الدريوش: قطاع الصيد سجل استثمارات فاقت 930 مليون درهم وخلق 126 ألف منصب شغل    حضور مغربي قوي في جوائز الكاف للسيدات    الحزب الحاكم في البرازيل: المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    تنسيقية الصحافة الرياضية تدين التجاوزات وتلوّح بالتصعيد        عجلة البطولة الاحترافية تعود للدوران بدابة من غد الجمعة بعد توقف دام لأكثر من 10 أيام    "ديربي الشمال"... مباراة المتناقضات بين طنجة الباحث عن مواصلة النتائج الإيجابية وتطوان الطامح لاستعادة التوازن    الجديدة: توقيف 18 مرشحا للهجرة السرية    السلطات المحلية تداهم أوكار "الشيشا" في أكادير    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى    نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق    اسبانيا تسعى للتنازل عن المجال الجوي في الصحراء لصالح المغرب        أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    الذهب يواصل مكاسبه للجلسة الرابعة على التوالي    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    استئنافية ورزازات ترفع عقوبة الحبس النافذ في حق رئيس جماعة ورزازات إلى سنة ونصف    "لابيجي" تحقق مع موظفي شرطة بابن جرير يشتبه تورطهما في قضية ارتشاء    مقتل 22 شخصا على الأقل في غارة إسرائيلية على غزة وارتفاع حصيلة الضربات على تدمر السورية إلى 68    ترامب ينوي الاعتماد على "يوتيوبرز وبودكاسترز" داخل البيت الأبيض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    الحكومة الأمريكية تشتكي ممارسات شركة "غوغل" إلى القضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    البابا فرنسيس يتخلى عن عُرف استمر لقرون يخص جنازته ومكان دفنه    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    المركز السينمائي المغربي يدعم إنشاء القاعات السينمائية ب12 مليون درهم    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية        اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية        جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    الحكومة تتدارس إجراءات تفعيل قانون العقوبات البديلة للحد من الاكتظاظ بالسجون        منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية        تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    فعاليات الملتقى الإقليمي للمدن المبدعة بالدول العربية    أمزيان تختتم ورشات إلعب المسرح بالأمازيغية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    "من المسافة صفر".. 22 قصّة تخاطب العالم عن صمود المخيمات في غزة    روسيا تبدأ الاختبارات السريرية لدواء مضاد لسرطان الدم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصّيد بالصنارة في رمضان طنجة .. تمضية وقت ووسيلة رزقٍ

بعيدا عن زحام المدينة وضجيجها في رمضان، وبعيدا عن فوضى الأسواق والاختناق المروري وكل ما له علاقة بالتوتر والتشنج والقلق، ينبري أشخاصٌ في مناطق معيّنة من سواحل المتوسّط والأطلسي الممتدّة على عشرات الكيلومترات، زادُهم وأنيسُهم صنّاراتُهم التي ينتظرون بصبرٍ جميلٍ أن تجود برزقٍ سيصبح إما مصدرَ دخلٍ أو وجبةَ شهية أو فقط لقضاء الوقت والتسلية لا غير.
يزداد في رمضان عدد المقبلين على ممارسة هواية الصيد بالصنارة، خصوصا أن الشهر الفضيل يتزامن في السنوات الأخيرة مع فترة الصيف؛ حيث لا يعكّر صفو العملية بردٌ أو مطر، مما يسهّل قضاء يوم بكامله على الشاطئ دون أي منغصات.
يلائم الصيد بالصنارة شهر رمضان بشكل كبير، لما يميّز هواية الصيد من هدوء نفسٍ وصبرٍ وأناة، وكذا لأن نِتاج الصيد نفسه يلائم وجبةً "التكرة" التي يفضلها الصائمون كثيرا على موائد العشاء.
تمضية وقت ووسيلة رزق
يبدو أحمد منشغلاً جدّا بفك خيوط "الشعرة" التي اشتبكت بصنارته، وهو يعدّ العدّة ليبدأ يوم صيده إلى جوار عشرات من الصيادين الآخرين بشاطئ مرقالة المجاور لميناء طنجة الترفيهي.
عن تميّز شهر رمضان، يقول أحمد، 60 سنة، ورذاذُ الأمواج الذي تقذفه رياح الشرقي يداعب وجهه: "يتزايد عدد من يمارسون هذه الهواية في رمضان لأنها واحدة من أفضل الوسائل ليقضي المرء وقته بعيدا عن الضجيج وقريبا من الطبيعة والهدوء، خصوصا أمام مياه البحر. بالنسبة لي أمارس الصيد دائما، لكن يبقى لرمضان نكهته الخاصة".
والنكهة الخاصة، بحسب أحمد، هي "أوقات الصيد التي تتنوع حسب مُمارس الصيد نفسه وحسب الأجواء ودوافع الصيد"، ويضيف: "بالنسبة لي كممارس للهواية منذ ثلاثين سنة تقريبا، فقدومي للصيد يرتبط بعمليتيْ المدّ والجزر، وباتجاه الرياح وقوتها وبأمور كثيرة أخرى".
يقول لنا أحمد إن هناك آخرين يختارون وقت ما بعد السحور مباشرة أو حتّى ليلاً (وهو يتطلب ترخيصا)؛ حيث يتسحّرون في أماكن صيدهم نفسها، وهؤلاء يمارسون الصيد مع احترام كل قواعده، التي يشرحها لنا قائلا: "نحن نصيد فوق صخور معينة بشكل شبه دائم، لهذا إذا كان هناك جزر فإننا سنجد الماء متراجعا بشكل كبير وبالتالي لا داعي للحضور أصلا، لهذا نكون مجبرين على مراقبة أوقات المدّ لنقوم بالصيد أثناءها بغض النظر عن متى يكون ذلك، عكس من بدأ الممارسة حديثا أو يمارسها من باب تمضية الوقت".
قضاء الوقت هدف أمين، 30 سنة، الذي وضع قصبة صيده وجلس يتأمل البحر منتظرا لحظة اهتزاز القصبة. يقول: "في الغالب أحضر بعد العصر؛ حيث يكثر الصخب في المدينة، وحيث تبدأ آثار الصيام في الظهور جسديا، وهنا أجد ضالتي فأحسّ بالراحة بفضل الأجواء وهواء البحر المنعش ولا أشعر إلا ووقتُ الإفطار قد أزِف".
يضيف أمين: "قد يجود البحر فعلا ببعض السمك، وهذا يزيد الأمر متعة، فهناك نشوة الحصول على صيد، وكذا مذاق طاجين السمك الذي أعدّه من نتاج صيدٍ حصلت عليه بمجهودي، ولا يمكنك تصوّر لذّته".
إلى جوار "الهواة المحترفين" وممارسي الصيد من أجل التسلية، تحفل شواطئ طنجة بأشخاص آخرين تستقطبهم هذه الهواية بشكلٍ غير مباشر. فهناك أصدقاءُ الممارسين الذين يجدون متعةً في مرافقتهم ومشاهدة عملية الصيد عن كثب، وهناك المتفرجون الذين يكثر عددهم بشكل ملحوظ فعلا، خصوصا على طول شاطئ مرقالة حيث توجد دكّة إسمنتية يمكن للمرء الجلوس عليها ومراقبة عمليات الصيد التي تجري أمامه.
وهناك أيضا زبائنُ من نوع خاصّ ينتظرون حصيلة صيدِ بعض الصيادين ليقوموا بشراء السمك منهم مباشرة، خصوصا إذا صادف الأمر حصول أحد الصيادين على سمكة ذات حجمٍ كبير.
يصعب أن تميز المتفرج من الراغب في الشراء، لكن أسهل طريقة هي انتظار لحظة مغادرة أحد الصيادين لتجدَ أن أكثر من شخص توجّه نحوه طالبا منه شراء الغِلّة، أو انتظار أن تعلق سمكة كبيرة بصنارة أحدهم لتجد أن هناك من يقترب طالبا الشراء، وهكذا.
يوضح لنا أحمد هذا الأمر بقوله: "هناك من يتخذ من هذه الهواية مصدرا لدخله، ولا داعي لأن أقول إن رمضان يتميز بإقبال الناس الشديد على ما يجود به البحر، ولا يوجد أفضل من أن تشتري سمكة خرجت للتوّ من البحر، لهذا فمحترفو الصيد يمارسون العملية بجدية واحترافية كبيرين كما لعلكم لاحظتم".
هي وسيلة رزق إذن، وهذا يعني أن هناك مصاريف وأرباح، فما هي المصاريف ومن أين يقتني الصيادون معداتهم؟
أدوات الصيد.. تجارةٌ من نوع خاصّ
يفاوض أحد الزبائن سعيد، صاحب محلّ لبيع أدوات الصيد، في قصبة صيدٍ من النوع الرخيص، ومع ذلك يغادر دون أن يشتريها معترضا على السعر. فأدوات الصيد تتراوح أثمانُها بين 100 درهم و3000 درهم، حسب نوعية الممارس وأسباب ممارسته للهواية.
يصرّح لنا سعيد بأن الإقبال يزداد في رمضان على شراء أدوات الصيد ولوازمه بنسبة قدّرها ب5 إلى 10%، والسبب بالنسبة له واضحٌ وهو التسلية والرغبة في قضاء أطول وقت بعيدا عن أجواء المدينة وشوارعها.
فاجأنا سعيد بقوله إن المبيعات تزايدت في السنوات الأخيرة رغم أن أعداد الأسماك قلت كثيرا بسبب التلوث البيئي بالدرجة الأولى.
"السرّ هو وسائل التواصل الاجتماعي"، يقول سعيد، "التي جعلت الكثيرين يتشجعون لممارسة هذه الهواية وتجربتها، بعد أن يكونوا قد رأوا الكثير من الصور والمشاهد لدى أصدقاء لهم قاموا بمشاركتها على فيسبوك".
يبيع سعيد أنواعا كثيرة من "الطّعم"، ويعرض لنا بعضا منها، وهي "اللونغ، أحناش، يماه د أحناش، كوريانة"، ويكشف لنا أن هناك أنواعا تأتي من الصين؛ "هناك نوع من الدّود (أحناش)، يأتي من الصين حيّا داخل عُلب ومعه طعامه، ويبقى كذلك إلى أن يغرزه الصياد في الصنارة"، يقول سعيد.
إلى جانب كلّ هذا، هناك- على الهامش- أشخاص يكسبون رزقهم من التنقيب على هذا الدّود المعروف ب"أحناش" بين صخور شواطئ طنجة من أجل بيعه للصّيادين.. وتلك حكاية أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.