أظهرت المواجهة غير المسبوقة بين حزب "العدالة والتنمية" و"التقدم والاشتراكية" في البرلمان، حجم الصراع الذي خرج للعلن بين حزبين متحالفين في الحكومة، منذ إعفاء أمينه العام محمد نبيل بنعبد الله من وزارة السكنى والتعمير، وما تلاها من تشنجات عقب إقالة الوزيرة المكلفة بالماء شرفات أفيلال. وتفجرت هذه المرة الخلافات حول "وزيعة" المناصب في مجلس النواب، إذ قررت مجموعة "البي بي إس" ترشيح البرلماني رشيد الحموني لمنصب رئيس لجنة المراقبة المالية لينافس بذلك مرشح "البيجيدي" إدريس الصقلي، الذي تمكن من الفوز بصعوبة ب107 أصوات مقابل حصول الحموني بشكل مفاجئ على 83 صوتا، مستفيدا من أصوات برلمانيين من المعارضة والأغلبية. مما جعل حزب الكتاب يخرج هنا وهناك بتصريحات اعتبر فيها أنه كان ضحية تحالفاته مع "البيجيدي"، وأن حكومة العثماني لم تنصفه. وتعليقا على ما يجري داخل الأغلبية خاصة بين "الكتاب"و"المصباح"، قال المحلل السياسي رشيد لزرق، إن التطورات السريعة وما عرفه المشهد السياسي من ديناميكية وفي ظل رغبة العثماني في إنجاح تجربته رغم ما يعرفه حزب العدالة والتنمية من تطاحن، فإن حذف كتابة الدولة في الماء هي مقدمة لحكومة الفعالية التي تفترض القطع مع المجاملات و"الترضيات"، لكون سعد الدين العثماني خلافا لسلفه عبد الإله بنكيران لم يعد بحاجة إلى الضغط عليه بورقة "الاشتراكية والتقدمية"، خاصة أن التحالف الحكومي يعرف وجود الاتحاد الاشتراكي. وأوضح لزرق، أن دخول "التقدم والاشتراكية" إلى الحكومة منذ البداية جاء بمنطق المجاملة والترضية لبنكيران نتيجة للعلاقة الشخصية بينه وبين محمد نبيل بنعبد الله، واتجاه رئيس الحكومة الحالي إلى حذف كتابة الدولة دون إخطار الأمين العام للتقدم والاشتراكية عبر الانتصار لوزير من حزبه هو رسالة إلى التقدم والاشتراكية بكونه غير مرغوب فيه في التحالف الحكومي. ويضيف المحلل السياسي، أن ما حدث يؤكد هشاشة التحالف بين الطرفين، ويعكس شدة الخلافات بينهما، حيث أضحت العلاقة بين الأغلبية شبيهة بمجموعة تلتقي للعب الورق كل لحسابها، وخلص إلى القول إن التقدم والاشتراكية لم يعد الورقة السياسية المهمة في الأغلبية، بعد دخول الاتحاد الاشتراكي كطرف في الأغلبية.