الغضب عاطفة وشعور ذهني وجسدي يحدث لكل البشر في بعض الأوقات، وهو نمط سلوكي الهدف منه تحذير المعتدين لوقف سلوكهم العدواني، وبالتالي طبيعي أن يغضب الإنسان ولكن ليس من حقه أن يسيء للآخرين، لأن من الغضب ما هو غير مسموح به وغير متحكم فيه. السؤال : هل نحن العرب عموما والمغاربة خصوصا نغضب فيما يستحق الغضب وما أكثره؟ ومتى كانت آخر مرة غضبنا فيها وحققنا شيئا من وراء ذلك الغضب ؟ يقال أن تظهر بعضا من غضبك بين وقت وآخر خير من أن تظهره كله مرة واحدة، ولكن للأسف أصبنا ببرود عصبي فظيع،ولم نعد نحرك ساكنا منذ عقود من الزمن حتى أصبحنا مطية سهلة لكل انتهازي واستعماري فاشل وطنيا وعالميا ،وفي شتى المجالات من سياسة واقتصاد وثقافة ورياضة ...
عندما غضبنا بالأمس انتصرنا على أشرس الأعداء، وحققنا الكثير، واليوم بعدما تقدم المتهورون من السفهاء، وسفهنا الحكماء والعلماء، حالنا لا نحسد عليه وفي الأمس الحاجة إلى تسونامي الغضب وهو تسونامي الحرية والعدالة الإجتماعية.
إياكم يا من تستغلون الوضع بكل شجع وقهر وظلم واستعباد ... إياكم وجيل الغضب القادم، من كان يتوقع سقوط عدة أنظمة سياسية مستبدة،ونجاح حركة 20 فبراير في خلخلة هياكل السياسة المغربية، دفعت النظام إلى تقديم عدة تنازلات.
غضب الجيل القادم لن يعرف الخوف ولا التراجع، بل غضب يولد غضب ،غضب يولده الواقع المر والقهر الممنهج، والنهب العام المنظم ... غضب سيخرج من رحم الخيانات المتكررة ،من رائحة الموت في العلن والخفاء ..صادروا منا كل جميل ولو كان مجرد حلم، اغتصبت عدة حقوق باسم الإصلاح والقانون.. فوضى منظمة نعيشها ليل نهار ..
طاحونة القهر اليومية لا تزال تقتل وتقتل، الأسعار تلهب جيوب غالبية المواطنين، الزيادة في كل شيء إلا الأجور التي ربما سيطالها الإقتطاع قريبا لسد فراغ صناديق التقاعد ... أما القطاع الخاص فحدث ولا حرج يكفي معرفة ثروات بورجوازيتنا المتعفنة ،ومستوى الهوة بين طبقة الأثرياء وطبقات المقهورين المزاليط .. كيف لا نغضب؟
ليس صحيحا من قال : أن من يستطيع إغضابك يستطيع هزيمتك،لأننا نعيش مرارة الهزائم المستمرة في شتى الميادين،ورغم ذلك لا نغضب. أما الغضب العربي المعاصر الذي سمي ربيعا وكان أمل الملايين لتجاوز نكسات الماضي، ورمي كل المفسدين لمزبلة التاريخ ..
للأسف ذهبت دماء آلاف الشهداء سدى، فقط تغيرت الوجوه و ألوان الأحزاب أما الدولة العميقة هي هي . وعليه يبقى الغضب العام والعارم على وشك الإنفجار ،وإن حصل سيأتي على اليابس والأخضر وستكون خسائرنا فادحة في كل شيء، لأن الظلم والقهر والضغط يولد الإنفجار،وإن كان هذا الغضب القادم ندير شؤم يبقى حق من حقوق الشعب ضد من سرق ثرواته وتاجر بعرقه وخان نضاله وصادر أحلامه ...
ضد من جعل جل المواطنين يعيشون في دوامة من الضياع والتخلف والفقر لا يعلم إلا الله مداها ومستقرها. اليوم الدولة على مفترق طرق صعب بعدما أصابها التيه والضياع هي الأخرى ،ورغم ذلك لا تقبل أي نقد أو نصيحة،ولا تريد أن يكون الناس ضدها وهي في نفس الوقت لا تريدهم معها وتبعدهم عنها بعدة قرارات غير شعبية.
اليوم نعاني الألم، لكن الألم يولد التحدي والعزيمة التي لا تكسر ..إنها معركة الكرامة ،معركة طويلة لا تنتهي بوعود وخطب وحسن نوايا، كما لا تنتهي بالقمع والإستبداد...، يقول انجليز:" الرجل الجوعان رجل غضبان" ونحن نقول: المواطن المظلوم مواطن غضبان، متى سينهض ؟ متى سينفض غبار الظلم ؟متى سيلملم جراحه؟ الله يعلم، ومتى سيغني مع فيروز: الغضب الساطع آت .. وأنا كلي إيمان الغضب الساطع آت .. سأمر على الأحزان من كل طريق آت، بجياد الرهبة آت وكوجه الله الغامر آت آت آت وسيهزم وجه القوة ،سيهزم وجه القوة .. سيهزم وجه القوة ..