الأحداث الأخيرة ، التي عرفتها مدينة آسفي و قبلها خريبكة ، إن دلت على شيء فإنما تدل ، على مدى استفحال ظاهرة البطالة في صفوف الشباب المغربي ، وفي الآن نفسه ، عن عجز الخطابات الخشبية ، في إيجاد مخرج حقيقي ، لظاهرة تعتبر من أخطر الظواهر الاجتماعية انتشارا ، بحيث تمس قطاعا عريضا من شابات وشباب اليوم ، المجازين والدكاترة منهم أو بلا شواهد أو دبلومات ، تؤهلهم لإيجاد مكان شاغر في سوق الشغل . سوق الشغل ، الذي أصبح يضيق بعدد العاطلين ، الذي يزداد يوما بعد يوما ، خصوصا وأن الشراكات التي كانت تمتص ، عددا غفيرا منهم ، أصبحت ، تعاني الإفلاس والإغلاق و تسريح عمالها بالجملة ، ليجدوا أنفسهم مجبرين إلى الانضمام إلى صفوف الباعة الجائلين ، الذين يصعب حصر عددهم ، بالنظر إلى إنتشارهم في كل الأزقة والدروب و الأحياء و الشوارع الرئيسية منها والفرعية . ليزداد الأمر سوءا ، رغم إنتشار شركات الوساطة ، والتي جاءت لتجد للشباب العاطل متنفسا ، لكنها كانت السبب في عزوف العديد منهم ، للالتجاء إليها ، بسبب ظروف الاستغلال ، التي يتعرض لها الكثير منهم ، من حيث ظروف العمل و ساعاته و الأداء وغياب الكثير من الامتيازات ، لتزداد أزمة الشغل إستفحالا مع إستحالة التوظيف في الإدارات العمومية ، التي ضاقت بموظفيها ، فكانت المغادرة الطوعية ، من الحلول التي التي اتخذت للتخفيف حدة الأزمة ، لكنها ما لبثت أن ازدادت عمقا . ويكفي ، إطلالة قصيرة على الصحف والجرائد ، التي تنشر إعلانات طلبات الشغل ، حتى نقف عند حقيقة مريرة ، وهي أن طلبات العمل تفوق بشكل كبير ، عروض العمل ، بحيث لا مجال لتعديل الكفة ، بين العرض والطلب ، مما يكشف بالملموس عمق الأزمة ،كما أسلفت . فأن تكون عاطلا اليوم في المغرب و لك أفواه جائعة لا معيل لها غيرك و الكثير من الديون التي تنتظر تسديدها و غيرها من المشاغل الحياتية اليومية ، لا يمكن أن تظل مكتوف الأيدي ، في انتظار الذي يأتي ولا قد لا يأتي . لكن ، هذا لا يعني أن أكون متفقا 100 في المائة ، مع ما قام به الشباب مؤخرا و قبلا مجموعة من الدكاترة المعطلين ، الذين يقومون بحرق أنفسهم في الشوارع . شخصيا ، ضد التخريب و العنف الذاتي ، بحيث أن قام به هؤلاء في حق أنفسهم وفي حق ممتلكاتهم ، هو غير مرغوب فيه دينيا أو حتى مجتمعيا . لأن لله تعالى ، ميزنا عن بقية بالتفكير و إعمال العقل و هذا هو المطلوب من شابات وشباب اليوم ، للخروج من أزمة البطالة عوض الإرتماء في حضن الدعارة أو المخدرات أو حرق الذات و العنف وتخريب المؤسسات ، لأن ذلك من شأنه أن يعمق الأزمة و لن يحلها . دورنا كشباب جيل " الفايس " ، في هذه الحياة ، أن نحرر تفكيرنا من السلبية والإنتظارية و الإنهزامية ، بحثا عن مخرج في المبادرة الشخصية أو كما أفضل أن أسميها " التشغيل الذاتي " . فمن من الشباب العاطل ، فكر يوما ، في وضع برنامج يتماشى و إمكاناته المادية و الفكرية والنفسية ، من أجل إيجاد مورد للرزق ، يحفظ له كبريائه و كرامته ؟ا بل من من شباب اليوم ، بحث في دواخله عن الطاقات الكامنة فيه ، ووظفها توظيفا إيجابيا عوض مد يده إلى أقرب الناس إليه أو ليست اليد العليا أفضل من السفلى كما يقولون ؟ا أو بصيغة أخرى ، إلى متى نعلق مشجب فشلنا في إيجاد عمل لائق ، على الآخرين عوض أن نكون واقعيين و صرحاء مع أنفسنا ، لأنه في أحايين كثيرة ، قد نكون نحن السبب فيما نحن عليه .