بعد أن تلاشى عن ذهني كابوس السي بهتيت وأصبحت في كامل قواي العضوية وانمحت الحناء التي لطخت يداي الصغيرتان ... ولم يرد لي أبي العشر دراهم التي أعطاني إياها واستردها وصرت أقدر على تكوين جملة مفيدة تتوسطها بعض الكلمات التي لا يفهمها أحد سواي ... أخرجتني أمي وأجلستني بعتبة باب البيت لأتركها في حالها ولأتلقن دروسا أولية في التبركيك ومراقبة المارة ... لا تمر فتاة من أمام بيتنا إلا وتقبلني ...- في هذا السن لا يمكن أن أفكر بسوء نية – أما الرجال فيكتفون بلمس رأسي أو قرص وجهي ثم تقبيل أصابعهم ... قُبلة هِندية ... مرت ساعة وأنا جالس في مكاني .. أمي حذرتني أن لا أثق بمن يطلب مني مرافقته ليشتري لي حلوى ... أنا أسمع صوت زغاريد ... لا أدري من سيكون ضحية للسي بهتيت هذا اليوم ؟؟ ... أناس كثيرون قادمون يدخلون دربنا ... يتقدمهم حمار كبير ... آه .. إنه خيل وليس حمار ..- بلا ماتضحكوا راني مازال صغير - ... أسمع بعض الجيران يقولون أنهم دّايين الدفوع ... لم أفهم معنى الدفوع ... إنه مصطلح جديد علي ... الحاجة الوحيدة التي علقت بذهني هي أنني كلما أسمع الزغاريد أتذكر السي بهتيت ... فُتحت جميع نوافذ بيوت دربنا وخرجت كل رؤوس نسائه لتتابع هذا المشهد الذي أراه لأول مرة في حياتي ... أمي هي الأخرى خرجت ووقفت أمامي باش تفرج فالدفوع ... بدأت أسحبها من أسفل البيجامة ... ماما شنو هادشي ؟ ... هذا السؤال قلته لأزيد من أربعين مرة ... بعدها أجابتني أمي .. : مالك انت صدعتيني ؟؟ ... بغيت نعرف شنو هادشي ؟؟... قالت لي هاذا دفوع، ثم تذكرت أنها تركت الغداء فوق البوطة ودخلت تجري ... أنا عارفو دفوع.. راني سمعتها ولكن شنو هو هاد الدفوع ؟؟ ... نهضت من مكاني لأتبع الدفوع لأعرف ما هو ... أمشي خطوتان ثم ألتفت ورائي .. أربع خطوات ثم ألتفت ورائي .. عشر خطوات ثم ألتفت ورائي ... مائة خطوة ... التَفت ورائي فلم أر بيتنا ولا دربنا ... ولم أعد أتذكر من أين جئت ... الأمر واضح ... ضربتها بتلفة ... ماذا سأفعل ؟؟ ... لألفت الانتباه إلي ... سأبكي ... انتظرت قليلا حتى انتهى العازفون من المقطع الأول فقمت أنا بوصلة إشهارية بكائية ... انهالت علي بعدها الأسئلة .. ولد من انت ؟؟؟ منين جيتي ؟؟ فين كاتسكن ؟؟ ... وأسئلة أخرى في نفس السياق ... كون كنت عارف ماغاديش نجي نضيع دموعي هنا، نخليهم باش نبكي على الحليب فالليل ... أمسكني رجل من يدي وانحنى ليصير في مستواي وسألني عن اسم أبي ... + أنا كانعيطلو بابا وخوتي لكبار كايعطولو لواليد ... - فاش خدام باباك ؟؟ ... + خدام ... فالخدمة ... كايخرج الصباح وكايرجع فلعشية . عرف الرجل أن ديمقراطية الحوار لن تنفع معي فقرر أن يأخذني إلى الكوميسارية ... وهذا أسلوب معمول به في العالم العربي ... يتبع .... نكملوا غدا إن شاء الله فاش نوصل للكوميسارية... على صغري نولي مجرم