بورصة الدار البيضاء .. أداء أسبوعي إيجابي    كرة القدم.. المنتخب الوطني لمواليد سنة 2000 فما فوق يواجه وديا نظيره الغيني يومي 23 و25 مارس    وزارة الصحة والنقابات يتفقان على رفع تعويض الحراسة وزيادة 500 درهم للممرضين    سفير إسبانيا السابق بالرباط يكشف أمرا مثيرا بخصوص مطالب بالمغرب بسبتة ومليلية    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية كثيفة ورياح قوية بعدد من المناطق    المغرب يتقهقر للمركز 89 في "مؤشر السعادة" العالمي    اليماني يدعو أخنوش لتغليب المصلحة العامة للمغرب واستئناف أنشطة التكرير في مصفاة "سامير"    السّياحة في أكادير تُحافظ على وتيرتها التصاعدية والسُّياح البريطانيون في المقدمة    "مغربيات ضد التطبيع" تدين تخاذل وتواطؤ الدول العربية وتدعو للضغط على الحكومات    الإبادة الجماعية في غزة: 634 شهيداً و1172 مصاباً في 4 أيام والحصيلة منذ داية العدوان أكثر من 49 ألف شهيدا    التفاهة على مواقع التواصل تحت المجهر.. خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يحذرون من خطر المغالطات والتسيّب الإعلامي    في أول مواجهة بين الركراكي والزاكي.. هكذا نظر كل منهما لمباراة المغرب والنيجر    تقنين قطاع المقاهي والمطاعم في المغرب يقترب من الحسم    صحيفة ايطالية تصدر طبعة مولدة بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي    تسخينات "انتخابات 2026" .. إنزال لوزراء "الأحرار" في خنيفرة    مجلس السلم والأمن الإفريقي يناقش أجندة المرأة والسلام والأمن تحت الرئاسة المغربية    الركراكي يستدعي بلعمري للالتحاق بالمنتخب استعدادا لمباراة تنزانيا    الأمم المتحدة تحذر من "صدمة نفسية هائلة" لأطفال غزة بعد تجدد القتال    الولايات المتحدة تستعد لطرد مئات الآلاف من المهاجرين    أمن مراكش يوقف شخصا بحوزته أزيد من 20 ألف قرص مخدر    الشركة الجهوية متعددة الخدمات الدار البيضاء-سطات منخرطة في التدبير المستدام للموارد المائية    جرائم الكراهية تتضاعف... ومساجد تتحول إلى ساحات استهداف في ألمانيا    لقاء بنواكشوط حول الذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال بإفريقيا بمبادرة من الوكالة المغربية للتعاون الدولي    بعد أشهر قليلة من افتتاحها .. عيوب تقنية تظهر في ملاعب منتزه الإنبعاث بأكادير (فيديو)    وفاة أسطورة الملاكمة الأمريكية جورج فورمان    ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إلى "العودة الفورية لوقف إطلاق النار في غزة"    كيوسك السبت | الحكومة تصدر قوانين جديدة في مدونة السير    أجواء ممطرة في توقعات طقس السبت    الزاكي: تأثرت بسماع النشيد الوطني    مبعوث ترامب: الأوضاغ في غزة قد تؤدي إلى انهيار الأنظمة في مصر والأردن والسعودية (فيديو)    الركراكي: هدف منتخب النيجر "صفعة"    الطوب يبلغ وزارة الصحة بمآسي ضحايا الإدمان ويطالبها بتزويد مركز طب الإدمان بتطوان بالأدوية والموارد البشرية    انطلاق فعاليات "زهرية مراكش"    تحقيقات في قضايا تخص حوادث للسير تجر محامية بهيئة الرباط إلى الاعتقال    نزيف مستمر في شوارع طنجة.. متى يتوقف تهور سائقي دراجات سانيا؟    المنتخب المغربي يفوز بصعوبة على مضيفه النيجر ويقترب من بلوغ مونديال 2026    هكذا كان أداء لاعبي المنتخب الوطني المغربي بعد الفوز الصعب على النيجر    بركة ولقجع يوقعان بروتوكول اتفاق لتطوير البنية التحتية الطرقية للمملكة    الإفطار عند المرأة الحامل جائز في حالة مرض مزمن أو حاد    المجلس العلمي الأعلى يحدد مقدار زكاة الفطر لهذه السنة    مجموعة "أكديتال" تتصدر معاملات البورصة متقدمة على "التجاري وفا بنك" و"اتصالات المغرب"    رحيل مخرج "وادي الذئاب" "دموع الورد".. نهاية أسطورة الدراما التركية    أمطار الخير تُعيد الحياة لفلاحة الشمال وسدوده!    المجلس العلمي الأعلى يحدد قيمة زكاة الفطر لعام 1446 ه في المغرب    إقبال خاص على المنتجات المحلية في شهر رمضان    تنظيم منتدى الصحراء المغربية الدولي للصحافة والإعلام بسيدي إفني    أبحاث جديدة تفسر سبب صعوبة تذكر الذكريات الأولى للأطفال    المجلس العلمي الأعلى يرفع قيمة الزكاة في المغرب    الصيام بين الفوائد الصحية والمخاطر    منظمة الصحة العالمية تدعو لاتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة السل    صحة الصائم الجيدة رهينة بالتوازن في الأكل و النوم و شيء من الرياضة..    من أجل فلسفة جذرية    أمسية شعرية وفنية تحتفي باليوم العالمي للشعر في طنجة    عمرو خالد: هذه شفاعات كبرى للنبي صلى الله عليه وسلم تنجي من أهوال يوم القيامة    التوازن بين العقل والإيمان: دعوة لفهم شامل وعمق روحي.. بقلم // محمد بوفتاس    2025 سنة التطوع: بواعث دينية ودوافع وطنية    بعد 15 سنة من العطاء…اعتزال مفاجئ للمخرج المصري محمد سامي للدراما التلفزيونية    أوريد: أزمة السياسة "ليست مغربية".. والشعبوية متحور عن الفاشية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن أي 'محاربة الفساد' نتكلم؟ أو مصداقية الممارسة النضالية
نشر في طنجة نيوز يوم 22 - 08 - 2011

لا يخفى على أحد أن المغرب يعرف حاليا منعرجا تاريخيا هاما، أسست له الحركات الاجتماعية الاحتجاجية العربية عموما، والحراك المغربي خصوصا، فأصبح الكل يطالب بإسقاط "الفساد"،
بل إن الغريب في الأمر هو أن جزءا هاما ممن ساهموا في انتشار الفساد من خلال المناصب الحكومية أو البرلمانية أو المسؤوليات العليا، أصبحوا هم أيضا من خلال خرجاتهم الإعلامية يطالبون بإسقاط الفساد ورموزه، بل إن من السياسيين الذين شاركوا و لا زالوا يشاركون في الحكومة الحالية من قال بأن التكتل "رباعي الدفع" المكون للتحالف الليبرالي لا يمكنه أن يكون البديل لمغرب ما بعد الثورات العربية، وفي مقابل ذلك يقول ممثلوا هذا التكتل أنهم هم من سيحاربون "الفساد" وسيضعون المغرب على السكة الصحيحة. نعم "الأصالة" و "الأحرار" و "الدستوري" و"الحركة" رفعوا أيضا شعار "إسقاط الفساد"...فلا غرو أن تكون هذه العقلية القذافية (يوما واحدا قبل سقوط طرابلس، وهو لا زال يردد أنه سيسقط الفساد وسيقضي على الجرذان، ويدعو سكان طرابلس لطرد الفاسدين) هي عقلية غالبيةالحاكمين والمحكومين عندنا، نحن العرب...
فما معنى إسقاط الفساد؟وهل ممارستنا النضالية (بالنسبة لمناضلي الحركات الاحتجاجية الحالية) وممارستنا اليومية، في البيت والشارع والمدرسة والمعمل والإدارة... تسير وفق فلسفة "إسقاط الفساد"، أم أننا نحن الذين نبني سورا واقيا للفساد عمليا، ونخرج في المسيرات مطالبين بإسقاطه.
نعم، شيء جميل جدا أن ينخرط الجميع في الدعوة لمحاربة الفساد، سواء من الذين مارسوه سابقا أو من الذين لم يجربوا المسؤوليات، لكن أجمل من ذلك أن نبدأ بمحاربة الفساد الذي نقوم به أنفسنا أولا، حتى نكون قدوة للآخرين وحتى لا نقول ما لا نعمل فنكون من المنافقين شرعا، ومن الداعمين للفساد عملا. فالتجربة أكدت أن كثيرا من أبناء هذا الوطن الحبيب يحاربون الفساد لما يكونون بعيدين عن موقع تحملهم المسؤولية، لكن بمجرد أن يصلوا للمسؤولية - ولو كانت "مهمة شاوش" في إدارة بسيطة- حتى يصبحوا ممارسين للفساد ومفسدين من الطراز الأول.
فالفساد السياسي الذي يبرز للجميع حاليا كغول يجب محاربته، سبقه فساد تربوي وفساد أخلاقي وفساد قيمي وفساد تدبيري وفساد اقتصادي...وإذا ما أردنا محاربة الفساد فعلينا أولا أن نحارب مختلف أشكال الفساد المؤدية للفساد السياسي. بمعنى وجب علينا محاربة "منظومة الفساد" في فلسفتها وفي قيمها. فلا يعقل أن يكون هناك فساد سياسي "للمنتخبين" (بفتح الخاء) إذا لم يكن هناك فساد في "المواطنين" المنتخبين (بكسر الخاء)، فالسياسي الفاسد لم يكن ليصل لمنصبه لولا فساد الذين أخذوا "رشوة" عن صوتهم وجعلوه في ذلك المكان، فيكفي ألا يصوت المواطنون على الفاسدين لكي لا يصل هؤلاء الفاسدون لتحمل المسؤولية...أليس هذا صحيحا؟؟؟
ثم ونحن نسائل المسؤول في الإدارة الترابية من عون ومقدم وخليفة وشيخ وقائد...عن فساده،ألم نسائل أنفسنا عن فسادنا نحن أولا؟ عندما يحضر أحدنا للمصلحة فيتقدم مباشرة عبر الباب الخلفي أو عبر طريق آخر، ليتسرب إلى المسؤول فيقدم له "التدويرة"، ويحصل على ما يريد، ونبقى نحن في الطابور وفي الصف ننتظر دورنا، وقد لا يصل هذا الدور لأن المسؤول خرج لقضاء حاجة "مواطن ديناصور" طلب منه خدمة في البيت أو في المقهى...ألم نطرح سؤالا: من هو الذي سمح بفساد ذلك المسؤول؟ ثم عندما نمر في ضوء أحمر أو لا نحترم إشارة مرور أو نتكلم في الهاتف النقال وقت السياقة، فيوقفنا الشرطي، فنعطيه "التدويرة"، ألم نسائل أنفسنا: هل كان لهذا الشرطي أن يكون فاسدا ومفسدا لو لم نشجعه على ذلك ونخلق نحن بتجاوزاتنا مناخ الفساد؟؟؟
ثم عندما يقرر "الأستاذ" المحترم الذي يتزعم المظاهرات لإسقاط الفساد، إعطاء ساعات إضافية بمبالغ خيالية لأبناء "الشعب المقهور" (لاحظوا معي أنه في هذه الحالة لا يكون الشعب مقهورا من طرف هذا الأستاذ الموقر لكنه يصبح مقهورا فقط عندما يرتفع سعر ليتر الزيت بدرهم واحد، أما عندما يؤدي 100 و 200 درهم لساعات إضافية مفروضة عليه، فهو ليس مقهورا) عوض أن يقوم بواجبه المهني كما يجب في القسم ويمكن التلاميذ من جميع المعطيات حتى لا يحتاجوا لساعات إضافية إلزامية...أليس هذا فسادا؟ من هو المفسد هنا؟ إذن فليسقط هذا النوع من الفساد هو أيضا؟؟؟
ثم عندما يقرر "الطالب" المحترم الذي يصدع بمحاربة الفساد من خلال مكبر الصوت في المظاهرات، أن يختلس المعلومة و"ينقلها" داخل المدرج خلال الامتحان، ألا يكون مفسدا حقيقيا؟ كيف تتيح له نفسه أن يطالب بمحاربة الفساد وهو أيضا مفسد في جزء من حياته وجزء من عمله. يحصل على دبلومه عن طريق الفساد، وقد نجد من يسوغ مثل هذه الممارسات بحجة أنه حتى لو حصل الطالب على الدبلوم فلن يجد عملا، وبالتالي فلا مشكلة في "النقل"؟؟؟هل سمعتم شعارات رفعت في المسيرات لإسقاط هذا النوع من الفساد؟؟؟
إن غالبيتنا "مفسدون"، حتى داخل بيوتنا، نطلب من أبنائنا أن يجيبوا عبر الهاتف ليخبروا مخاطبينا أننا غير موجودين، ونقوم برمي كيس الأزبال حيثما أتيح لنا وليس في مكان القمامة، ونعمل على أن يلتحق أبناؤنا بالمدرسة العليا وإن كان معدلهم لا يسمح بذلك...نماذج بسيطة من الفساد لا نجرؤ على الإفصاح عنها، والأخطر أننا نظن أن الآخرين هم المفسدين فقط، مما يجعلنا أمام مغالطة كبيرة: كيف لنا أن نغير ونحن بهذه العقلية...
إنني أدعو نفسي أولا، ثم أولئك الذين ينادون بالإطاحة بالفساد، ونحن نحترمهم ونقدرهم ونشد على يدهم من أي موقع كانوا، أن:
• نزيل الفساد من ذواتنا أولا،
• أن لا نعمل على انتشار الفساد وحمايته ثانيا (من خلال تقديم الرشاوى والتدويرات...)،
• آنذاك يحق لنا أن نطالب بإسقاط الفساد، وآنذاك فقط سيسقط الفساد.
قد يقول قائل، وقد يحاول مشكك في هذا الخطاب أن يقول: إنها دعوة إلى الإبقاء على الفساد إذن، ثم إن فسادنا –إن صح- هو فساد صغير مقبول...لكن صدق المثل الفرنسي الذي يقول "الذي يسرق بيضة يسرق ثورا"...فكل يجتهد في "فساده" من موقعه الخاص المتاح له. ثم إن المشككين فيما قلته يقولون أنهم يعطون "التدويرات" و"الرشاوى' للحصول على حقوقهم فقط...إلخ. لكن الحقيقة أن مثل هذه الاعتراضات غير سليمة (انظر النماذج المقدمة سلفا:الأستاذ والطالب والسائق ورب البيت....)، لأننا نعلم أنه لو قرر المغاربة عدم تسليم أي درهم لأي مسؤول، يوما ويومين وثلاثة وأسبوعا وأسبوعين وشهرا...وصبروا على ذلك رغم عدم حصولهم على حقوقهم، هل سيتمنع المسؤولون عن تقديم الخدمات دائما وأبدا؟ وهل سيبقون ينتظرون هذه المدة لتقديم الحقوق والقيام بالواجبات؟ كيف يعقل أن يقدم الشعب تضحيات جسدية جسيمة، يقتل وتزهق روحه (نماذج سوريا وليبيا واليمن وتونس ومصر...) من أجل محاربة الفساد، ولا يقدر على القيام بمثل هذا الامتناع عن دعم الفساد حتى يزول...
إنها دعوة صريحة لتغيير ما بأنفسنا أولا، حتى يتم تغيير قومنا ومسؤولينا، ومتى بقينا ننادي بتغيير الآخرين، ونحن نصر على البقاء على حالنا، فسلاما على "التغيير" وعلى "إسقاط الفساد"...و"كيفما تكونوا يولى عليكم".
د.محمد نجيب بوليف
[email protected]
شارك هذا الخبر مع أصدقائك في الفيسبوك
الرجوع إلى قسم هذا الخبر
خبر قديم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.