في الليل و النهار، في المنازل و الشوارع ،في الأسواق والمتاجر، في الإدارات والأبناك ،في المدن والقرى ،في البر و البحر ... صغار وكبار ،ذكور وإناث،عمال وباطرونا، الفقراء والأغنياء، السياسيون والنقابيون ،ا لمثقفون والرياضيون، الرؤساء والوزراء ... لقد اتحد الجميع في مهنة واحدة، مهنة حقيرة حققوا بها الأغلبية، وأصبح لا صوت يعلو على صوت الباطل ضد الحق، إنه صوت اللصوص بالفصحى و "الشفارة" بالدارجة "والحرامية" بالمصرية ... السرقة تعتبر من أقدم المهن في التاريخ البشرية و حكمها كحكم البغاء، وكما أن البغاء أنواع ودرجات وأساليب كذلك السرقة لا يمكننا حصرها فيما هو مادي فقط يمكن تعويضه، لكن الأخطر هو السرقة المعنوية التي يصعب أو يستحيل تعويضها مثل سرقة لحظات الفرح الجماعية، واغتصاب الحقوق المعنوية للشعب، وإشاعة اليأس وقتل حب الوطن .. والمتاجرة بأرواح ودماء وعرق ومصير ملايين المغاربة ... أمام هذه السرقات لا معنى لسرقة شاب عاطل مدمن هاجر أو هجر من باديته لشيء بسيط يبيعه بأي ثمن من أجل الإدمان أو الجوع...
اليوم نحن نعاني من سرقات الكبار وقد يقتدي بهم الصغار .. ويعم النصب والاختلاس وكل أنواع الغش والسرقات في واضحة النهار وبدون حياء ولا خوف، وعليه وجب على الدولة أن تنشأ معاهد تكوين اللصوص.. ثم إحداث هيئة عليا للسرقة تنظم المهنة وتشرع لها مدونة خاصة بها التي بدأ رئيس إحدى الحكومات في وضع الخطوط العريضة لها من قبيل مبدأ "عفا الله عما سلف" والوطن غفور رحيم لكل كبار المهربين الوطنيين، والسجن والغرامة لكل من يفشي أسرار المهنة ويفضح إخوته اللصوص.
راجعوا الحكم على المهندس المسكين الذي صدق شعارات الحكومة في محاربة الفساد والمفسدين ...وتجرأ وكشف للعموم عن"بريمات" سرية أجاد بها الخازن العام على الوزير مزوار أيام كان رئيس الشكارة في حكومة سيدي عباس الفاسي "كابتن" قارب النجاة الذي غرق بحلم 30 ألف شاب وأسرة مغربية انتحر بعضهم ... المسألة ببساطة الدولة مضطرة لتقنين السرقة الوطنية حماية لها من الفوضى والبلبلة والتشويش ... وهذا في أفق إلغاء كل عقوبات السرقة التي لم يعد لها معنى أو نتيجة... والدليل الإقبال المهول على كل أنواع السرقات ... وإلى أن تنقلب موازين القوى ويصبح شرفاء وطني هم الأغلبية ولصوص وطني الأقلية، نتمنى أن يستيقظ الضمير الوطني الصادق في أعماق كل المغاربة لما فيه الصالح العام مصداقا لقوله تعالى :"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" صدق الله العظيم.