال وسائل وطرق مختلفة، فبعد أن كشفهم الشعب الجزائري ولفظهم بشدة وبشكل قاطع، اتخذوا من قنوات معينة في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وسيلة لتنفيذ أجندات مشبوهة، عبر شن حملات ممنهجة ومغرضة بهدف تغليط الرأي العام وبث هرطقات وأكاذيب مغالطات في محاولة يائسة وخبيثة لاستهداف العلاقة الوجدانية القوية بين الشعب وجيشه وضرب اللحمة والثقة الكامنة بينهما". فلا غرابة، تضيف الإفتتاحية، أن "الأبواق ذاتها التي طالبت الجيش بالتدخل في الشأن السياسي خلال عشريات سابقة، هي نفسها التي تحاول اليوم عبثا أن تدفعه لذلك في هذه المرحلة، من خلال طرق شتى، أبرزها ممارسة الضغط عبر رسائل مفتوحة، ونقاشات، وآراء، تنشر على صفحات بعض الصحف للذهاب لفترة انتقالية على مقاسهم يعبثون فيها مثلما شاؤوا ويمررون مشاريعهم وأجندات عرابيهم الذين يكنون الحقد والضغينة للجزائر وشعبها". ولم ينس قايد صالح وجوقته الردّ على الحراك الشعبي الذي انتقد تصرفاته وأوامره للقضاء التي تعد تدخلا صارخا ومساسا خطيرا باستقلالية السلطة القضائية، حيث اعتبرت افتتاحية الجيش أن "هؤلاء المتآمرين هم من يشككون في تحركات العدالة"، من خلال القول إنه "إلى جانب السعي لاستهداف الأمن والاستقرار الذي تنعم به الشعب الجزائري في ربوع الوطن، تحاول هذه الأطراف في وقت تحركت فيه العدالة لنزع فتيل الألغام وتطهير مختلف القطاعات التي طالها الفساد وقدمت الجيش الضمانات الكافية وتعهدت بمرافقة جهاز العدالة في أداء مهامه النبيلة … إيهام الجزائريين بأن تحرّك القضاء للنظر في ملفات الفساد إنما جاء بإيعاز من المؤسسة العسكرية في محاولة خبيثة للتشويش على العدالة وإحباط عزيمتها ...". ويتضح من خلال هذه الفقرة الأخيرة أن قايد صالح ومؤسسته العسكرية، جاءت للتشويش على الحراك وعلى مطالب الشعب الجزائري، الذي بدأ يعي جيدا أن المشكل اليوم في الجزائر هو هذه المؤسسة العسكرية التي حكمت البلاد منذ سرقتها لثمار الاستقلال وانقلابها على الحكومة الإنتقالية من خلال تواطؤ محمد بوخروبة(هواري بومدين) مع احمد بنبلا آنذاك..