حرص وزير العدل محمد أوجار على تقديم مجموعة من الملاحظات بخصوص رأي "فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي" بخصوص ملف السيد توفيق بوعشرين، مشيرا في هذا الصدد إلى أن أول ما يثير الانتباه هو كون الفقرة الأولى من المادة التاسعة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والتي تعتبر أهم مرجعيات (فريق العمل حول الاعتقال التعسفي) تنص على أنه "لا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه"، مبرزا في هذا الإطار أن متابعة المعني بالأمر تتم باحترام تام لمقتضيات هذه المادة، حيث أن معطيات الملف موضوع الرأي تؤكد "أن المعني بالأمر تم إيقافه والبحث معه وتجري محاكمته وفق القوانين الجاري بها العمل المطبقة على جميع الأشخاص المعروضين على العدالة من أجل جريمة من جرائم الحق العام". أما الملاحظة الثانية، يضيف أوجار، فتتمثل في كون فريق العمل أصدر رأيه في الوقت الذي مازال فيه القضاء الوطني ينظر في هذا الملف، موضحا أنه "وفقا للفصل 109 من الدستور فإنه يمنع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء؛ ولا يتلقى القاضي بشأن مهمته القضائية أي أوامر أو تعليمات، ولا يخضع لأي ضغط. وكل ذلك ضمانا لمبدإ استقلالية القضاء الذي تحرص عليه كل آليات حقوق الإنسان التعاقدية وغير التعاقدية. ومنها المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين الذي ستستقبله المملكة خلال الشهر القادم". وتساءل الوزير عن الكيفية التي يمكن بها تفسير إصدار الفريق لهذا الرأي في وقت لم تستنفد بعد كافة مراحل التقاضي، بغير الرغبة في التأثير على القضاء. وعبر عن رفض الحكومة لهذا التوجه جملة وتفصيلا ولا يمكن للمغرب أن يقبل به حماية ودفاعا عن استقلال السلطة القضائية. وتتمثل الملاحظة الثالثة في كون موضوع الشكاية كان أصلا محل دفع شكلي أمام المحكمة وأصدرت في شأنه غرفة الجنايات الابتدائية قرارها، بعد تمكين المشتكي من ضمانات المحاكمة العادلة. كما أن القانون المغربي- يوضح الوزير- يجيز للمشتكي الطعن بالاستئناف في القرار الصادر ضده وهو ما قام به فعلا المعني بالأمر، حيث أن القضية معروضة على غرفة الجنايات الاستئنافية للبث فيها، ومن حق المعني بالأمر إثارة كل ملاحظاته ودفوعاته أمام هذه الغرفة. وعبر أوجار عن يقينه بأن القضاء سيبت فيها طبقا للقانون وفي احترام تام لمبادئ المحاكمة العادلة. أما الملاحظة الرابعة فتتمثل في كون إيقاف المعني بالأمر كان بأمر قضائي صادر عن النيابة العامة، في احترام تام للشكليات والضوابط المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية، مما يجعل من هذا الإجراء مطابقا لما نصت عليه المادة التاسعة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. وكملاحظة خامسة، عبرت الحكومة المغربية عن استغرابها لدعوة الفريق لها لإطلاق سراح المعني بالأمر، والحال أنه أمر يخرج عن اختصاص السلطة التنفيذية ويدخل ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطة القضائية، التي لا يجوز المساس باستقلاليتها بل حتى التأثير على عملها، لذلك، تساءل أوجار "فكيف لفريق عمل تابع لمجلس حقوق الإنسان أن يجرؤ على دعوة الحكومة للتدخل في اختصاص السلطة القضائية، في خرق سافر لكل المبادئ والمعايير التي تتضمنها الاتفاقيات الدولية، والتي يعتبر من صميم عمل مجلس حقوق الإنسان، مراقبة وتتبع مدى حرص الدول على حسن تطبيقها". وتتعلق سادس الملاحظات بكون هذا الرأي يتضمن مصادرة لحقوق الضحايا اللواتي تقدمن بشكايات في الموضوع، حيث تستغرب الحكومة المغربية لتجاهل الرأي لادعاءات المشتكيات، مما يعد "إخلالا بمبدإ الحق في الانتصاف واللجوء إلى العدالة بالنسبة للجميع. فهل يقبل الفريق بحرمان من تعتبرن أنفسهن ضحايا من حقهن الإنساني في اللجوء إلى العدالة طلبا للإنصاف؟". وخلص وزير العدل إلى أن السلطات المغربية إذ تستغرب هذا الرأي، تدعو الفريق إلى مراجعته على ضوء المعطيات والبيانات التي سيتم موافاته بها. كما تطالبه بنشر المعطيات والردود المغربية بنفس الطريقة التي نشر بها رأيه، مبرزا في هذا السياق أنه "ورغم كل هذه الملاحظات فإننا نجدد عزمنا الأكيد وإرادتنا الراسخة على مواصلة التعاون والتفاعل الإيجابي مع مجلس حقوق الإنسان وآلياته، لأن احترام حقوق الإنسان والنهوض بها قناعة مبدئية واختيار استراتيجي للمملكة المغربية يحظى بإجماع كل مكونات المجتمع المغربي".