إن مُصطلح الآخر نستعمله كمشجب لنُعَلق عليه إخفاقاتنا،انكساراتنا، ضَعْفنا، فكلما عجزنا عن شيء معين ألصقنه بالآخر ...هذا الآخر الذي أوجدناه لنتستر به على إحباطاتنا ، إنه الوهم الساكن فينا..المقَوِّض لمطامحنا...المبرر لهفواتنا. ولِماما ما نجسر على الاعتراف بهناتنا. هذا " الآخر" نحن من أوجدناه لكوننا لا نستطيع البتة أن نجهر بأننا صورة ممسوخة مشوهة في أحايين كثيرة،إنه الغول الذي نخشاه،نحن في مجابهة الآخر لا نقوى أن نكون نحن إلا بوجوده لكوننا ننعكس من خلاله، فالآخر كشرارة نار متوهجة نحتاجها لتبرير تصرفاتنا ومواقفنا المتناقضة والمتباينة، هو مرآة انعكاس لذواتنا، حقيقتنا الثانية التي نأبى انكشافها أمام الجميع. الآخر يستهوينا أحيانا وأحايين أخرى يصبح عدوا لنا ،إننا في صراع دائم مع هذا الآخر الذي نستدعيه في كل آن وحين. الآخر وأنا علاقات متابينة، صراع ،كراهية،اعتراف، حب..الخ. وهنا تستوقفنا الأسئلة الآتية: - هل نستطيع أن نشعر بالانتشاء واللذة في غياب هذا الأخر الذي أوجدناه ؟ - ماذا يشكل الآخر بالنسبة لنا؟ - ما طبيعة هذا الآخر، هل هو الآخر بصيغة الجمع"المجتمع"،"المحيط" ،أم أنه لا يعدو أن يكون صورة نسجتها الأنا من أجل أن تبرر تواجدها وكينونتها، وهفواتها،أو بالأحرى حماقاتها. إنه صراع أبدي بين الأنا والأخر في ذهنية عاجزة عن التبرير والفعل في غياب هذا المشجب الذي أوجدته . لا مرية إذن من القول بأن وهم الآخر يسكننا، يهيمن على كل خطواتنا، لأننا لا نقوى حتى على التنفس بكل حرية ،إذ نستشعر دوما أننا نعيش في دوامة الآخر وتحت رحمته، لكونه يمارس علينا طقوس الرقابة ، فمتى نتخلص من وهننا ووهمنا؟. إن الأمر ليس هينا لأننا دخلنا دائرة الوهم/ وهم الآخر ..وبتنا أسرى . - فمتى ترحل عنا سحابة الأوهام التي تمطرنا عجزا وضعفا وخنوعا؟. - هل صار الآخر موجها لبوصلة حياتنا ، حتى صرنا عاجزين عن التموضع والتحرك دونه؟. أسئلة كثيرة تحضرني، كلما أردت البحث في طبيعة هذا الآخر الذي أوجدته أنيتنا المريضة ،العاجزة ،قد تتفقون معي،وقد تختلفون ، بيد أنني أردت أن أثير تساؤلات عدة تُخالجني منذ أمد طويل. أنا والآخر ...أية علاقة، من يكون هذا الآخر، متى يُغادر الآخر مجالي وحريتي لأحس بكينونتي واستقلاليتي،لأنه ستظل حريتي ناقصة أو منعدمة مادام شبح الآخر يحوم ويجول في منطقتي .