- الاناضول : يصادف معظم المسافرين بمنطقة الشمال الغربي للمغرب، على مشارف مضيق جبل طارق، نساء بقبعات نباتية، يترقبن أصحاب السيارات، ويلوحن للسائقين ومن معهم بربطات قثاء وبقول وجبن وبصل وعطور نباتية، في محاولة لجذب انتباههم إلى بضاعتهن التي يفترشنها تحت ظل مبنى صغير، تمت إقامته على ناصية الطريق الساحلية في الضاحية الشرقية لمدينة طنجة المغربية . هذه الأسواق التقليدية سواء في بضائعها أو النساء البائعات على بساطتها تكسب المكان ملمحا خاصا أقرب إلى البيئة الطبيعة بعيدا عن ضجيج المدنية والتجارة والأسواق غير التقليدية، وإذا كان المغاربة يطلقون على طنجة عروس الشمال فإن أحد ملامح هذه المدينة هي أسواق عروس الشمال النسوية. في هذا المكان الذي يطلق عليه مدشر (قرية) "الزرارع"، وفق ما عاينه مراسل الأناضول، تفترش النسوة بشكل يومي مساحتهن المخصصة تحت ظل هذه البناية، التي شيدت خصيصا لإيوائهن من حر الشمس، بشكل يساعدهن على ممارسة تجارتهن البسيطة. رحمة الفحصي، سيدة خمسينية بوجه بشوش لم تمنع تجاعيده ارتسام ابتسامة دائمة في وجه زبنائها، تقول في حديث للأناضول، "كل يوم نجيئ إلى هنا مشيا على الأقدام لمسافة بعيدة لنسترزق الله تعالى، ونبحث عن زبائن يهتمون بمنتجات فلاحية (زراعية) محلية، تتميز بكونها طبيعية". ووفق مراسل الأناضول، فإن أغلب النساء يعرضن للبيع جبنا طريا، وخضر، وبصلا، وثوم مجفف، وبعض النباتات العطرية، مثل الزعتر. ويضم هذا السوق النسوي، إلى جانب ما تجود به الأرض من بقلها (ويطلق عليها البقول أو البقوليات ومن الفاصوليا والبازلاء) وقثائها (يطلق عليه ايضا الفقوس أوالقتى) وفومها (وهي الحنطة أو القمح)، فطائر ورغائف طرية، يتم طهيها على نار الحطب. وتكشف أمينة اللغميش، رئيسة جمعية سنبلة لتنمية المرأة القروية (غير حكومية)، ل "الأناضول" أن فكرة إنشاء هذا السوق، جاءت من منطلق المساهمة في مساعدة المرأة القروية على تحسين ظروف اشتغالها في تسويق المنتوجات المحلية. وتؤكد اللغميش في تصريحاتها أن المرأة بهذه المنطقة هي التي تتكلف عادة بمهمة تسويق هذه المنتوجات الفلاحية بدلا من الرجل. وتضيف "دورالمرأة القروية في شمال المغرب يتجاوز الأدوار التقليدية المتمثلة في رعاية الأطفال والقيام بشؤون المطبخ، فهي تتقاسم كل المهام مع زوجها خاصة في مجال تدبير شؤون المعيشة اليومية"، لتخلص إلى القول إن "المرأة هنا هي صاحبة المبادرة بل إنها شريكة أساسية لزوجها في تدبير مصاريف الحياة اليومية.. إنها لا تنتظر صدقة من أحد"