غلب الطابع الهزلي وحالة الترقب على الأسبوع الأول من سباق انتخابات الرئاسة المقرَّرة في الجزائر يوم 18 أبريل المقبل، بعد أن تصدَّر المشهد مترشحون وصفوا ب''غريبي الأطوار''. وامتلأت منصات التواصل الاجتماعي في الجزائر بفيديوهات وتصريحات وُصفت ب"الغريبة" لشخصيات تعتزم الترشح للرئاسيات المقبلة، بعد أن تحولوا إلى مصدر للسخرية. وإلى غاية ال29 من يناير الجاري، تخطّى عدد الذين قدَّموا طلبًا للترشح للرئاسيات ال153 شخصا، أغلبهم من المستقلين، حسب وزارة الداخلية الجزائرية. ومع شروع الراغبين في سحب استمارات التوقيعات من مقر وزارة الداخلية بالعاصمة، ظهرت مواقف غريبة وتصريحات غير مسبوقة للمترشحين. واصطفت عدسات الكاميرات لمختلف القنوات التلفزيونية الخاصة، أمام مقر وزارة الداخلية، بالعاصمة، لنقل تصريحات الراغبين في دخول السباق نحو القصر الرئاسي المعروف ب "المرادية". ومن التصريحات التي تمت مشاركتها على نطاق واسع، قول أحد المترشحين إن "الجزائر هي قلب العالم، وإنه سيجعلها أقوى من أمريكا"، مشيرًا إلى أن يشتغل مهندسا ولديه مشروع لصناعة طائرة ذات أجنحة من طين. وفاجأ أحد الراغبين في الترشح ويُدعى السعيد عمامرة، عدسات الكاميرات، بقوله إنه رئيس مجلس الأمن العالمي، ومعنى ذلك قائد القوات العالمية. وزعم أنه في يناير 2017، نظمت مظاهرة لصالحه في الولاياتالمتحدة، طالبت بتنحية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتنصيبه (السعيد عمامرة) رئيساً للولايات المتحدة، وأوضح أنه لن ينشط حملة انتخابية وإنما ينشطها المواطنون الجزائريون لصالحه. وقال عسكري متقاعد بعد سحبه استمارات التوقيعات من مقر وزارة الداخلية، أنه لو نجح في الانتخابات "سيقيم وعدة (وليمة) لكامل الشعب الجزائري عبر محافظات البلاد ال48". وزعم أحد الراغبين في الترشح لمنصب رئيس الجزائر، أن الوحي ينزل عليه في كل مرّة، ويترجم ذلك في مقترحات يقدّمها لرئاسة الجمهورية، كونه على تواصل دائم مع الرئيس، وتقوم الرئاسة بتطبيقها على أرض الواقع. واصطحب أحد المترشحين كل أفراد عائلته إلى مقر وزارة الداخلية، بمن فيهم الأطفال الصغار، وصرح للصحفيين بأنه لأول مرة تترشح عائلة بكاملها للانتخابات الرئاسية وسط دهشة الحاضرين. وعلق حفيظ دراجي، الإعلامي الرياضي الجزائري المقيم بقطر، على الظاهرة بالقول إن التغطية الفلكلورية لعملية سحب استمارات الترشح للرئاسيات فيها "استهبال مبرمج". وذكر دراجي، في تغريدة له على موقع "تويتر" أن الظاهرة "فيها تشويه لسمعة البلاد وشعبها، مقابل تلميع صورة فخامته (الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة) من خلال إبراز النماذج السيئة لترسيخ فكرة أنه لا بديل لبوتفليقة". ويرى أستاذ الإعلام بجامعة الجزائر عبد العالي رزاقي أن ظاهرة المرشحين غريبي الأطوار دافعها غرائز داخلية في هؤلاء الأشخاص، بغية تحقيق الشهرة والظهور إعلامياً. وذكر رزاقي، في حديث لوكالة "الأناضول"، أن ظاهرة التصريحات الغريبة ممن يعتزمون الترشح للرئاسيات سببها رغبة هؤلاء في الظهور إعلامياً وخاصة عبر صفحات التواصل الاجتماعي، بعد أن عجزوا عنها في الحياة السياسية. ووفق رزاقي، فإن الغرائز الداخلية لهؤلاء للظهور إعلامياً دفعتهم للتوجه إلى مقر وزارة الداخلية، خصوصاً مع علمهم بتواجد كاميرات التلفزيونات لتغطية عملية سحب استمارات الترشح. واستبعد رزاقي الطرح القائل إن الظاهرة متعمدة من طرف السلطة لتقديم الرئيس بوتفليقة، رغم مرضه كأحسن من المترشحين جميعاً، وختم بالقول: "الرئيس بوتفليقة مستبعد جداً أن يترشح بالنظر لوضعه الصحي". وينهي بوتفليقة (81 سنة) الذي يحكم الجزائر منذ 1999، ولايته الرابعة في أبريل المقبل، لكنه لم يعلن حتى الآن ما إذا كان سيترشح لولاية رئاسية خامسة، كما لم يرد على دعوات مؤيديه للاستمرار في الحكم. ووفق المادة 140 من القانون الانتخابي ما زال أمام الرئيس الجزائري مهلة 45 يوماً، بدأت الجمعة 18 يناير، لإعلان ترشحه من عدمه، علماً أن بوتفليقة دأب منذ توليه الحكم على الإفصاح عن قراره في آخر لحظة من مهلة تقديم ملفات الترشح. وفي حال قرر بوتفليقة دخول السباق للظفر بولاية خامسة، فإن هذه الانتخابات ستكون بإجماع من المراقبين "محسومة سلفاً" لصالحه، كونه يحظى بدعم أكبر أحزاب ومنظمات البلاد. وتنتظر شخصيات بارزة في البلاد موقف الرئيس من السباق من أجل حسم موقفها من المشاركة فيه، حيث اقتصرت إعلانات الترشح لحد الآن على شخصيات مغمورة. وباستثناء ذلك، تقدم للسباق عبد العزيز بلعيد، رئيس حزب جبهة المستقبل، الذي ترشح في 2014، كما أعلنت حركتا مجتمع السلم، والبناء الوطني (إسلاميتان) ترشح رئيسيهما على التوالي عبد الرزاق مقري، وعبد القادر بن قرينة. وأعلن رئيس الحكومة السابق ومرشح رئاسيات 2004 و2014، علي بن فليس، تقدمه لاستحقاق أبريل المقبل، إضافة للجنرال المتقاعد علي غديري. كما أعلن رئيس حزب "عهد 54"، علي فوزي رباعين، رغبته في الترشح وقام بسحب الاستمارات للمرة الرابعة على التوالي، ليحطم بذلك الرقم القياسي في عدد مرات التقدم نحو السباق الرئاسي. ويشترط قانون الانتخابات الجزائري حصول المترشح للرئاسيات على 60 ألف توقيع لمواطنين عبر 25 ولاية (من إجمالي 48) على الأقل، أو 600 توقيع لمنتخبين محليين في البلديات والولايات أو في البرلمان بغرفتيه.