استقبل إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية جورج باباندريو رئيس الأممية الاشتراكية والوفد المرافق له مساءأول أمس بالمقر المركزي للحزب بالرباط، بحضور محمد اليازغي الكاتب الأول السابق للحزب والرئيس الشرفي للأممية الاشتراكية، ثم الحبيب المالكي رئيس اللجنة الإدارية وبعض أعضاء المكتب السياسي واللجنة الإدارية للحزب، وأجرى الطرفان محادثات سياسية تناولت عددا من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها قضية الصحراء. وفي هذا السياق أكد لشكر أن الاتحاد الاشتراكي جد منشغل داخل الأممية الاشتراكية بنزاع مفتعل ومفروض عليه وهو نزاع الصحراء المغربية الذي أصبحت فيه بعض الأحزاب المتحمسة، والتي تجهل تاريخ وجغرافية المنطقة وخلفيات الصراع ورهاناته، ناطقة رسمية باسم البوليساريو وشغلها الشاغل هو الترويج للأطروحة الانفصالية ضدا على حق الشعب المغربي في وحدته الترابية، بل إن هذه الأحزاب لم تعد لها الرغبة حتى في الحوار والانصات. واستغرب لشكر بنفس المناسبة، أن هذه الأحزاب التي أصبحت ناطقة رسمية باسم جبهة البوليساريو الانفصالية داخل الأممية الاشتراكية ،هي أحزاب لا تكن كثيرا من الود للأممية الاشتراكية، وفي هذا الصدد شدد لشكر على أن قضية الصحراء المغربية التي يستمر بعض أعضاء الأممية الاشتراكية في حبك المناورات ضد السيادة الوطنية للمغرب على أقاليمه الصحراوية باسم حقوق الإنسان وتصفية الاستعمار، تشكل للشعب المغربي قضية وطنية ذات أولية خاصة، ولا يمكن التنازل عليها. وكشف لشكر في نفس اللقاء عن سر ظل مكتوما في أروقة الأممية منذ المؤتمر ما قبل الأخير سنة 2008 في أثينا، وهو أن الاتحاد الاشتراكي كان سينسحب من الأممية الاشتراكية احتجاجا على قبول عضوية البوليساريو في هذا المؤتمر بطريقة متسرعة فيها خرق واضح لمسطرة قبول العضوية. لكن بعد نقاش حاد وعميق في قيادة الحزب، استقر القرار على مواصلة العمل في الأممية الاشتراكية على اعتبار أن جبهة الانفصاليين هي مجرد عضو ملاحظ وأن التوجه العام داخل الأممية من شأنه أن يستدرك الأمر، وينتبه إلى أن البوليساريو ليست حزبا ديمقراطيا ولا حركة تحرر وإنما هي تنظيم ستاليني مسلح، وأن رئيسه الذي يتصرف كرئيس لجمهورية ما، هو أقدم رئيس في العالم بعد رحيل القذافي المؤسس الفعلي والممول الرئيس للبوليساريو، فالأمين العام لجبهة البوليساريو يعيد انتخاب نفسه منذ ثلاثين سنة في مؤتمرات شكلية محروسة من طرف أجهزة المخابرات الجزائرية. وتوجه لشكر لرئيس الأممية الاشتراكية قائلا « إ، فبالأحرى أن يصبح عضوا كامل العضوية كما تأكد في مداولات لجنة الأخلاقيات ليلة انعقاد المؤتمر الأخير للأممية الاشتراكية بجنوب إفريقيا»، مضيفا أن حزب الاتحاد الاشتراكي كحزب اشتراكي ديمقراطي سيبقى ملتزما داخل الأممية الاشتراكية بأسلوب الحوار والتوافق «وسنظل دائما رهن إشارتكم في أي مبادرة ترون أن من شأنها تفعيل دور الأممية الاشتراكية في المساعدة على إيجاد حل سياسي لهذا النزاع المفتعل». وأوضح الكاتب الأول أن القرارات التي كانت تصدرها الأممية الاشتراكية قبل عشر سنوات، كانت قرارات متزنة وتندرج في صلب مهام المنظمة حيث كانت تكتفي بالتنصيص على دعم جهود الأممالمتحدة من أجل حل سياسي دائم ومقبول من الطرفين، «ونحن نأسف لخروج الأممية عن هذا الخط وتحولها أحيانا إلى محكمة دولية تعسفية لمحاكمة المغرب وإدانته دون التوفر حتى على أدلة وشواهد إثبات.» ومن جانبه انتهز جورج باباندريو رئيس الأممية الاشتراكية الفرصة لتقديم التهاني باسمه الخاص وباسم أعضاء الأممية الاشتراكية لإدريس لشكر على انتخابه كاتبا أول لحزب له تاريخ ووزن ،من حيث المساهمات والأنشطة التقدمية المتعددة التي يقوم بها سواء داخل المغرب أو خارجه، والذي يحظى بالاحترام الكبير داخل الأممية الاشتراكية. كما أشاد باباندريو بالمبادرات التي اتخذها لشكر في قيادة الحزب، والتي اعتبرها مبادرات ذات أهمية قصوى خاصة توحيد القوى التقدمية والاشتراكية بالبلاد، ثم نوه بأعمال ومجهودات الكاتب الأول لرفع الأصوات المؤمنة بالاشتراكية والتقدمية التي لها فوائد كثيرة، ليس فقط لحزب الاتحاد الاشتراكي ولكن ستساهم في رفع مستوى الاشتراكية في العالم. وثمن باباندريو مبادرة المنتدى العربي الديمقراطي التي أقدم عليها الكاتب الأول للاتحاد لجمع العدد الكبير من الأحزاب العربية بهدف إيجاد صيغة مشتركة وفضاء للاشتغال على القضايا التقدمية والاشتراكية والديمقراطية في العالم العربي، خاصة مع المستجدات الطارئة على المنطقة بفعل تحولات ومستجدات الربيع العربي، مبرزا في نفس الآن أن المبادرات التي يقوم بها لشكر والباعثة للأمل في التغيير، وبهذه النظرة السياسية الاستشرافية، لهي مبادرات تاريخية ولها أدوار أساسية في المستقبل لأنها ستفيد المجتمعات والحركة الاشتراكية بشكل عام. وبخصوص قضية الصحراء المغربية، أكد رئيس الأممية الاشتراكية أن هذه الأخيرة بالفعل ليست محكمة دولية لإصدار أحكام، «لكن نحن كحركة تقدمية بإمكاننا الاطلاع على مختلف المقاربات وتكوين وجهات نظر، وإيجاد موقف مشترك في ما بينها.» وفي نفس السياق سلط باباندريو الضوء على بعض القضايا المرتبطة بقضية الصحراء، والتي يتفق مع الكاتب الأول فيها، كأنه لا يجب تجاهل الخلفية التاريخية لأية مشكلة، ثم حين ننظر لمثل هذه المشاكل المطلوب أن نكون واضحين وملتزمين بالمبادئ التي نؤمن بها داخل الأممية الاشتراكية، والتي تهم أعضاء المنظمة سواء كانوا رسميين أو ملاحظين بالإضافة إلى الوعي بحساسية القضية لدى الشعب المغربي. وذكر رئيس الأممية الاشتراكية في معرض رده على لشكر بخصوص قبول عضوية البوليساريو كعضو ملاحظ، بالمسطرة المتبعة داخل الأممية الاشتراكية وعلى أن هناك اختلافات في هذا الموضوع، ثم هناك لجنة للأخلاقيات التي من بين مهامها اقتراح عضو جديد على المؤتمر وتتبع هذا العضو ومدى احترامه لأخلاقيات ومبادئ الأممية الاشتراكية، بغض النظر عن نوعية العضو وعمل اللجنة هو كشف الخروقات وماهية المشاكل التي يعيشها مع عضو آخر. وفي ختام هذا اللقاء أعطى الكاتب الأول للحزب الكلمة لمحمد اليازغي من أجل إلقاء كلمة ختامية لهذا اللقاء المتميز بكل المقاييس، وذكر خلالها اليازغي باختياره إلى جانب بعض الشخصيات السياسية الوازنة كرئيس شرفي للأممية الاشتراكية، لأن هذا التكليف فيه تشريف لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بشكل خاص والمغرب بشكل عام. وشاكرا إياه الاستجابة لدعوة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية للحضور للمغرب وإجراء هذا الحوار الثنائي مع قيادة الحزب وبمقرها المركزي حول عدد من القضايا الأساسية التي تهم البشرية جمعاء. وتناول اللقاء العديد من القضايا السياسية إلى جانب قضية الصحراء، كالقضية الفلسطينية، ثم الاقتصاد المعولم اليوم، ومستقبل الاشتراكية في العالم العربي والعالم ككل، والأدوار الأساسية التي يقوم بها الاتحاد الاشتراكي بالأممية الاشتراكية.