قبل تفصيل الحديث عن المصلحة المعتبرة في تدبير المال العام تقتضي الضرورة المنهجية تخصيص فصل تمهيدي يمكننا من تفكيك مفاهيمي لعناصره . لذلك سنحاول بحول الله تعريف المفاهيم التالية: المال العام المصلحة المعتبرة التدبير وذلك من خلال ثلاثة مباحث المبحث الاول: مفهوم المال العام قبل تحديد هذا المفهوم المركب لابد من تحديد عناصره" المال" و"العام " أولا : مفهوم المال أ-المال لغة المال في اللغة: حسب معجمي المحيط ولسان العرب المال ما ملكته من جميع الأشياء وهو عند أهل البادية يطلق أكثر على الأنعام وعند أهل الحضر أكثر ما يطلقونه على الذهب والفضة قال ابن الأثير:" المال في الأصل ما يملك من الذهب والفضة ثم أطلق على كل ما يقتنى ويملك من الأعيان "ا ب-المال في الاصطلاح اختلف الفقهاء في تعريف المال على النحو التالي عرف فقهاء الحنفية المال تعريفات متعددة :عرفه ابن عابدين بما يميل إليه الطبع ويمكن ادخاره لوقت الحاجة والمالية تثبت بتمول الناس كافة أو بعضهم[1] وعرف المالكية المال بتعريفات مختلفة قال الشاطبي ( هو ما يقع عليه الملك ويستبد به المالك عن غيره اذا اخذه من وجهه)[2] وقال ابن العربي( هو ما تمتد إليه الأطماع ويصلح عادة وشرعا للانتفاع به)[3] وقال عبدالوهاب البغدادي ( هو ما يتمول في العادة ويجوز اخذ العوض عنه)[4] وعرفه الزركشي من الشافعية بأنه ما كان منتفعا به مستعدا لان ينتفع به[5] وحكى السيوطي عن الشافعي انه قال : لا يقع اسم المال إلا على ما له قيمة يباع بها وتلزم متلفه وان قلت وما لا يطرحه الناس مثل الفلس وما أشبه ذلك[6] وقال الحنابلة : المال شرعا ما يباح مطلقا أي في كل الأحوال أو يباح اقتناؤه بلا حاجة[7] المال العام إن إطلاق صفة "العام "على شيء أو جهة أو شخص يدل على وجود مقابل له في اللغة والاصطلاح . لذلك فالمال قسمان خاص وعام كما يقسمه العلماء : المال الخاص هو المال الذي يملكه شخص معين أو أشخاص محصورون ومن أحكامه جواز التصرف فيه بأصالة أو بوكالة أو بولاية ويقطع سارقه بشروطه[8] ويكون المال الخاص مالا عاما إذا ما وقف شخص أرضَه؛ لتكونَ مسجدا أو على جهة بر عامة، وكما إذا انتزعتِ الدولة عَقارًا من مالكه؛ لتوسيع مسجدٍ أو طريق لداعي المصلحة العامَّة، والمال العام قد يصير خاصًّا، كما إذا اقتضتِ المصلحةُ العامَّة بَيْعَ شيءٍ من أملاك بيت المال، أو مصلحة الوقف بَيْعه لِمَن يرغب في شِرائه، فإن هذا المبيع يصبح مِلكا لمن اشتراه، ومالاً خاصا به إذن فالمال العام هو ما كان مخصصا لمصلحة عموم الناس ومنافعهم أو لمصلحة عامة كالمساجد والربط وأملاك بيت المال حيث لا قطع فيه عند الجمهور ويذكره الفقهاء في باب البيع والرهن والإجارة وفي جميع أبواب المعاملات وفي باب السرقة[9] خصائص المال العام يتسم المال العام في الإسلام بخصائص مستنبطة من كلام الفقهاء تميزه عن المال الخاص، من أهمِّها ما يلي: -المالك الحقيقي لأعيان ما يقع في نطاق المال العام هو الله – سبحانه وتعالى – مِصداقا لقول الله – تعالى -: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم)[10] -إن حق الانتفاع والاستغلال في أعيان المال العام للجماعة، باعتبارها مؤلفة من أفراد ذوي أنصبة أزلية فيه، ولكل منهم كِيانه الإنساني، فلقد خلق الله ما على الأرض للناس جميعا لتقوم حياتهم أفرادا وجماعات...
[1] رد المحتار لابن عابدين [2]الموافقات [3]أحكام القران [4]الإشراف على مسائل الخلاف للقاضي عبد الوهاب المالكي [5] المنثور في القواعد [6]الاشباه والنظائر للسيوطي [7]شرح منتهى الارادات [8]الموسوعة الفقهية الكويتية [9]مفهوم المال في الاسلام للداودي ص 16 [10]البقرة29 عن بحث "المصلحة المعتبرة في تدبير المال العام " عبدالسلام يونس مفتش ممتاز للمصالح المادية والمالية بتاطير من الدكتورة ناجية اقجوج يتبع