افتتح أمس الجمعة بتطوان معرض "رؤى" للتشكيلي الراحل المكي مغارة، وهو رحلة غنية عبر مسار هذا الفنان المغربي المتميز، الذي خاضه باقتدار وحنكة كبيرتين. ويقدم المعرض، الذي يحتضنه رواق العروض الفنية بمركز تطوان للفن الحديث، شذرات من الابداع الفني المتميز للفنان الرائد المرحوم المكي مغارة. وجرى الافتتاح بحضور عائلة الفنان وجمهور واسع من المثقفين وممثلي المؤسسات الثقافية ومحبي الفن والإبداع. هذا المعرض الاستيعادي، الذي تشرف على تنظيمه مؤسسة المكي مغارة بتعاون مع المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان وبدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل، يقدم خمسين عملا فنيا تشكيليا لهذا الفنان الاستثنائي، وهو المعرض الذي يدعو ساكنة مدينة تطوان وزوارها إلى اكتشاف العوالم الفنية للراحل، ونقل رؤيته الصافية والصريحة للعالم وللآخر بكل حب وإخلاص، من خلال إبداعاته، ويعلمنا بالإضافة إلى دروس الفن، روح الاخوة والتعايش والانتماء إلى حضارة ذات غنى لاحصر لها. ويهدف هذا المعرض، الذي وسمه منظموه ب"رؤى"، إلى أن يكون منصة لتقديم هذا الفنان من زوايا متعددة ومن خلال أعماله الغنية، التي يعبر فيها بوسائل مختلفة عن تفاصيل الزقاق وفضاءات المدينة العتيقة لتطوان الملهمة لابداعاته، والتي يلاحظها حتى الزائر العادي. ويشكل معرض"رؤى"، الذي سيمتد إلى غاية 11 نونبر المقبل، سفرا فنيا عبر الزمان الفني للرائد مغارة منذ خمسينيات القرن الماضي إلى بداية الألفية الجديدة، بل يشكل رحلة فنية تنقل المتلقي لسبر أغوار التقنيات الفنية التي جربها المبدع مغارة وأبدع في جميعها، كما هو استغوار فني لاستكشاف المواد المستعملة في لوحاته ومنحوتاته. وأبرز مدير المعهد الوطني للفنون الجملة بتطوان المهدي الزواق، في تصريح لM24 القناة التابعة لوكالة المغرب العربي للانباء، أن هذا المعرض استيعادي برؤى متعددة للمسار الفني والتاريخي المتميز للفنان الراحل المكي مغارة. وأضاف الزواق أن المعرض رحلة فنية شيقة يدعو زواره إلى ركوب القطار الفني للمكي مغارة انطلاقا من مدينة تطوان إلى إشبيلية ومدريد ومن ثم العودة إلى تطوان ومرتيل، مرورا عبر المعهد الوطني للفنون الجميلة، حيث درس وعمل به كاستاذ أطر وكون أجيالا عديدة. وأشار مدير المعهد الوطني للفنون الجميلة الى أن المعرض يقدم جزءا من أحسن ما أنتجه الراحل مكي مغارة، ويحكي تاريخه الفني، بالإضافة إلى معرض مواز يؤرخ لجميع التظاهرات والمعارض التي أقامها الفنان الراحل، هذا إلى جانب الوثائق النادرة التي تعرض لأول مرة. من جانبها، أبرزت مونية مغارة رئيسة مؤسسة المكي مغارة، أن هذه الأخيرة لم تنشأ فقط من أجل الحفاظ على الاعمال الفنية للراحل والتعريف بتراثه الفني على المستوى الوطني والدولي، بل تسعى إلى بلورة أهم أهداف الفنان الراحل وهواجسه الدؤوبة، التي كان يطمح إلى تحقيقها، من خلال الارتقاء بالذوق والحس الفني لدى المجتمع، وتربية الناشئة. وأضافت نجلة الفنان الراحل المكي مغارة، أن المؤسسة ومن خلال إطلالتها الأولى عبر هذا المعرض تقدم الأعمال الفنية للراحل حسب فتراتها الزمنية من جهة، ومن جهة ثانية حسب التقنيات المستخدمة، وذلك ليتمكن الزائر من الاطلاع على مختلف مراحل المسيرة الفنية للراحل، ويستكشف الجانب البحثي والتجريبي الإبداعي، الذي كان يصقله للتعبير عن رؤاه الخاصة. يذكر أن الفنان الراحل مكي مغارة (1933 / 2019)، يعد إحدى القامات الفنية الكبيرة بالمغرب، حيث اهتم منذ نعومة أظافره بالفن وخصوصا بالفن التشكيلي، حيث نظم أول معرض سنة 1952 وعمره لا يتجاوز 16 سنة، وبدأ تكوينه الأكاديمي بمدرسة الفنون الجميلة بتطوان، لينتقل سنة 1955 إلى المدرسة العليا للفنون الجميلة بإشبيلية (سنتا إسبيل دو إنكرية) قصد إستكمال تكوينه الأكاديمي، وفي عام 1959 التحق بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بمدريد (المدرسة المركزية سان فرناندو). وعند استكماله لتكوينه الاكاديمي سنة 1960، عاد إلى مسقط رأسه تطوان ليعين أستاذا بالمدرسة الوطنية للفنون الجميلة، وفي سنة 1992 أحيل على التقاعد ليتفرغ للفن والتشكيل إلى أن توفي بمرتيل سنة 2019. وعرف عن الراحل حضوره القوي بالمشهد الثقافي والتشكيلي بتطوان والمغرب، حيث يعد من أعلام التشكيل المغربي عامة والتطواني خاصة.