تعمقت نهاية الأسبوع الماضي أزمة الفيدرالية الديمقراطية للشغل بعد فشلها للمرة الثالثة على التوالي في انتخاب قيادة جديدة بعد مرور قرابة شهرين على عقد مؤتمرها الوطني الثالث، وهي الأزمة التي قد تعبد، حسب المراقبين وأعضاء في النقابة أنفسهم، الطريق لحصول انشقاق داخل هذه المركزية النقابية الفتية. وسادت اجتماع المجلس الوطني الفيدرالي، الذي انعقد يومي السبت والأحد الماضيين بالمقر المركزي للنقابة بالدار البيضاء، أجواء ساخنة وصراعات واحتقان بسبب تباعد المواقف بين أنصار عبد الحميد فاتيحي، رئيس الفريق الفيدرالي بمجلس المستشارين، المدعوم من قبل عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر، وأنصار عبد الرحمان العزوزي، الرئيس السابق للمنظمة النقابية. وكان عبد الرحمان العزوزي قد تقدم قبل بدء اجتماع المجلس الوطني الفيدرالي بمقترح توافقي للرئاسة يقضي بالحفاظ على ستة أسماء من أعضاء المكتب المركزي السابق، وهم فضلا عن عبد الرحمان العزوزي، كل من عبد الحميد فاتيحي وعبد السلام خيرات وعبد العزيز إيوي والعربي حبشي ومحمد دحماني، فضلا عن إضافة أعضاء جدد، هم عبد الصادق السعيدي من قطاع العدل والعربي خريم من قطاع الجماعات المحلية وعبد الرحيم العبايد من قطاع الفوسفاط والصادق الرغيوي من قطاع التعليم وعائشة التاقي عن النساء، فضلا عن مقعد واحد للحزب الاشتراكي الموحد، وآخر لليسار الأخضر، ومقعدين يخصصان للقطاعات الصغرى والقطاع الخاص. غير أن هذا المقترح قوبل بالرفض من قبل أنصار فاتيحي. ولم تجد الرئاسة أمام تباين المواقف والاحتقان، الذي ساد اجتماع المجلس الوطني، بدا من إعلان رفع الجلسة وتأجيل اجتماع المجلس الوطني إلى أجل غير مسمى، وقد عبر أعضاء المجلس الوطني الفيدرالي المنتمون للحزب الاشتراكي الموحد عن رفضهم «الطريقة التي تدار بها أشغال المجلس الوطني، والتي تبتعد في شكلها وجوهرها عن المنهجية الديمقراطية المفترض سيادتها في كل أطوار الأشغال». ورفض هؤلاء الأعضاء، في رسالة حملت 11 توقيعا ما أسموه «كل أشكال التمويه السياسي الذي حاولت رئاسة المجلس تسييده بخصوص تمثيلية الحساسيات السياسية وأساسا تلك الخاصة بالحزب الاشتراكي الموحد كفاعل سياسي، يقاس بموقف سياسي واضح وصريح»، و من جهة أخرى، أصدر عدد كبير من أعضاء المجلس الوطني الفيدرالي رسالة مفتوحة ينتقدون فيها ما أسموه «الخروقات» التي شابت الدورة الثالثة لأشغال المجلس الوطني الفيدرالي، الذي انعقد نهاية الأسبوع الماضي. وأشارت الرسالة إلى أن تلك «الخروقات التي شابت دورة المجلس الوطني منذ بداية الجلسة، أدت إلى جو من الاحتقان والتأزم المؤديين إلى تمزيق وحدتنا النقابية»، ومن بين «الخروقات» التي عددتها الرسالة، اعتراض الرئاسة على قراءة الملتمس المقدم من طرف الكتاب العامين ل19 نقابة وطنية تنتمي للفيدرالية، وانفراد الرئاسة بقرار إجراء تصويت دون موافقة باقي أعضاء الرئاسة، و«مصادرة» حق أعضاء المجلس الوطني في مناقشة مقترحات الرئاسة، واعتراض ثلاثة أعضاء من الرئاسة على شرعية قرار التصويت، وأخيرا «توزيع أوراق التصويت بكيفية عشوائية، وعدم تعميمها على جميع أعضاء المجلس الوطني، فضلا عن عدم إشراك ممثلي الطرفين في مراقبة التصويت والفرز».