حوار مع ذ: محمد ولد دادة مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين –فاس بولمان- حول أبرز مميزات الدخول المدرسي بالجهة. نلتقي في هذا الحوار مع السيد محمد ولد دادة مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة فاس بولمان الذي تقلد مناصب المسؤولية في قطاع التربية الوطنية كمعلم ثم كأستاذ بالإعدادي ثم كأستاذ بالثانوي التأهيلي قبل أن يتم تكليفه من طرف الوزارة سنة 84 بمهام التفتيش لمادة اللغة الفرنسية بالسلك الإعدادي ، ثم مفتشا مكلفا بإعداد مواضيع الباكالوريا إلى أن تقلد منصب نائب إقليمي للوزارة بخريبكة ، ومنها مديرا للموارد البشرية وتكوين الأطر، أصدر مؤلفا باللغة الفرنسية وساهم في تأليف الكتب المدرسية لسلكي الإعدادي والثانوي بالإضافة إلى نشاطه الجمعوي كنائب رئيس الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة بالفرنسية وعضو لجنة تحرير مجلتها المتخصصة ، له إسهامات كثيرة في مجال التربية على حقوق الإنسان يعتبر خبيرا دوليا معتمدا لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر حيث ساهم بهذه الصفة في تأطير لقاءات دولي خصوصا في مجال إدماج القانون الدولي الإنساني في المناهج التعليمية بالعالم القروي. وهو في هذا الحديث يبرز عددا من الأفكار والتصورات المرتبطة بإستراتيجية الوزارة، عبر مخططها الإستعجالي أو الجهوي الرامية إلى إرساء نظام تعليمي قادر على رفع تحديات جيل “مدرسة النجاح” . سؤال : بماذا يتميز هذا الدخول المدرسي عن سابقه، أليس مجرد دخول كغيره لكن بشعار مختلف ؟ جواب : يتعين القول إن الدخول التربوي الحالي 2009/2010 يتميز عن سابقه بكونه يشكل العتبة الأولى للإصلاح المرتبط بالبرنامج الإستعجالي لذلك ، يتميز برصد ميزانية تفوق 377 مليون درهم بما يعني تجاوز ما تم رصده سابقا للولوجات المدرسية ، إذ عرف إعطاء انطلاقة مجموعة من المشاريع الإصلاحية التي لن تظهر نتائجها وآثارها على التلميذ إلا بعد سنوات ، فهناك مشاريع تروم دعم الأسر الفقيرة من أجل محاربة الهذر المدرسي والانقطاع المبكر عن الدراسة وعدم التحاق الفتاة بالمدرسة خصوصا بالوسط القروي ، وذلك عن طريق توزيع الكتب والأدوات المدرسية والمحفظات والزى المدرسي الموحد ، وكذلك الرفع من قيمة وجبات الإطعام المدرسي وتمديد فتراته لتغطي السنة الدراسية بأكملها 180 يوما، والرفع من قيمة المنحة المخولة للداخليات من 7 دراهم إلى 14 درهما ، إلى جانب اقتناء دراجات وتوزيعها على الأطفال الذين يجدون صعوبة في التنقل بين مقرات سكناهم والمدرسة بالوسط القروي، كما تم الرفع من أعداد الممنوحين بالداخليات والرفع من أعداد التلاميذ المستفيدين من الإطعام المدرسي بالوسط القروي إلى غير ذلك من الإجراءات الداعمة للتشجيع على التمدرس . وأملنا أن ننتقل هذه السنة من نسبة 84 بالمائة إلى 92بالمائة كنسبة للتمدرس على أن تصل إلى 99بالمائة خلال الأربع سنوات المقبلة من عمر البرنامج الاستعجالي ، وقد خصص للدعم الاجتماعي من أجل التشجيع على التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي غلاف مالي هام نذكر منه على سبيل المثال لا الحصر، الغلاف المالي المخصص لاقتناء محفظات وكتب وأدوات مدرسية والتي ناهز21 مليون درهما، وقد مرت هذه العملية بنجاح على مستوى جميع نيابات الجهة حيث تم توفير العدد الكافي من اللوازم المدرسية والمحفظات، وتم توزيعها على التلاميذ خلال الأسبوع الأول من انطلاق السنة الدراسية، ولم نسجل أي تعثر لهذه العملية الضخمة والتي استفاد منها ما يناهز 200 ألف تلميذ”ة” من تلاميذ التعليم الابتدائي بجميع مستوياته بالإضافة إلى تلاميذ السنة الأولى إعدادي . وأملنا أن تساهم هذه العملية في التخفيف عن الأسر خصوصا منها الضعيفة الدخل حيث لا يصبح اقتناء الأدوات المدرسية عائقا أمام تعميم التمدرس ، بل محفزا له. سؤال : مر على تعيينكم على رأس الأكاديمية جهة فاس بولمان ما يناهز 5 أشهر،هل ترونها كافية ، لكي تقدموا اليوم تشخيصا حول واقع التعليم بهذه الجهة؟ جواب:واقع التعليم بالمغرب بصفة عامة و بالجهة بصفة خاصة لم يعد يحتاج لوقت طويل من أجل الإلمام به، نظرا لكون هذا الواقع عرف خلال السنوات الأخيرة عدة تشخيصات و دراسات، بل أكاد أقول أننا أسرفنا لحد كبير في التشخيص من أجل أجرأة لإصلاح الذي أتى به البرنامج الاستعجالي . هذا البرنامج أو المخطط الإصلاحي ارتكز أساسا على تشخيص دام عدة سنوات منذ انطلاق العمل بالميثاق الوطني للتربية و التكوين مرورا بمنتديات الإصلاح و بتقرير المجلس الأعلى للتعليم الذي وضع بدوره تشخيصا دقيقا لواقع التعليم ببلادنا. لذلك، فإن واقع التعليم بجهة فاس بولمان لا يختلف في عمقه عن واقع التعليم بالمغرب بصفة عامة، لذلك قمنا بوضع مخطط استعجالي جهوي يروم معالجة الاختلالات التي يشكو منها النظام التعليمي بالجهة ، وتم تقديم هذا البرنامج أمام المجلس الإداري للأكاديمية المنعقد خلال شهر يوليوز 2009 و الذي صادق عليه بالإجماع و نحن اليوم بصدد وضع العدة اللازمة من أجل أجرأته على أرض الواقع انطلاقا من الدخول المدرسي الحالي 2009-2010. هل هناك إجراءات أخرى مرتبطة بأجرة المشاريع التي نص عليها البرنامج الاستعجالي، وما الهدف من وراء الكتاب الأبيض الذي عممته الأكاديمية على أوسع نطاق ؟ جواب : نعم ، بالإضافة إلى الدعم الاجتماعي من أجل تعميم التمدرس هناك تدابير وإجراءات أخرى نذكر منها : – انطلاق برنامج تأهيل وإصلاح وتجهيز المؤسسات التعليمية حيث سيتم هذه السنة إصلاح ما يفوق 80 مؤسسة تعليمية بالجهة – انطلاق برنامج مكثف للتكوين المستمر لمختلف الأطر العاملة بالقطاع على مستوى الجهة سواء منها الأطر التعليمية أو الإدارية- انطلاق مشروع مدرسة النجاح عن طريق توزيع دلائل جديدة تروم تحسين الحياة المدرسية بالمؤسسات التعليمية ومواكبة التلاميذ الجدد الذين التحقوا هذه السنة بالمدرسة باعتبارهم جيلا جديدا” جيل النجاح” الذي سيتخرج من مدرسة النجاح كنموذج للمدرسة العمومية الجديدة التي سيطالها الإصلاح.- إعادة تركيز جميع الجهود على المؤسسة التعليمية باعتبارها المحور الأساسي لكل إصلاح واعتماد مدخل تأهيل الإدارة التربوية كمدخل أساسي لهذا الإصلاح. إلى ذلك ، ستعرف السنة الدراسية الجارية انطلاق مجموعة من المشاريع التي تهدف إلى العناية أكثر بالأطر الإدارة التربوية للمؤسسات التعليمية وعلى رأسها السيدات والسادة المديرين وتفعيل مجالس المؤسسة وعلى رأسها مجلس التدبير. انطلاق العمل بمشروع المؤسسة كأداة للإصلاح عن قرب ، – انطلاق تفعيل دور المفتشين من خلال إعادة هيكلة هذه الفئة ومدها بجميع الوسائل العمل الضرورية لممارسة مهامها على الوجه الأكمل . وأحيلكم في هذا الإطار على البرنامج الاستعجالي الجهوي الذي تم طبعه على شكل كتاب بيض وعلى أقراص وتم توزيعه على أوسع نطاق بالجهة لكي يطلع عليها لجميع باعتباره خارطة الطريق التي سنعمل على إتباعها من اجل أجراة الإصلاح على مستوى الجهة وهو يتضمن جميع العمليات والمشاريع بتدقيق. سؤال : ما لتدابير والإجراءات التي قامت بها الأكاديمية لمواجهة انتشار داء أنفلونزا الخنازير h1n1 ؟ جواب : هناك بطبيعة الحال خطة وطنية تقوم بإعدادها الحكومة لمواجهة هذا الوباء في حالة انتشاره بالمغرب ، والمؤسسة التعليمية باعتبارها مجالا لتجمعات تلاميذية كبيرة ، توجد في قلب هذه الخطة ، وقد تم عقد لقاء وطني خلال شهر غشت المنصرم حضره السيدات والسادة النواب ومدراء الأكاديميات إلى جانب مسئولين عن وزارة الصحة خصص لتدارس الخطوط العريضة لهذه الخطة، أما على مستوى جهة فاس بولمان فقد بادرت الأكاديمية إلى طبع مجموعة من الملصقات والمطويات والدوريات تم توزيعها على جميع المؤسسات التعليمية خلال الأسبوع الأول من انطلاق السنة الدراسية، وقد تم طبع العدد الكافي ليصل إلى التلاميذ والأساتذة بمختلف المؤسسات التعليمية ويشتمل على توجيهات مرفقة بصور توضيحية ، تساعد التلميذ والأستاذ والمسؤول الإداري والأب والولي كل في دائرة اختصاصه، ومن موقع مسؤوليته ، على اتخاذ الإجراءات اللازمة والاحتياطات الضرورية لمواجهة هذا الوباء ، كما سيتم خلال الأيام القادمة إبرام صفقة من اجل تزويد جميع المؤسسات التعليمية بأدوات النظافة من صابون ومناديل وغيرها هدا علما بان التلقيح أصبح اليوم والحمد لله متوا بالمغرب . سؤال :وماذا عن المكون الثقافي هل له موطئ قدم ضمن هذا الحراك التربوي العام ؟ لا شك أن آليات العمل التتبعي لهذه المشاريع التي يتضمنها البرنامج الاستعجالي لا يمكن أن توسم بالنجاعة والحكامة ما لم تنغرس في الامتداد النيابي والمؤسسات التعليمية والشركاء والسلطات والمنتخبين والجمعيات والمنظومة الإعلامية في سياق اللامركزية والتدبير التشاركي للشأن التعليمي العام . فيما يتعلق بسؤالكم ، أود التأكيد بهذه المناسبة انه لا ينبغي إغفال المكون الثقافي لما له من أهمية بالغة في إضفاء روح أخرى من السمو الفني والجمال الأدبي في جسم المؤسسة الأكاديمية ، ومن ثم فأن ما حققته الأكاديمية في مجال التنشيط الثقافي والتربوي يعد مكسبا يستوجب التثمين والتطوير الحثيث وصولا إلى ذلك التكامل المنشود بين التربوي الثقافي الذي هو أس ورافعة كل مؤسسة تربوية تروم خدمة الناشئة وأهل العلم والتربية .، إننا نومئ بهذا الكلام إلى المهرجان الوطني للفيلم التربوي والمسابقة الشعرية الكبرى للشعر التلاميذي والتشكيل وقريبا جدا الصحافة التلاميذية إضافة إلى مجلة علامات تربوية ” . سؤال : وماذا عن الإكراهات التي تعيق تحسين العرض البيداغوجي بالجهة ؟ جواب : إن النسب المحسوسة والمعتبرة التي تحققت على مستوى الأكاديمية ماكانت لولا الجهود الحثيثة لنساء التعليم ورجاله واطر المراقبة والإدارة التربوية وباقي الشركاء الاجتماعيين المنخرطين في هذا الورش الإصلاحي الكبير ، ومع ذلك ، فلا ينبغي أن نتحدث عن هذه المكتسبات ونسعى إلى تحصينها وتطويرها بالتالي دون ذكر بعض الاختلالات والنقائص التي نعاني منها على مستوى جهة فاس بولمان فالأمر يتعلق بالخصاص في الموارد البشرية بالعالم القروي تحديدا، وبتدهور الخدمات ذات الصلة بالمؤسسات التعليمية بالوسط القروي ، حيث تفتقر إلى شبكات الماء والكهرباء والصرف الصحي خصوصا بإقليمي بولمان ومولاي يعقوب ، كما أن الحاجة ماسة وملحة إلى إيلاء الاهتمام الواجب للتكوينات الأساسية المستمرة لفائدة الأطر الإدارة التربوية والمدرسين بما يستجيب لحركية مجتمع متجدد وواقع ثقافي عولمي متجدد معرفيا ورقميا . يبقى الأمل معقودا على الإرادات الخيرة والغيورة من اجل القضاء على آفة الهدر المدرسي من تكرار وانقطاع وتسرب وهو ما يتغياه البرنامج الاستعجالي ونسعى إلى تحقيقه عبر جملة من التدابير والإجراءات العملية