سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عجول والأشعري وبوعبيد يقترحون خطا سياسيا “لا يتخلى عن المواجهة حين يقتضيها الصراع السياسي” دون أن يترشح أي منهم للدفاع عنه في المؤتمر 9 للاتحاد الاشتراكي اسماعيل بلا وعلي
الثلاثي بوعبيد والاشعري وعجول أعلن العربي عجول ومحمد الأشعري وعلي بوعبيد، الثلاثي المجمد مشاركته في اجتماعات المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، عدم ترشيحهم للتنافس على الكتابة الأولى لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. غير أنهم كشفوا في نفس الوقت عن مشروع خط سياسي طموح وجريئ ل”الاتحاد من أجل المستقبل”. البلاغ الصادر عن القياديين الثلاثة في حزب الاتحاد الاشتراكي برر قرارهم بعدم تقديم ترشيح للدفاع عن أطروحتهم في المؤتمر المقبل بأسباب من بينها “إفراغ التنافس على قيادة الحزب من كل مضمون سياسي يعيد الاعتبار للأفكار والمشاريع، ويسمح بتعاقد واضح بين القيادة والقاعدة”. إضافة إلى “عدم الاستجابة لمطالبنا بالانفتاح على منخرطين جدد وفتح حوار مع مناضلي اليسار بما يسمح بتكوين قاعدة جديدة وذات مصداقية تساعد المؤتمر على تجديد القيادة في شروط ديموقراطية تجيب على تحديات المرحلة، وعلى بلورة خط سياسي من أجل المصلحة العليا للبلاد.” لكن ذلك لم يمنعهم من صياغة ونشر وثيقة عبارة عن مشروع خط سياسي يتضمن تشخصيا سياسيا (وليس تنظيميا فقط) لأزمة الحزب وعناصر للبديل الذي يعتبرون أنه الأنسب لإخراجه من هذه الأزمة. خط ولد يتيما ليغاب مرشح يدافع عنه خلال المؤتمر المقبل لحزب القوات الشعبية. خط ثالث بين الأغلبيين والسلطويين قبل استعراض عناصر الخط السياسي المقترح للمستقبل تقدم الوثيقة تشخيصا للوضع السياسي في المغرب بعد الدستور الجديد. تشخيص يقف على وجود تصورين متناقضين لمستقبل الديمقراطية في البلاد. التوجه الأول يعتبر أن: “المغرب لم ينضج بعد للتوفر على نظام ديمقراطي، وفي وضع كهذا، فإن الديمقراطية بما تحدثه من توترات دائمة تكون تهديدا مباشرا للنظام الاجتماعي والاقتصادي، لذلك فإنها لا تكون حلا ناجعا إلا إذا خضعت “لتنظيم سلطوي” من قبل الدولة، يتحكم في مسارها وفي مضامينها، والمخاطرة هنا هي تبرير تصور اختزالي للديمقراطية بضرورة “حماية الديمقراطية” وهو ما يفتح الباب أمام احتمالات التراجع وتقليص الحريات والإخلال بتوازن السلط.” أما التوجه الثاني فيتعتبر أن: “الديمقراطية ليست سوى مسطرة حسابية توفر الشرعية للحاكمين وفقا لقانون الأغلبية، بغض النظر عما ستفعله الأغلبية بهذه الشرعية، والمخاطرة هنا هي تقويض الديمقراطية باسم الديمقراطية وبوسائلها.” مقابل هذين التوجهين المخترقين للمشهد السياسي المغربي اليوم، تقترح وثيقة “الاتحاد من أجل المستقبل” توجها ثالثا وتقول: “بالنسبة للبعض الآخر وللديمقراطيين على وجه التحديد، فإن الديمقراطية رغم كونها مسطرة حسابية لتحديد الأغلبية والأقلية فإنها أولا وقبل كل شيء نظام مجتمعي قائم على منظومة قيم ملموسة تهم الحريات الفردية والجماعية.” “النوايا الديمقراطية للعدالة والتنمية لا تبعث على الارتياح” بعبارات أقل تجريدا تمضي الوثيقة في تشخيصها للواقع السياسي محذرة من مخاطر الخط الأغلبي في فهمه وممارسته للبناء الديمقراطي: “أجندة البناء الديمقراطي بما في ذلك القوانين التنظيمية ذات البعد التأسيسي للوضع الدستوري الجديد، بين يدي أغلبية هجينة بقيادة حزب إسلامي لا تبعث “نواياه الديمقراطية” على الاطمئنان، ويستمد بعضاً من قوته الأساسية من انهيار مصداقية الطبقة السياسية. وهذا هو جوهر التناقض الذي يطبع الوضع السياسي في بلادنا حاضرا ومستقبلا، ويزيد من تقعد المعادلة الديمقراطية لحد يصبح معه نجاح التجربة الحكومية الحالية غير موصل بالضرورة إلى إنجاح الاختيار الديمقراطي. لذلك فإن معرفة من سيكون الرابح ومن سيكون الخاسر من التجربة السياسية الحالية ليست مسألة سهلة ولا بديهية!” هذا الوضع الجديد يحتمل، حسب الوثيقة، نتيجتين ممكنتين: “من الممكن أن نعتبر أن نجاح هذه التجربة سيرسخ شرعية حزب العدالة والتنمية، الشيء الذي قد يدفعه إلى توسيع هيمنته الايديولوجية لحد منازعة الملكية نفسها في احتكارها لتدبير الحقل الديني، والى ارتهان المجتمع برمته في تصور حسابي للديمقراطية.” “وبالمقابل فإن فشل التجربة الحكومية الحالية قد لا يفهمها الرأي العام كنتيجة مباشرة “للتدبير السيء” للعدالة والتنمية، بل كنتيجة “للحرب المعلنة” عليه من قبل خصوم بدون مصداقية، وعند ذلك سنكون أمام ارتفاع مضاد لشعبية الحزب الإسلامي، بل إن هذا الفشل سيكون بمثابة إعلان عن فشل تطبيق الدستور، الشيء الذي سيفتح الباب واسعا أمام التشكيك في الاختيار الديمقراطي، وأمام تنامي المواجهة خارج المؤسسات.” لذلك تحمل الوثيقة حزب الاتحاد الاشتراكي، من خلال مؤتمره المقبل، مسؤولية “ تقديم أجوبة شجاعة تأخذ بعين الاعتبار مستلزمات الصراع السياسي الذي يجب أن نخوضه دفاعا عن الديمقراطية، ويأخذ بعين الاعتبار كذلك دوره في المجتمع دفاعا عن التقدم والحداثة.” “الحداثة ليست منظومة قيم فقط بل خط سياسي” من المواضيع الأساسية التي تعتبر الوثيقة أن الحزب يجب أن يقدم بخصوصها جوابا “ديمقراطيا”، مسألة موقع الدين في المجتمع والسياسة. مبدئيا تشدد ورقة “الاتحاد من أجل المستقبل” على: “التمسك بالقيم الكونية لحقوق الإنسان كقيم مؤسسة للإنسية الديمقراطية، معتبرين أن مصداقية هذا الاختيار الذي يراهن على حرية الفرد وعلى تحديث المجتمع المغربي تواجه سؤالا مزدوجا يجب أن نجيب عليه بكل وضوح. سؤالا يرتبط بمكانة الدين في المجتمع، وسؤالا يرتبط بحضور المخزن وهيمنته في الحياة السياسية”. قبل الإجابة عن هذا السؤال تجدر الإشارة إلى أن الوثيقة تؤكد في فقرة سابقة أن على الاتحاديين أن “يشرحوا ما يعنونه بالحداثة السياسية ليس فقط كمنظومة قيم، بل أيضا كخط سياسي، لأن القيم لا معنى لها إلا إذا ارتبطت بخط سياسي.” أما الجواب على السؤال الأول فتقدمه كما يلي: “في ما يخص مكانة الدين في المجتمع فإننا نعتبر أن المعتقد هو بالأساس مسألة فردية ترتبط بمجال الحياة الخاصة، لكن على المستوى الجماعي نعتبر أن الإسلام بعد روحي وثقافي أساسي في تماسك الأمة المغربية، خصوصا وأنه بعد يحمل في طياته كل قيم المساواة والتضامن والعدالة التي نؤمن بها. لذلك فإننا نعتقد بوجود انسجام كامل بين القيم الكونية التي نتمسك بها، وبين القيم المرتبطة بثقافتنا وتراثنا كما نتمسك بها جماعيا في مجتمعنا. إن الرهان هنا ليس كما يبدو للبعض في إذكاء مواجهة عمياء بين كونية محررة وبين خصوصية مكبلة، بل في إيجاد توازن بين حرية الفرد وبين انتمائه إلى المشترك الجماعي الذي تجسده الأمة. فعلى هذا التوازن يتوقف انخراطنا الذكي في العصر الحديث عبر مسارنا الخاص.” غير أن الوثيقة لا تقدم تفاصيل شافية لتبرير هذا “الانسجام” المفترض بين القيم الكونية والقيم التراثية الخصوصية، وما إذا كان الأمر يتعلق بانسجام القيم الكونية مع تأويلات متنورة للدين، والمجهود اللازم لإعلاء شأن هذه التأويلات مقابل التأويلات الأخرى التي ترى تناقضا وصداما بين القيم التراثية الخصوصية والقيم الكونية. مع ذلك سيكون الجواب الذي قدمته الورقة لهذا السؤال الأول محددا أساسيا في رؤية الوثيقة لموقع الدين في الحقل السياسي والأدوار السياسية المدنية للمؤسسة الملكية من خلال مفهوم “إمارة المؤمنين”. “علاقة الاحترام والوفاء تتعارض كليا مع إهانة المواطن وإنكار الكرامة الفردية” هكذا تعتبر ورقة “الاتحاد من أجل المستقبل” عن رفض مبدئي لاستعمال الدين في السياسة سواء من طرف الأحزاب أو المؤسسة الملكية. “وفي هذا الإطار إذن نعبر عن رفضنا الحاسم لكل استعمال الدين لأهداف سياسية، لما في ذلك من نفي للدين نفسه من المشترك الجماعي.” يشرح مؤلفوا الوثيقة هذا الجواب مؤكدين أنه نابع من: “فهمنا للدور المدني للأحزاب السياسية التي يجب أن ترسخ في المجتمع ثقافة سياسية مرتبطة بالشأن العام، وهي ثقافة لا غنى عنه في بناء الديمقراطية، مثلما هو متلازم مع فهمنا لدور القيم في حياة الفرد وفي حياة المجتمع وارتباط هذه القيم بمفهوم أساسي هو مفهوم الكرامة الفردية التي لا يمكن أن نضعها على رأس ما نؤمن به من أهداف ونسمح من خلال طقوسية مخزنية متخلفة أن تمرغ في التراب. إن علاقة الاحترام والوفاء تتعارض كليا مع إهانة المواطن وإنكار الكرامة الفردية.” بناء عليه تخلص الوثيقة إلى ضرورة تحرير السلطة من “التراث المخزني” نحو بناء “ملكية مواطنية. “ولذلك، فبقدر ما نحن مقتنعون بمركزية الملكية في نظامنا السياسي، كما يكفلها الدستور بمفهوم حديث للسلطة، يحررها من ” القداسة الاستبدادية”، بقدر ما نحن مقتنعون بضرورة تحريرها من ” التراث المخزني” المرتبط في ثقافتنا السياسية بمفهوم قسري للسلطة، وبعلاقة الملكية بالرعايا وليس بالمواطنين، الشيء الذي يلجم كل تحول نحو بناء” الملكية المواطنة” كما يدعو إلى ذلك ملك البلاد.” في نفس السياق تستحضر ورقة “الاتحاد من أجل المستقبل” قناعة مؤلفيها ب: “أن الملكية في المغرب هي أساس النظام السياسي والضامنة لوحدة الأمة، وللوحدة الترابية للبلاد، وللمسار الديمقراطي. إنه اعتقاد مخلص لا يخضع لأي حساب سياسي ظرفي.” غير أن تؤكد في نفس الوقت على أن: “ مركزية الملكية في الحياة السياسية لا يعني أننا لا نطالب بتطورها، بل إننا نؤكد اقتناعنا بما ورد في خطاب 9 مارس التاريخي والذي يرسخ توجها إلى تطوير الملكية المغربية في دورها ووظائفها بما يتلاءم والبناء التدريجي والحاسم للملكية البرلمانية التي ستظل دائما هدفنا الاستراتيجي ، لأنها مرتبطة ارتباط وثيقا بمفهومنا للديمقراطية.” الملكية البرلمانية التي يطمح مؤلفوا الوثيقة لأن يلعب حزبهم دورا في بناء ليست “مجرد شعار مطلبي، بل تعاقدا مع المجتمع يفرض علينا في ممارستنا الفردية والجماعية. وفي تحالفاتنا ومشاريعنا السياسية منطقا جديدا في العمل السياسي.” مع ذلك يسجل على ورقة “الاتحاد من أجل المستقبل” أنها إذ تعتبر المؤسسة الملكية هي المطالبة بتدبير ذكي وحديث للحقل الديني حفاظا على تماسك المجتمع المغربي وعلى استمرارية تراثه الروحي والثقافي”، فإنها لا تبدي أي انشغال بأهمية الحصر الدقيق لمهام إمارة المؤمنين في هذا المجال، وما إذا كانت (الوثيقة) توافق على الخريطة الحصرية التي تقترحها إمارة المؤمنين لما تسميه ب”الأمن الروحي” ووحدة المذهب والعقيدة وطريقة التصوف. “الفصل بين الديمقراطيين والظلاميين تصنيف عقيم” خلاصات العربي عجول ومحمد الأشعري وعلي بوعبيد الواردة أعلاه تحدد بشكل كبير جوابهم على مسألة تموقع الحزب وتحالفاته السياسية في المستقبل. وهكذا تعتبر ورقة “الاتحاد من أجل المستقبل” أن: “في تموقعنا داخل الحقل السياسي، حيث نرفض أن نظل سجناء لذلك التصنيف الخاطئ والعقيم الذي يفصل بين “الديمقراطيين” “والظلاميين” فهذه المقاربة الثنائية السطحية هي سلاح الذين يلهثون وراء “الوصفة الرابحة”، يجب أن لا ننسى أن الخداع السياسي قد مس المعسكرين معا وتسلل إلى صفوفنا أيضا، وأنه مافتئ بتقويضه لمصداقية المجتمع السياسي يبعد الناس عن السياسة ويهين ذكاء المواطن، ويجر المؤسسات إلى الأسفل، والحال أن الوضع السياسي في بلادنا قد أصبح بالغ التعقيد كما أسلفنا، وأنه يدعونا حفاظا على المصلحة الوطنية ليس فقط إلى إيجاد حلول سياسية واضحة وجريئة، بل وإلى العمل على ترسيخ الروح الديمقراطية في المجتمع المغربي، في مواجهة خصومها المعلنين والمضمرين، من دعاة الفكر الرجعي.” مقابل هذا التصنيف المغلق تقترح الوثيقة منهجا أكثر انفتاحا لتحديد تموقعات الحزب السياسية، وتقول: “إننا منفتحون مبدئيا على كل القوى التي تؤمن بالتقدم والحداثة كمرجعية أساسية. ولكننا ضد التحالفات الظرفية ذات الأهداف الانتخابية العابرة، والتي لا تستند إلى وثيقة سياسية علنية وواضحة تنص على المبادئ والقيم المشتركة، وتضع مضامين وحدود عقد التحالف. لذلك نعتقد أن مرجعيتنا الحديثة يجب أن تقودنا منطقيا إلى عقد تحالفات تؤمن بأفق الملكية البرلمانية كمضامين وأهداف واضحة وليس فقط كشعار سياسي.” كما تؤكد مضيفة: “إننا لن نتنازل عن دورنا التاريخي في توحيد اليسار الذي نتقاسم معه نفس مبادئ التقدم والحداثة والاشتراكية، دون أن نضحي بالتعددية التي تطبع تجربة اليسار في المغرب، حيث يتوجب علينا أن نعمل على تطويرها كعامل إغناء وليس كعامل تفرقة، كعامل تعبئة للطاقات الهائلة التي تدعم قيم اليسار دون أن تكون بالضرورة منخرطة في تعبيراته المختلفة.” غير أن عجول والأشعري وبوعبيد يتفادون مع ذلك الحسم في موضوع الكتلة الديمقراطية وما إذا كان معيار “القوى المؤمنة بالتقدم والحداثة”، سيسري على تحديد موقع الحزب (في نظرهم) إزاء حزب الاستقلال حليفه التاريخي في الكتلة الديمقراطية، رغم أنه لا يعتبر من قوى “التقدم والحداثة” وإنما مدافعا عن تصورات محافظة في قضايا المجتمع. علما أن أصواتا داخل الحزب مثل محمد اليازغي ما تزال تصر على أهمية الكتلة الديمقراطية وإمكانيات إحيائها في المستقبل. “الشعب المغربي يطالب باقتراح سياسات عمومية واضحة” طبيعة المعارضة التي يجب أن يمارسها الاتحاد الاشتراكي في رأي عجول والأشعري وبوعبيد، للتجربة الحكومة الحالية، حظيت بجانب هام في وثيقة “الاتحاد من أجل المستقبل”. ذلك أنها تسجل قناعة مؤلفيها بأن: “الشعب وهو يعيش اليوم بؤس السياسة وضحالتها وعجزها عن الاستجابة لإنتظارات الناس، ينتظر الاتحاد، يعرف أن القوة الكامنة التي يمكن أن تواجه المد المحافظ ولوبيات النفوذ والمصالح، توجد في روح الاتحاد وفي العائلة الاشتراكية التقدمية التي يمكن إذا ما اجتمعت على مشروع واضح أن تهيئ بدائل المستقبل.” وتعتبر أنه: “يتوجب على الاتحاد أن يسجل عمله اليومي في إطار رؤية شمولية لا تقتصر على نقد التجربة السياسية الحالية ومعارضتها بل تعمل كذلك على استعادة الثقة والمصداقية، وعلى بناء بدائل مقنعة. إن البعد الأخلاقي في السياسة مسألة أساسية، وهو اللبنة الأولى لإعادة بناء الجسور مع المجتمع،ولكن تطلعات الشعب المغربي تذهب إلى أبعد من ذلك، إنها تطالب المجتمع السياسي بإجراء إصلاحات قوية وباقتراح سياسات عمومية واضحة، وتطالب بنتائج ملموسة في الحياة اليومية للمواطنين وترفض أن يعوض الخطاب الأخلاقي الحسم في الاختيارات والكفاءة في التدبير.” وأن الاتحاد الاشتراكي، “لن ينجح في ابتكار تعاقد جديد مع المجتمع إلا إذا نجح في تعبئة طاقات واسعة لوضع خريطة مدققة للإصلاحات وللسياسات العمومية بتصور جديد للأولويات وبالتزام واضح بالنتائج. وستكون هذه المقاربة على رأس التزاماتنا وتعاقدنا مع المناضلين، اقتناعا منا بأن احترام ذكاء المواطنين يقتضي منا أن نحدث قطيعة مع الابتذال السياسي ومع المشهدية الجوفاء، وأن نضع القواعد الأساسية لنقاش عمومي حول مضامين العمل السياسي وحول سبل تحقيقها.” “حوار وطني واسع لتدبير القرار الديبلوماسي والأمني في قضية الصحراء” في سياق تشخيصها لواقع الحزب حاليا تتأسف وثيقة “الاتحاد من أجل المستقبل” على أن الاتحاد الاشتراكي “لم يعد ذلك الاستثناء في الحقل الحزبي والسياسي، وصار حزبا من بين الأحزاب، يهلل بمنطق التوافق للسياسة المهيمنة، ويقبل بتوافقات الحد الأدنى مع الأحزاب الأخرى، ويستدعي في القضية الوطنية رقما من بين الأرقام ليخبر بشكل بعدي بما استجد في الموضوع.” رافضة لهذا المآل تدعو الوثيقة المؤتمرين والقيادة الجديدة المرتقبة للحزب إلى تبني تصور آخر في تدبير الحزب لقضية الصحراء وتقول: “تأكيدا لاقتناعنا الراسخ بأن مشروع الحكم الذاتي في إطار الوحدة الوطنية يظل بالنسبة للاتحاد الاشتراكي موضوعا مركزيا، لذلك نعتبر أن تدبيرا تشاركيا لهذا الموضوع على أساس حوار وطني واسع لتحضير القرار السياسي، هو المقاربة الأكثر تعبيرا عن تعلق المغاربة بالتعدد داخل الوحدة. إن هذا الحوار يجب أن يمس الجوانب الدبلوماسية والأمنية، كما يجب أن يهتم بتفاصيل الحكامة الترابية لأقاليمنا الجنوبية بما يضمن ربط السكان بهذا المجال الترابي ليس فقط وفق الروح الوطنية العميقة التي تربط بين الصحراويين ووطنهم، ولكن أيضا وفق نموذج الديمقراطية الجهوية التي يتعين على الحكم الذاتي أن يجعل منها مثالا في محيطها الوطني والجهوي، سواء في ما يتعلق بالسياسات التنموية، أو في ما يتعلق بحماية الحريات والحقوق، أو في ما يتعلق بالحفاظ على الهوية الثقافية واللغوية ضمن منظور تحديثي يساهم في ترسيخ المساواة والعدالة الاجتماعية وبناء اقتصاد تضامني فعال.” “المواجهة عندما يقتضيها الصراع السياسي والمصلحة الوطنية” تفرد ورقة “الاتحاد من أجل المستقبل” حيزا هاما للتذكير بانتقادات أصحابها لطريقة تدبير قيادة الحزب لمفهوم “التوافق”، مشددة على أن الاختلاف في التقدير السياسي لهذا التدبير هو جوهر أزمة الحزب، وأن أزمته “سياسية” وليست شخصية أو تنظيمية. في هذا السياق تعتبر الوثيقة أن: “الموضوعية تقتضي أن نعترف بأننا أخفقنا في جعل الانتقال الديمقراطي حقيقة لا يمكن التراجع عنها، مثلما أخفقنا في الخروج وفي الوقت المناسب من منطق التوافقات الذي طمس هويتنا، وأربك تميزنا وجعلنا نتنازل عن أكثر الأشياء جوهرية في تاريخ الاتحاد، وهو المواجهة عندما يقتضي الصراع السياسي ذلك، وعندما تستدعي المصلحة الوطنية أن ندافع عن اختياراتنا وأن لا نقبل بالتفاوض عليها وبأنصاف الحلول التي يفرضها التفاوض، ولا شك أننا أخطأنا في أشياء كثيرة ولكن قاعدتنا الاجتماعية ستتذكر محطات ثلاث لم تر فيها الاتحاد بوجهه الحقيقي وصدمها ذلك: -عندما قرر الحزب المشاركة في حكومة 2002 رغم ضرب المنهجية الديمقراطية -وعندما قرر الحزب المشاركة في حكومة 2007 رغم رتبته الخامسة واندحاره الانتخابي -وعندما لم يخض معركة الإصلاح الدستوري سنة 2011 بمنهجية ومضمون يناسبان تاريخه وطليعيته في النضال من أجل هذا الإصلاح، وكان حريا به أن يتحرر من أغلال التوافق العقيم ويحمل لواء المطالب الحداثية كلها وبدون تنازل.” الجدير بالذكر في هذا السياق أن محمد الأشعري كان وزيرا في حكومة 2002 “رغم ضرب المنهجية الديمقراطية” ولم يصدر عنه ما يفيد نقدا ذاتيا لمشاركته في هذه الحكومة. كما أنه والعربي عجول وعلي بوعبيد لم يفسروا أسباب عودتهم للمكتب السياسي للحزب خلال إعداد مذكرته لتعديل الدستور وتقديمها للجنة المنوني. كما لم يصدر عنهم أي نقد في حينه ل”منهجية ومضمون معركة الحزب لإصلاح الدستور سنة 2011″.