كثر الحديث كثيرا عما يسمى بالجيش الالكتروني لحزب العدالة و التنمية، أو كتيبة البيجيدي الإلكترونية، و باتت تشتكي منها العديد من الجهات، الأحزاب السياسية، الشخصيات العامة، بعض المحللين السياسيين، بعض الكتاب و المفكرين... المهم أن العديد ممن يختلفون إيديولوجيا أو سياسيا مع حزب العدالة و التنمية أصبحوا يوجهون أصابع الإتهام لهذه الكتيبة التي لا تكل و لا تمل من جلد من خالف حزبها أو أساء إليه. بل هناك من صور هذه الكتيبة على أنها عبارة عن مجموعة من الأشخاص يجلسون في قاعة و أمامهم حواسيبهم و عملهم يتجلى في إبدء الإعجاب أو عدم الإعجاب في صفحات الفايس بوك و شن هجومات جوية و برية على كل مقال أو خبر لا يتماشى و أهواء حزب العدالة و التنمية. لكن، و بعيدا عن الاصطفاف في خندق معين، يجب استعمال العقول التي حبانا الله إياها و استقراء التعاليق و تتبع التعليقات المختلفة التي قضيت فترة ليست بالقصيرة أتتبعها في عدة مواقع الكترونية و صفحات التواصل الإجتماعي توصلت إلى عدة نتائج، خصوصا و أنني كنت أشارك في بعض التعليقات لأعرف ردة الفعل عندما تقوم بتعليق يخالف قناعة و سياسة أحدهم. لحد كتابة هذه السطور لا يوجد دليل ملموس على أن هناك جيش إلكتروني يجنده حزب العدالة و التنمية لمهاجمة خصومه، كل ما هنالك أن بعض الجرائد روجت لهذه الفكرة بدون أدلة، و لتبين بأن كثرة التعليقات التي يراها البعض تصب في مصلحة حزب العدالة و التنمية ليس مردها إلى شعبية هذا الحزب و إنما القضية و ما فيها أن هناك أشخاص يجندهم الحزب و يتقاضون أجرة على غاراتهم الإلكترونية التي يشنونها على الأعداء، و إذا أخذنا بهذا المعطى فإننا نستبلد أبناء هذا الشعب و نستغفله... لأنه لو كان الأمر كما يقول هؤلاء لكان سهلا على جميع الأحزاب اتباع هذا النهج، وهم لا يعدمون إمكانيات بشرية و مادية للقيام بهذا الأمر. هناك من سيقول إن تلك الأحزاب تترفع عن تلك الأساليب، و أنا أقول لهم حجتهم مردودة لأن هناك مواقع و صفحات يكثر فيها جلد حزب العدالة و التنمية أكثر من غيرها و هي معروفة و لم يخرج أحد ليتهمهم بأنهم كتيبة تابعة لحزب معين. و في هذا الإطار و أثناء تتبعي لهذا الموضوع لمعرفة هل هناك كتيبة كما تقول بعض الجرائد و بعض المواقع و بعض الأشخاص... لا حظت أن حزب الإستقلال حاول القيام بهذه العملية لكنه لم ينجح، حيث أنه في موقع إلكتروني معروف في فترة معينة كلما كان هناك مقال أو خبر يتعلق بحزب الإستقلال تجد التعليقات الممجدة لأمين عام الحزب، وكلها كانت مكتوبة بنفس الأسلوب كل ما يتغير فيها هو إسم المعلق أو المعلقة، لكن سرعان ما تراجع الحزب عن هذه الطريقة لأسباب لا أ عرفها.
أنا هنا لا أ قول أن حزب الإستقلال مخطئ، بل بالعكس من حقه و من حق جميع الأحزاب أن تلمع صورتها و تحشد الدعم الإلكتروني لتزيد من شعبيتها خصوصا و أن الجميع يعرف بأن المواقع الإلكترونية و صفحات التواصل الإجتماعي أصبحت في قلب السياسة و أن مفعولها أصبح كبيرا، و من الغباء أن تتجاهل جميع الأحزاب هذا المعطى الهام، لكنني هنا بصدد توضيح و الإجابة عن سؤال يتردد بقوة في جميع الأوساط، هل الكتيبة اإلكترونية لحزب العدالة و التنمية موجودة أو غير موجودة؟ و إن كانت موجودة فما المانع من محاكاة باقي الأحزاب لها؟
ففي إطار بحثي عن هذه الحقيقة كنت أقوم بالتعليق في صفحات بعض السياسيين و الشخصيات العامة في الفايس بوك و أنا لا أنتمي لأي حزب، لأتلقى ردودا مختلفة و غريبة، رغم أن تعليقاتي لا تحمل في طياتها أية تحامل ولا سب ولا تجريح تجاه الشخص الذي أعلق عليه، فأتلقى ردا أو سبا منه أو من طرف بعض المعلقين، و طبعا صك الإتهام أنك من كتيبة البيجيدي. و كمثال على ذلك أنني طلبت من أحد القضاة الذين تم عزلهم مؤخرا بأن يبتعد في كلامه عن السب و الشتم و قول ما شاء في الحكومة و غيرها، ورغم أنني كنت من المساندين لقضيته ولم آت على ذكر أي حزب من بعيد أو قريب إلا أنه اتهمني بأنني تابع لحزب النذالة و التعمية و استعمل ألفاظا لا داعي لذكرها، و كذلك الشأن بالنسبة لبعض السياسيين حيث تقوم بالتعليق على إحدى تدويناتهم حتى تتلقى تهمة أنك من كتيبة تجار الدين و غيرها من الاتهامات، و للأمانة العلمية فهناك شخصيات سياسية من أحزاب معارضة ترد عليك بكل أدب و لا تقوم بتخوينك أو أي شيء تجيب على سؤالك وكفى، لكن هناك بعض المعلقين الذين يتعصبون لحزبهم، فهل من هذا المنطلق نسميهم أيضا كتيبة الحزب الفلاني؟
لا، القضية و ما فيها أن الثورة التكنولوجيا التي نعيشها الآن فتحت الأبواب بدون قيود أمام التعبير و بات أي واحد في هذا العالم باستطاعته التعبير عن رأيه حتى من خلف هاتف ذكي، و إن كان حامله لا يتصف بالذكاء، ولا يفهم من كلامي أن كثرة التعليقات التي تصب في مصلحة العدالة و التنمية دليل على شعبيته أو شيء من هذا القبيل، كل ما في الأمر و هذا هو مربط الفرس، و هذا ما يفسر الهجوم الذي يتلقاه خصوم هذا الحزب، أن غالبية المعلقين هم أشخاص عاديون، فيهم من يتعاطف مع العدالة و التنمية و فيهم من يخالفهم إلا أن انعدام بديل حقيقي عن حزب الإسلاميين يجعل الغالبية تهاجم الأحزاب التي سبق لها الحكم لسنوات وأوصلت المغرب إلى ما وصلت إليه، رغم أن هذا لا ينفي أن هناك الكثير من الأشخاص الذين يهاجمون هذا الحزب و طريقة تسييره لأمور البلاد والزيادات المتتالية في الأسعار، و عدم ابتكاره لحلول خلاقة في المجال الإقتصادي عوض اتقال كاهل المواطن البسيط و الكثير من السلبيات الأخرى، لكن عند الهجوم على هذا الحزب و لا أقول الحكومة لا يتهم أحدا المهاجمين بأنها كتيبة تابعة لجهة معينة، و أنا أعتقد أن بعض الأحزاب و الشخصيات اتخذت هذه الذريعة للاختباء وراءها، فكما قلت لا أحد يمنع الأحزاب الأخرى من تجنيد كتائب تتحدث باسمها أو تهاجم خصومها.
من باب الإنصاف و الأمانة العلمية أن نقول ليس هناك كتيبة إلكترونية لحزب العدالة و التنمية، هذا ما توصلت إليه من خلال بحث متواضع قمت به، ربما أكون مخطئا، لكن إلى أن تظهر أدلة ملموسة تؤكد أن هذا الحزب لديه كتيبة إلكترونية سيبقى الجواب هو أنه ليس هناك كتيبة، كل ما هنالك حرية تعبير كبيرة يشهدها المغرب على مستوى الأنترنيت و بعض الأشخاص و الأحزاب لم تتعود على سماع رأي الشعب فيها، باتت تتبنى نظرية المؤامرة، و هذا ما سيحدث لحزب العدالة و التنمية إن احترقت ورقته بالكامل، ستبنى هو الآخر هذه النظرية. كل من يهاجم المعارضة ليس قطعا تابعا لحزب الإسلاميين، الهجوم منصب عليها لأنها سيرت الشأن العام لمدة طويلة و الكثير من المغاربة يرون أنها السبب فيما آلت إليه أوضاع البلاد، و سيظلون يتعرضون للنقذ و الهجوم وكذلك جميع الأحزاب بما فيها الحزب الأغلبي الآن، فلا أحد فوق محاسبة الشعب ( الإفتراضية) مادام هذا الأخير لم يطور من أسلوبه و يعرف أن هناك طريقة أخرى لمحاسبة الأحزاب، وهي الانتخابات، بمعاقبة من أخفق في التسيير بعدم التصويت له، و التصويت على من يستحق، وليس بمقاطعة الإنتخابات والدعوة لها في العالم الإفتراضي و نشر الصور التي تسخر من هذا السياسي أو ذاك.