أعلن المغرب قبل أيام إطلاق مشروع ميناء جديد في مدينة الناظور على البحر التوسط برعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس. ويجسد المشروع "الناظور غرب المتوسط" الاستراتيجية الطموحة للمغرب الذي يراهن على موقعه الهام عند تقاطع الطرق البحرية الرئيسية بالعالم لإنجاز موانئ هامة محفزة للاقتصاد الوطني، فضلا عن دورها في دعم عملية التنمية على مستوى الجهة والبلد ككل.
ويتيح هذا المشروع الضخم للمملكة التواجد بشكل كبير على المستوى الإقليمي من أجل استقطاب الفرص العديدة والمتنوعة التي يوفرها النقل الدولي للوقود والحاويات والبضائع.
كما يفسح الطريق أمام تطوير شراكة "رابح-رابح" مع الدول المجاورة للمغرب٬ وفي مقدمتها إسبانيا حيث يمكن للفاعلين الاقتصاديين الاستفادة من الثمار المعتبرة لهذا الميناء الذي يوجد على مقربة من شبه الجزيرة الإيبيرية.
وسيتم تشييد الميناء على مراحل وفق مقاربة تكاملية مع ميناء طنجة المتوسطي.
وإذا كان ميناء طنجة موجها لخدمة المناطق الحرة الحالية والمستقبلية ليحفز تنافسية المقاولات المستقرة بالمغرب٬ فإن ميناء الناظور غرب المتوسط سيكون فريدا من نوعه على اعتبار أنه سيكون له توجه طاقي بامتياز ذي أثر قوي على المستوى الصناعي.
وأكد وزير التجهيز والنقل المغربي عزيز رباح أن الاستراتيجية الوطنية للموانئ في أفق عام2030 تسعى لتمكين المغرب من موانئ عصرية ومتطورة تشكل رافعة أساسية لتعزيز موقع المغرب كمحطة لوجيستية هامة في حوض البحر الأبيض المتوسط.
وأوضح رباح في عرض قدمه أمام العاهل المغربي خلال ترؤسه مراسم التوقيع على الاتفاقيات المتعلقة بتمويل المشروع الجديد أن هذه الاستراتيجية تشكل آلية فاعلة لتدعيم التنافسية الاقتصادية الوطنية والمساهمة في إعداد التراب الوطني والتنمية الجهوية (المحلية).
وبوجوده على ملتقى الطرق البحرية الكبرى٬ ينتظر أن يشكل المركب المينائي "الناظور غرب المتوسط" أرضية مواتية لانطلاق الصادرات الإسبانية نحو آفاق جديدة بإفريقيا والشرق الأوسط.
كما يمكنه أن يتواجد في صلب اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين الرباط ومدريد٬ لفائدة الفاعلين الاقتصاديين لضفتي المتوسط. وبهذه الصفة٬ فإن هذا الميناء مدعو لأن يصبح محفزا للتعاون الدولي وقاطرة لتنمية الأنشطة المدرة للثروة ومناصب الشغل.
كما أن لهذا الميناء توجها للمساهمة في إثراء العرض المينائي لغرب المتوسط٬ وبالتالي المساهمة في ضمان تزويد البلدان المجاورة بالمحروقات وباقي المنتوجات الحيوية الأخرى.
وسيمكن المركب المينائي المستقبلي٬ الموجه أساسا لإعطاء دفعة للمبادلات التجارية ومعالجة المنتجات البترولية٬ من تحقيق انسيابية أكبر في نقل المسافرين والعربات بين المغرب وأوروبا٬ كما سيساهم في تعزيز التدفق السياحي تجاه شمال المملكة وجنوبإسبانيا.
وأشار رباح إلى أن الاستراتيجية المغربية للموانئ ترتكز على ثلاثة محاور أولها إنجاز توسيعات كبرى للموانئ والرفع من طاقتها الاستيعابية٬ وتطوير أنشطتها٬ ويتعلق الأمر بميناء المحمدية وميناء الدارالبيضاء وميناء الجرف الأصفر.
ويتعلق المحور الثاني بإدماج الموانئ في محيطها الحضري وتأهيل كبريات المدن وتشجيع السياحة الدولية والداخلية٬ ومن أهم مشاريعه الطموحة إعادة تهيئة ميناء طنجةالمدينة٬ وإعادة تهيئة الميناء النهري للقنيطرة٬ وفتح الميناء التاريخي للدار البيضاء على المدينة٬ وإعادة تهيئة ميناء آسفيالمدينة٬ وإعادة هيكلة ميناء الحسيمة.
أما المحور الثالث فيتمثل في إنشاء موانئ جديدة للرفع من العرض المينائي وتأهيله والمساهمة في تهيئة التراب الوطني وخلق أقطاب مينائية جديدة٬ ومن مشاريعه الهامة ميناء الناظور غرب المتوسط بموقع بيطويا٬ وميناء القنيطرة الأطلسي٬ والميناء الطاقي الجديد بالجرف الأصفر٬ والميناء الجديد جنوبآسفي٬ وميناء الداخلة الأطلسي للصيد البحري٬ وللأروجة التجارية بجهة وادي الذهب لكويرة.
ويساهم إنجاز المشروع الجديد من تحديد التوجه الجديد للميناء الحالي للناظور "بني أنصار" من خلال توجيهه نحو أنشطة تدخل في إطار مشروع تهيئة بحيرة مارتيشكا٬ ويتعلق الأمر بالصيد والترفيه ونقل المسافرين٬ مع تحويل تدريجي للأنشطة التجارية الأخرى نحو الميناء الطاقي المتنوع للناظور غرب المتوسط.
وسيكون تأثير هذا المشروع على تنمية سائر الجهة الشرقية قويا٬ مادام أن مشروع الميناء يعتبر ركيزة أساسية في دينامية تنمية الجهة٬ وجذب الاستثمارات الخاصة الوطنية والدولية وإحداث مناصب شغل٬ سواء في مرحلة الأشغال أو في المرحلة العملية.
وقالت المديرة العامة للوكالة الوطنية للموانئ نادية العراقي إن المركب المينائي "الناظور غرب المتوسط كفيل بجعل الجهة الشرقية تنفتح بشكل أكبر على محيطها الإقليمي والدولي.
وأوضحت العراقي أن الميناء الجديد يهدف لاستقبال بواخر كبيرة الحجم لنقل المحروقات المصفاة والخام٬ حيث سيتضمن خمس محطات لتخزين المحروقات.
وأكدت أن الهدف من هذه البنية المينائية الجديدة هو تحويل حركة التجارة المينائية من ميناء الناظورالمدينة صوب المركب المينائي الناظور المتوسط الواقع بخليج بيطوية.
وينتظر أن يندمج ميناء الناظور٬ أهم مكون للقطب المينائي للمنطقة الشرقية٬ بشكل أفضل في المحور اللوجستي الدولي٬ خاصة في المتوسط٬ من أجل تكريس الدور الريادي للمغرب في تدفق التجارة العالمية وتثمين مؤهلاته في التنمية الجهوية.
ومن شأن هذه المقاربة المندمجة لتنمية البنيات المينائية التي يندرج فيها بشكل متناسق مشروع الناظور غرب المتوسط أن تحول دون أي انعكاس سلبي محتمل على البيئة٬ بالنظر لكونها مدعومة بدراسات قبلية همت مختلف جوانب المشروع.
وقال المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر بالمغرب عبد العظيم الحافي إن المركب المينائي المستقبلي "الناظور غرب المتوسط" يعد جيلا جديدا من المشاريع التي تستهدف تحقيق التنمية المحلية والجهوية على السواء.
وأوضح أن هذه المشاريع تراعي توازنات النظم البيئية٬ خاصة في واجهة البحر الأبيض المتوسط التي تضم غابات غنية جدا ولكن في نفس الوقت هشة.
وأبرز الحافي أن هذا المشروع يولي أهمية كبرى للحفاظ على البيئة٬ حيث يهدف إلى إعادة تشجير ما يفوق 10 أضعاف المساحة التي سيشملها هذا المشروع.
يشار إلى أن ميناء "الناظور غرب المتوسط" تبلغ مساحته 850 هكتار٬ وسيشكل عند إتمام الأشغال به أرضية ضخمة لتخزين المنتجات النفطية، وتتضمن المرحلة الأولى من المشروع تأسيس البنية التحتية المؤلفة من عدة طرق وسكك حديدية بتكلفة مبدئية تبلغ 5.9 مليار درهم (حوالي مليار دولار). عن "ميدل ايست اونلاين"