أضحت المدينة بالمغرب الآن رهانا استراتيجيا من أجل إرساء دعائم التنمية المستديمة. ولا يخفى على أحد أن المدن أصبحت تعرف عدة معضلات ومشاكل ينعكس مفعولها بالأساس على الفئات المجتمعية المحدودة الدخل والفقيرة. وفي هذا الشأن اكتشفت مختلف الأبحاث والدراسات الحديثة المتعلقة بالمدينة وسياستها أن هذه الفئات تعتبر ضحايا الدولة، باعتبار أن الواقع الذي هم عليه الآن ما هو في واقع الأمر إلا نتيجة طبيعية للسياسات المعتمدة منذ حصول البلاد على الاستقلال في منتصف خمسينات القرن الماضي. و قد حضرت مشاكل المدن بقوة ومع أساليب التدبير والتسيير المحليين، وهكذا تبين أنه أضحى من الحتمي منح الجماعات المحلية المنتخبة سلطات واسعة باعتبارها فاعلا أساسيا بجانب القطاع العام والقطاع الخاص والمجتمع المدني، على صعيد قضايا التنمية المحلية وما تعنيه من مواجهة والتصدي للمشاكل والمعضلات الاجتماعية ” الفقر، البطالة، التهميش، الفوارق الاجتماعية الصارخة....” . ومن هذا المنظور يمكن اعتبار مفهوم سياسة المدينة بمثابة تجاوز لمنطق تحكم الدولة في كل شيء كما يعبر عن رغبة هذا الأخيرة للتخلص من مواجهة جملة من المشاكل العويصة والمعوقات البارزة التي أضحت المدن تعرفها، عما أن سياسة المدينة يتموقع في أقصى منحى اللامركزية، لاسيما وأن التنمية المحلية تبقى تابعة بالأساس للشروط الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المحلية، وبالتالي تظل مرتبطة باستراتيجية الفاعلين مع اختلاف مواقعهم. إن إضافة “سياسة المدينة”، إلى مهام الوزارة يعكس أهمية المخططات التي تستهدف جمالية المدن، باعتبارها تؤوي مواطنين لهم الحق في التوفر على فضاءات ملائمة للعيش الكريم، والمرافق الحيوية الضرورية لبيئة سليمة. وتعكس إرادة الحكومة في الحد من الاختلالات التي تعانيها الحواضر، معتبرا أنها تستند إلى إستراتيجية عمومية إرادية جديدة إدماجية وتشاركية تقوم على مقاربة شمولية أفقية تهدف إلى تنمية المدينة، وتقليص مظاهر العجز والإقصاء الاجتماعي بالمناطق الحضرية الحساسة التي تعرف ضغطا اجتماعيا على مستويات متعددة. إن جعل سياسة المدينة ضمن السياسة العمومية لقطاع السكنى والتعمير، يعكس الإرادة السياسية القوية لجعل تقويم النقائص والقضاء على الفوارق الاجتماعية ودعم الإنصاف الاجتماعي أولوية وطنية باعتماد مقاربة جديدة وأكثر فعالية. ن سياسة المدينة ستقوم، كذلك، على مقاربة شمولية تتوخى الانسجام في مختلف التدخلات القطاعية، من خلال اعتماد برامج مندمجة على صعيد مجال ترابي محدد،أن هدفها ليس فقط محاربة كافة أشكال التجمعات العشوائية، بل أساسا وضع إستراتيجية متكاملة من أجل مدن إدماجية، استنادا على تدابير تشريعية وتنظيمية تعتمد التمييز الايجابي والتفضيلي لفائدة الأحياء الفقيرة.