انتهيا من تناول وجبة غذاء مكلف وأخذ ورد في الكلام ، واستقرا على أريكة في زاوية صالون يطل على البحر. المكان قصر ووهم وصمت وبوح ، وأغاني ماجدة الرومي و…كلمااات نظر إليها ، نظرت إليه ثم أطالا النظر - أتدري حبيبتي أنت ألذ من هذا الطاجين ، أحلى من هذا الكوكتيل في المساء ترجلا ليكملا فسحتهما المسائية ، قبل أن يفترقا. اختارا بعناية مقهى على الكورنيش . تربعا على كرسيين وثيرين ، وامتد بصرهما على زرقة لا تنتهي. رشف من فنجان قهوته رشفة ، و تذوقها بعناية المغرم بالبن البرازيلي . - أتدري حبيبتي … ، أنت أطيب من مذاق هذه القهوة وتهجى بعناية و صمت علامة تجارية لقهوة إيطالية مشهورة. تفحص ملامحها بدقة ، واسترجع للحظات ليلته الباردة معها البارحة. كان وجهها الكمنجي المستطيل لا يوحي بشيء ، حتى لرسامي الكاريكاتير. وكان عليه أن يقول كذبا أو يصمت. بقايا ندوب من معارك طفولة قديمة ، فجرت في ذاكرته لغما منسيا. تذكر أن ما صرفه عليها من مال يستحق لكمة دامية على الأنف . تذكر أيضا كيف استسلم لنزوة فجائية وعابرة ، وعليه أن يكمل فصولها للآخر. أصبحت عملية الحساب لديه سهلة ، وواضحة أعاد النظر إليها مرة ثانية وثالثة ، ونفث دخان سيجارته من جعبتي أنفه بحرقة ، كأنه يخرج معه شيئا ثقيلا من جسمه. تذكر ما يدور بين العشاق حول هذه المقهى بالذات ، وكيف أنها تبيع الجلسة فقط بلا جودة. تساءل مع نفسه : - أتكون هي أيضا كما المقهى ، قد باعت لي ليلة باردة ، ولا شيء غيرها ؟. نظر إليها مرة ، وأخرى إلى طيور النورس ، وهي تحلق فوق المحيط المترامي أمامه . تأملها طويلا …. واسترجع كل تلك الكلمات الكاذبات دفعة واحدة ، ثم همس بينه وبين نفسه مرة أخرى : - ما أكذبني …!