دعا إدريس لشكر, الكاتب الأول لحزب الاتحاد لاشتراكي للقوات الشعبية, عبد الاله بنكيران رئيس الحكومة, إلى تحمل جميع مسؤولياته الدستورية لوضع حد لهذا الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي المأزوم والذي أدخل البلاد في ارتباك خطير, خاصة في ظل أوضاع دولية صعبة لا يمكن مواجهتها بسياسة القرارات الأحادية الجانب ، دون استشارات واسعة لمكونات فئات الشعب المغربي،مذكرا رئيس الحكومة أن البلاد اليوم في انتظارية قاتلة والتي لها نتائج وتداعيات وخيمة على عدة مستويات، وأن الشعب المغربي سئم الانتظار للإعلان عن الحكومة منذ ثلاثة أشهر، خاصة وأن الدخول السياسي والاجتماعي والبرلماني على الأبواب وأوضح لشكر الذي كان يتحدث في ندوة صحفية أمس بالمقر المركزي للحزب بالرباط، بمناسبة الدخول السياسي والاجتماعي، بهدف تقديم أنشطة وبرنامج الحزب على مختلف المستويات، سواء تلك التي تتعلق بتحركاته على المستوى الداخلي أو الخارجي، أن الحدث الكبير الذي يستعد له حزب الاتحاد الاشتراكي، يتعلق بالتظاهرة الإحتجاجية، التي سينظمها يوم 5 أكتوبر 2013، تحت شعار «ضد الإبتزاز السياسي والتفقير الإجتماعي»، التي تهدف إلى التعبير القوي عن الرفض المطلق للنهج الذي يقوده حزب العدالة و التنمية، الذي أسندت له قيادة الحكومة، و الذي أوصل التحالف الحكومي إلى المأزق الذي شهدناه جميعا. وأضاف لشكر في السياق ذاته أن المأزق الذي يقع فيه المغرب اليوم سببه الفريق الذي يقود الحكومة، حيث اعتقد حزب العدالة أن حصوله على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، يمنحه سلطات مطلقة فوق الدستور والقانون و البرلمان، ولما يفشل في فرض هذه الهيمنة، يهدد بالنزول إلى الشارع، في عملية إبتزازية وهمية، مدعيا أنه أساس الإستقرار في المجتمع المغربي. وأبرز الكاتب الأول بنفس المناسبة أن المغرب اليوم أمام منهجية سياسية غريبة، لم يشهد التاريخ مثيلا لها، بسبب المنطق السياسي لهذا الحزب، حيث يحاول حزب حاكم تقمص دور المعارضة، ويتحدث، كذبا و بهتانا باسم الشارع، أي باسم الجماهير الشعبية، التي يسلط عليها سيف الزيادات المتتالية في الأسعار و يعمل على تفقيرها يوما عن يوم. وشدد لشكر بنفس المناسبة أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يؤكد إرادته القوية، للتصدي لسياسة الإبتزاز و التفقير، وسيعمل على تكوين جبهة قوية، لمواجهة الارتجال الذي يطبع القرارات الإقتصادية الخطيرة للحكومة، وعلى رأسها على سبيل المثال ، تجميد الاستثمار العمومي ، مما كان له الأثر الوخيم على التنمية، وكذلك الزيادات المتوالية في الأسعار، و خاصة المحروقات، التي تؤثر بشكل سلبي على كل القطاعات الأخرى. واستغرب لشكر المنهجية التي تم سلكها في اتخاذ مثل هذه القرارات الخطيرة، حيث لم تخضع لأي نقاش جدي في البرلمان، أو أي حوار مع الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين، بل اتخذت أيضا دون أية مشاورة حتى مع الحلفاء في التكتل الحكومي، ما يؤكد أن الحزب الذي يقود الحكومة يتوهم أن الشعب فوض له كل شيء، بما في ذلك ضرب قدرته الشرائية و تفقير مختلف طبقاته الاجتماعية. وسجل لشكر أن الحزب الذي يقود الحكومة قد عطل أوراش الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي جاء بها الدستور, والتي شكلت مطالب ملحة للشعب المغربي إبان الحراك الاجتماعي وظهور حركة 20 فبراير، ناهيك عن مشروع إصلاح القضاء والارتباك الذي حصل فيه، مشيرا إلى الخصومات التي خلقها وزير العدل مع الجسم القضائي وضرب استقلالية مهنة المحاماة وكتاب الضبط والعدول… والاقتطاعات عن الإضرابات للمشتغلين بالقطاع. وتساءل لشكر في نفس الصدد على مآل الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية، الذي لم يتوقف، منذ التسعينات، إلى أن سيطر حزب العدالة و التنمية على الحكومة, من يناقش مطالب الشغيلة؟ من المسؤول عن حماية القدرة الشرائية للمواطنين؟ من يحمي الطبقات الفقيرة من بطش الغلاء و جمود الأجور و الاقتطاعات بسبب المشاركة في الإضراب؟ وشدد لشكر على أن الاتحاد الاشتراكي أمام هذا الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي المأزوم والخطير سيواصل دوره في المعارضة التي يكفلها له الدستور، و سيعمل على فتح مختلف الواجهات للدفاع عن الديمقراطية و عن القدرة الشرائية للجماهير، خاصة بعد اعتماد نظام المقايسة، الذي اتخذ خارج أي حوار، كما سيواصل التنسيق مع حلفائه في حزب الاستقلال و مع الشغيلة عبر تنظيماتها النقابية و مع مختلف القوى الاجتماعية و الحقوقية. وبخصوص تطور العلاقات الخارجية للحزب, سلط لشكر الضوء على أربعة أحداث رئيسية شكلت استمرارية للدينامية الدبلوماسية التي انخرط فيها الحزب مند المؤتمر الوطني الأخير, والتي بلغت أوجها في نهاية الربيع المنصرم, باستضافة منتدى الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية العربية، واستقبال رئيس الأممية الاشتراكية ووفود برلمانية باسكية وأوروبية. أول هذه الأحداث, الزيارة التي قام الكاتب الأول لموريتانيا استجابة لدعوة من أحمد ولد دادةو رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية, وهي زيارة كانت مندرجة في سياق توطيد أواصر الصداقة والتعاون مع هذا الحزب الشقيق والعضو الوازن في الأممية الاشتراكية، وكذلك من أجل ربط الاتصال بفصائل المعارضة التقدمية والقوى الحية بالبلاد، وكانت فرصة لأداء الواجب الوطني بزيارة تضامن ومؤازرة للمناضل الصحراوي الصامد مصطفى ولد سلمة في محنته, والذي تباحثنا معه حول وضعيته وآفاق النضال ضد ما يتعرض له من قمع واضطهاد على يد أجهزة المخابرات الجزائرية وعملائها الانفصاليين. وبالنسبة للحدث الثاني, الذي تمثل في استقبال السيد ايمانويل غولو رئيس اللجنة الافريقية للأممية الاشتراكية ورئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي البنيني بمقر الحزب بالرباط، حيث جاء لتقديم الشكر على دعم الاتحاد له أثناء ترشحه لرئاسة هذه اللجنة، وليعرض علينا برنامج عمله ويتشاور معنا بخصوص رؤيته لتفعيل لجنة إفريقيا وإعطائها نفسا جديدا لمواجهة مختلف التحديات المطروحة على القارة الافريقية. أما الحدث الثالث فيندرج في استقبال وفد من الاتحاد العالمي للشباب الاشتراكي، الذي جاء في إطار تنفيذ توصية المجلس الأخير للاتحاد، الذي انعقد في دورتموند بألمانيا في شهر ماي المنصرم، والتي تخص انجاز مهمة استطلاعية بأقاليمنا الصحراوية(العيون وبوجدور والداخلة) وبمخيمات المحتجزين بتندوف. وكان هذا الوفد يضم بالإضافة إلى إخوتنا رقية الدرهم، علي اليازغي ومصطفى عماي ونوفل بلعمري,أعضاء من الشبيبة الاتحادية وعناصر من شبيبة البوليساريو والأمينة العامة للاتحاد العالمي للشباب الاشتراكي وأعضاء آخرين من مختلف الجنسيات . وأوضح لشكر في هذا الإطار أن هذه المبادرة التي انخرطت فيها الشبيبة تندرج ضمن المقاربة التي يعتمدها الاتحاد الاشتراكي من أجل فضح زيف الأطروحة الانفصالية في المحافل الدولية ، هذه المقاربة التي تبلورت للحزب عبر تجربة طويلة في مواجهة أعداء الوحدة الترابية والتي رسخت لنا قناعة بضرورة اخراج قضيتنا الوطنية من دبلوماسية البيانات والكواليس إلى رحابة أرض الواقع, وذلك بجر المنظمات الدولية إلى المعاينة الميدانية والى التزام المسؤولية والنزاهة وتحري الحقائق قبل إصدار الأحكام الطائشة حول ما يسمونه «الاحتلال والقمع والإبادة». وأردف لشكر قائلا «أن أول تجسيد لهذه المقاربة الشجاعة والمسؤولة، عندما رتب الاتحاد الاشتراكي مع رئيسة لجنة البحر المتوسط للأممية الاشتراكية أول لقاء»لمجموعة الاتصال حول الصحراء»، انعقد بمدريد في يونيو 2012 ، برئاسة الاشتراكية الاسبانية ايلينا فالنسيانو وحضور الأمين العام للأممية الاشتراكية وعضو قيادي من جبهة التحرير الجزائرية ومسؤولين من البوليساريو والأخوين العربي عجول ومحمد بنعبد القادر من الاتحاد الاشتراكي، وكان موضوع الاجتماع هو من جهة, التباحث في أفضل السبل التي تجعل الأممية الاشتراكية تصاحب وتدعم جهود الأممالمتحدة لإيجاد حل سياسي متوافق عليه ، ومن جهة ثانية التفكير في صيغة معقولة لتمكين الأممية الاشتراكية من انجاز زيارة لتحري الحقائق بالمنطقة» أما التجسيد الثاني لهذه المقاربة, فقد كان في المجلس الأخير للاتحاد العالمي للشباب الاشتراكي، حيث بادرت الشبيبة الاتحادية برفع التحدي في وجه المناورات الانفصالية وتوجيه الدعوة الصريحة للمنظمة، من أجل المعاينة الميدانية للفرق الشاسع بين ما تنعم به الأقاليم الصحراوية من جهود تنموية وتعددية سياسية وما ترزح تحته المخيمات من تسلط عسكري وخنق للحريات وتهريب لارادة السكان ومتاجرة في المساعدات الإنسانية. وبخصوص الحدث الرابع, أشار لشكر إلى أنه يتمثل في انعقاد لجنة الأخلاقيات للأممية الاشتراكية بلندن في التاسع من هذا الشهر، والتي هي من تسهر على تتبع مدى احترام الأعضاء للميثاق الأخلاقي للمنظمة وتبت في طلبات العضوية، وما ميز اجتماعها الأخير هو عودتها للبت في طلب البوليساريو بخصوص ترقية عضويته من عضو ملاحظ إلى عضو كامل العضوية، وكان هذا الطلب قد قوبل بالرفض في اجتماع سابق بفضل جهود الوفد الاتحادي، لكن الانفصاليين مدعومين ببعض الأحزاب المعادية لوحدتنا الترابية, جددوا وضع طلبهم في اجتماع لندن الأخير، وكانت مداخلة مندوب الاتحاد الاشتراكي الأخ عبد الرحمان العمراني حاسمة في تنبيه أعضاء الاجتماع إلى أن مجرد وجود البوليساريو كعضو ملاحظ في الأممية الاشتراكية هو انتهاك لروح ميثاقها الأخلاقي، أما إذا أصبحت هذه المنظمة العسكرية الستالينية عضوا كاملا في الأممية, فإن الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية الحقيقية ستكون مضطرة لاتخاذ ما يعفيها من تحمل هذه المهزلة، وبذلك رفضت اللجنة الاستجابة لطلب البوليساريو وطوي الملف.