صدر مؤخرا كتاب "المغرب في سنة 2010"، وهو تقرير رصدي، يصدر للسنة الثانية على التوالي، يرصد ويشخص وضعية المغرب خلال سنة، وهو من إنجاز فريق عمل من الباحثين يتجاوز أربعين باحثا متخصصين في مختلف المجالات بتنسيق من الأستاذ الباحث عمر احرشان ومراجعة الدكاترة: إدريس شكربة ومحمد منار وهشام عطوش. يرصد هذا التقرير مختلف الوقائع والأحداث التي عرفتها سنة 2010، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي. وقد انصب جهد فريق البحث على تجميع المعطيات والبرامج والأرقام وعرضها، بعد فحص وتمحيص تفاعلاتها في شكل توثيقي وتوصيفي وتقييمي، دون إطناب في التشخيص أو تعسف في التحليل. إنه التقرير الثاني بعد تقرير سنة 2009، أنجزه نفس فريق الرصد والتشخيص، في النواة الجنينية لمركز الدراسات والأبحاث، الذي سيرى النور قريبا بحول الله. وقد استفدنا من الملاحظات التي أبداها بعض المهتمين في التقرير السابق، وعمل فريق البحث على تطوير هذا التقرير، خاصة على مستوى تبويبه وصياغته. لقد خطونا هذه السنة خطوة، نحسبها هامة، في أفق تحقيق المقاربة الإدماجية في التقرير، فبعد أن كان التقرير الماضي مقسما إلى عشرة محاور، بحيث تناول كل محور قطاعا معينا، أدمجنا هذه السنة كل القطاعات في أربعة محاور كبرى، هي: المحور السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي. إن هذا البعد الإدماجي يستجيب أكثر للتفاعلات المجتمعية ولتطورات السياسات العمومية. ومن الإضافات النوعية أيضا في هذا التقرير، مقارنة بسابقه، الاعتماد أكثر على الجداول الإحصائية والرسوم التوضيحية، لما لذلك من أهمية في التوضيح والبيان. ومع ذلك فإننا لا نزعم أننا تجاوزنا كل النقائص والثغرات في هذه المحاولة الثانية. وإذا كان لكل عمل قيمة مميزة، فإن مما يميز تقريرنا هذا هو تطرقه بتفصيل لبعض المجالات، التي اعتدنا أن يكون الحديث عنها باللغة الفرنسية، بعيدا عن شريحة واسعة من قراء اللغة العربية. أملنا أن يجد كل باحث أو مهتم في هذا التقرير بغيته، بحيث يمكنه من مادة أولية أساسية، ويشكل لديه نظرة واضحة عن سنة 2010 في مختلف المجالات، ويغنيه عن الخوض في شتات من المعلومات، قد يكون له أسوأ الأثر على وظيفتي التحليل والاستشراف. يبحر فريق هذا التقرير في مختلف المجالات خلال سنة في أزيد من 290 صفحة ليخلص في الأخير إلى أن المغرب عرف خلال سنة 2010 مجموعة من البرامج والمشاريع الطموحة، التي همت مجموعة من القطاعات، إلا أن الذي يلاحظ هو ضعف مردوديتها رغم ما تطلبته من تمويل ضخم أحيانا. إن هذا التعثر الذي يعرفه المغرب على مستوى النجاعة والفعالية يعود بالأساس إلى غياب تعبئة وطنية تقوم على أساس شراكة واضحة وحقيقية بين مختلف الفاعلين والمتدخلين في مختلف المجالات. إن أغلب المشاريع والبرامج تفرض من فوق وتكون بإيعاز من منظمات دولية، ولذلك يغلب عليها الطابع القطاعي والتقني في غياب شبه تام لتلك الالتقائية التي تعبر عن رؤية مجتمعية واضحة المعالم، وتكون النتيجة، في أحسن الأحوال، بعض الآثار الإيجابية المحدودة. كما تعاني تلك المشاريع والبرامج على مستوى التدبير من ضعف الشفافية والحكامة الجيدة، الأمر الذي كان له أسوأ الأثر، ليس فقط على مستوى تطبيق تلك المشاريع والبرامج، ولكن أيضا على مستوى تكريس الثقة، التي هي أساس كل إصلاح حقيقي. إنها سنة أخرى من التردد في الزمن المغربي. وعلى اعتبار أن التردد لا يمكن أن يكون إلا معيقا لدينامية التطور، وكما ظهر ذلك من التقرير، تؤكد خلاصة التقرير أن سنة 2010 كانت سنة التراجعات والانتكاسات في بعض الجوانب. ويبدو أن الذي يؤدي الفاتورة الباهظة لهذه التراجعات هم غالبية المواطنين البسطاء، الذين اضطرتهم أوضاعهم إلى الاحتجاج بعيدا عن أي ضبط مؤسساتي. فهل سيؤدي الاحتجاج في الشارع إلى ما لم تستطع المؤسسات التمثيلية تحقيقه طيلة سنوات؟