عاد المتظاهرون من "السترات الصفراء" مجددا الى الشارع في فرنسا للسبت الثاني عشر على التوالي، وساروا في تظاهرة في العاصمة أرادوها احتجاجا على عنف الشرطة. وجرت في باريس "مسيرة الجرحى الكبرى" بعد شهرين ونصف شهر من بدء هذا التحرك غير المسبوق ضد السياستين الاجتماعية والضريبية للحكومة. وأعرب المتظاهرون عن إدانتهم لاستخدام الشرطة للكرات الوامضة التي أكدوا أنها تسببت بإصابة العديد منهم بجروح خطرة. وسار المتظاهرون في باريس الى ساحة الجمهورية وراء لافتة تطالب بوقف استخدام الكرات الوامضة، وبلغ عددهم 13800 بحسب تعداد قام به مكتب "اوكورانس" لحساب مجموعة من وسائل الاعلام. في المقابل قالت الشرطة أن عدد المتظاهرين بلغ 10500 وأن عشرة اشخاص اعتقلوا قرابة الساعة 14،30 ت غ. وكانت السلطات أحصت مشاركة أربعة الاف متظاهر في العاصمة الاسبوع الماضي، وهو رقم يعتبره المتظاهرون أقل من الواقع. وعند الوصول الى ساحة الجمهورية حصلت صدامات بين المتظاهرين وعناصر الشرطة الذين استخدموا الغاز المسيل للدموع، بحسب ما افادت صحافية من فرانس برس في المكان. وأعلنت وزارة الداخلية أن عدد المتظاهرين في كل الاراضي الفرنسية بلغ 17400 عند الساعة 13،00 ت غ مقابل 22 ألفا الاسبوع الماضي في الساعة نفسها. ولقي الناشط المشهور في "القمصان الصفراء" جيروم رودريغ تصفيقا وترحيبا من المتظاهرين وخصوصا أنه كان اصيب بعينه اليمنى السبت الماضي. وقال انطونيو احد منظمي التظاهرة الذي أصيب شخصيا في وقت سابق بقنبلة صوتية، "الأمر بات لا يحتمل وغير مقبول. إن الجروح تتسبب احيانا بقطع أطراف وتدمير حياة، مع العلم بأننا سلميون". وفي الحشد بدا بعض المتظاهرين وقد وضعوا ضمادات على عيونهم تضامنا مع المصابين بجروح خطيرة بسبب هذه الكرات غير المعدنية المصنوعة من المطاط. وقالت مجموعة الناشطين "لنجردهم من السلاح" إن عشرين شخصا أصيبوا بجروح خطيرة في العين منذ 17 نونبر. وتجري إدارة الشرطة 116 تحقيقا في هذا الشأن، يتعلق عشرة منها بجروح خطيرة في العين، بحسب ما ذكر مصدر في الشرطة. وسمح مجلس الدولة، أعلى هيئة للقضاء الإداري الجمعة، بمواصلة استخدام الكرات الوامضة، معتبرا أن خطر حدوث أعمال عنف خلال التظاهرات يجعل "من الضروري السماح لقوات الأمن باللجوء" إلى هذا النوع من الرصاص، في قرار قال محتجو "السترات الصفراء" إنه "غير مفهوم". وفي مواجهة الجدل، اعترف وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير الجمعة بأن هذا السلاح يمكن أن "يجرح" ووعد بمعاقبة "التجاوزات"، لكنه دافع عن استخدامه "لمواجهة مثيري الشغب". وقال كريستوف كاستانير "لو لم يتم نهب محلات تجارية وإقامة حواجز وإحراق سيارات وتخريب مبان عامة (...) ولو كان القانون محترما لما سقط جرحى". وتتابع الحكومة من كثب حجم التظاهرات بعد أن أعلنت ما قيمته 10 مليارات يورو من المساعدات ونظمت نقاشا وطنيا كبيرا لتهدئة الغضب. وبحسب وزارة الداخلية فإن 69 ألف محتج شاركوا السبت الماضي في التظاهرات و84 ألفا السبت الذي سبقه. ودعا المتظاهرون هذا السبت إلى التجمع في فالانس التي زارها الرئيس إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي في جنوب شرق فرنسا، في إطار النقاش الكبير، واتخذت تدبير أمنية استثنائية في هذه المنطقة. وأخضع وسط المدينة لإجراءات أمنية مشددة، مع العديد من نقاط تفتيش للشرطة التي ضاعفت التحقق من الهويات. وأغلقت معظم المحال التجارية وأخرى حمت واجهاتها بسواتر خشبية. وجرت قبل ظهر السبت تظاهرات في مدينتي كاين وروان غرب البلاد.