أديس أبابا: انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    مغرب الحضارة زيارة الرئيس الصيني للمغرب عندما يقتنع الكبار بمصداقية وطموح المغرب    انخفاض مفرغات الصيد البحري بميناء الناظور    موتسيبي "فخور للغاية" بدور المغرب في تطور كرة القدم بإفريقيا    فتح بحث قضائي في شبهة تورط رجل أمن في إساءة استعمال لوازم وظيفية واستغلال النفوذ    إسبانيا...كيف إنتهت الحياة المزدوجة لرئيس قسم مكافحة غسل الأموال في الشرطة    كرة القدم النسوية... الناخب الوطني يوجه الدعوة ل27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    وزير الخارجية السابق لجمهورية البيرو يكتب: بنما تنضم إلى الرفض الدولي المتزايد ل"بوليساريو"    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    تيزنيت : انقلاب سيارة و اصابة ثلاثة مديري مؤسسات تعليمية في حادثة سير خطيرة    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    الدار البيضاء.. حفل تكريم لروح الفنان الراحل حسن ميكري    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    محامون يدعون لمراجعة مشروع قانون المسطرة المدنية وحذف الغرامات    كأس ديفيس لكرة المضرب.. هولندا تبلغ النهائي للمرة الأولى في تاريخها        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    النقيب الجامعي يكتب: على الرباط أن تسارع نحو الاعتراف بنظام روما لحماية المغرب من الإرهاب الصهيوني    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    الوزير برّادة يراجع منهجية ومعايير اختيار مؤسسات الريادة ال2500 في الابتدائي والإعدادي لسنة 2025    فولكر تورك: المغرب نموذج يحتذى به في مجال مكافحة التطرف    اختفاء غامض لشاب بلجيكي في المغرب    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    سبوتنيك الروسية تكشف عن شروط المغرب لعودة العلاقات مع إيران    مرحلة استراتيجية جديدة في العلاقات المغربية-الصينية    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    تخليد الذكرى ال 60 لتشييد المسجد الكبير بدكار السنغالية        وسيط المملكة يستضيف لأول مرة اجتماعات مجلس إدارة المعهد الدولي للأمبودسمان    الموت يفجع الفنانة المصرية مي عزالدين    طقس السبت.. بارد في المرتفعات وهبات ريال قوية بالجنوب وسوس    كيوسك السبت | تقرير يكشف تعرض 4535 امرأة للعنف خلال سنة واحدة فقط    عندما تتطاول الظلال على الأهرام: عبث تنظيم الصحافة الرياضية    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها        مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثَيزَرث البريئة
نشر في أريفينو يوم 09 - 02 - 2013

أهجو أو أتهجى أو أتهجأ أحرف اللفظة على الهجاء المعهود بنبرة ريفية وكيف لا؟، وهي تقع في الريف، أرفض تسميتها ببوقانا، لأنها إسبانية حديثة العهد، وتعني الترعة أو “الوادي”، ولأن الترعة المعنية لم تبق، لقد انسدت طبيعيا… أرسم حروفها بدءا بحرف الثاء وختما به، ولأن حرف الراء يناسب الثاء في التأنيث، أريده حرفا ريفيا، البعض يريد حذفه وهو متداول في الاسبانية والعربية وغيرهما، ومنهم من ينطق به تاء، ومنهم من ينطق به سينا، وهو المثلث من الأحرف والأكثر نقطا، وفي الهندسة يذكرني بالمثلث، وفي الموسيقى يذكرني بالمثلث بكسر الميم وسكون الثاء وفتح اللام، وفي سلم الحركات بالدرجة الثالثة التي تكون ضمة، وفي الشعر يذكرني بالثالوث الرهيب وعند النصارى، بالثالوث الأقدس لأقانيم الذات الإلهية، وفي الجغرافية يذكرني بمثلث برمودا الخطير في المحيط الأطلسي شمال شرقي الأنتيل، وفي التاريخ لابد من ثلاثة: الزمان والمكان والمجتمع، والإنسان نفسه حرف ورقم، وفي الرياضيات رقم ثلاثة أصله ثلاث زوايا… حرف مهموس لثوي، وهو أحد أحرف النفث، محله من الذال محل التاء من الدال، ولا يكون إلا أصلا فاء أو عينا أو لاما.
أريد أن أكتب شيئا عن ثيزرث وأحكي عن همومها، لأنني حينما أتأمل بنيتها أتألم لمآلها وحالة أهلها، أصيبوا بنكسة تعسة، ونكبة شاقة، وخيبة وبلة، وتخمة شديدة، لما وضعوا الثقة في بعض الحربائيين الانتهازيين العرقوبيين المتناكثين المتناكدين… إن الجهلاء والأغبياء هم الذين يضحكون على الأبرياء… ولكن على المداهنين الضحكة الجبناء أن يحذروا من غضب بني الغبراء، فبدلا من توعيتهم وتوجيههم وتثقيفهم، وتحسين وضعيتهم، يبادرون ويسارعون في المناسبات المعهودة إلى استغلالهم بوعود عرقوبية، وتقديم حلول وهمية خيالية، وفي وقت الشدة والمحنة يطلقون سيقانهم للريح، وصدق الذي قال: عند الشدائد تعرف الإخوان، وشر الرأي الدبري، ماذا يرجى من فاقد الشيء؟، ماذا سيقدم؟ ماذا سيبرمج؟ لا يكون ذلك حتى يشيب الغراب أو يبيض الفأر أو يلج الجمل في سم الإبرة أو يرد الضب، إن المحنة التي تمر بها ثيزرث هي أعقد من ذنب الضب، وكما أن الضب لا يهتدي إلى جحره إذا خرج منه…!!!
ثيزرث ذات التربة الرملية الذهبية القرقرية السجسجية، ذات حلزونات ملساء، وصدف ناعمة، وحصوات مرجانية، ورمال ذهبية، كل ما فيها شعر وأنغام وأصوات، أصوات اليم والطيور والبهائم والأسماك، وحتى في المشي فوق أديمها تحدث الصدف أصواتا كالصحنين أو الطسبتين في يد الغجرية الراقصة رقصة فلامنكو، وحفيف الأشجار وفحيح الأفاعي وهي تخرج من أجحارها، تنساب في رمال حارة وفي الزقب، فتجحدر الطيور لرؤيتها، وذات سجاح سجسج وخريق في الربيع والصيف، ونكباء هوجاء وخروق في فصل الخريف والشتاء، فيشرع البحر في الرقص العنيف بعلاجيمه العاتية.
بعيدا عن الطوبونيميا واليوطوبيا وو…، هي بادية منسية في فصل الخريف والشتاء، منذ أن نزلت بها أسر في بداية القرن الماضي، عانت الكثير من الفيضانات البحرية في الخمسينيات والستينيات والثمانينيات وغيرها، وفي بداية القرن الحالي، تبقى منعزلة مهمشة تصارع أمواج اللافظة، كم من مرة هيأت الأسر الواجمة الساكتة الوجلة المغلوبة على أمرها، قواربها للرحيل عبر البحيرة الصغيرة الساكنة الهادئة التي تساعد على الملاحة، ولكن ألطاف الله تحفظها، لا أحد فكر فيها ولا يفكر فيها اليوم، لا السلطات المحلية ولا المجالس القروية والبلدية منذ تأسيسها السالفة والحالية، استغلوها استغلالا بشعا، أخفوا مداخيلها، نهبوا رمالها، أين كثبانها التي كانت سدا قويا وحصنا منيعا في وجه البحر أثناء الهيجان؟؟…، وأين الصدف والحلزونات التي كانت سورا وقائيا في وجه الأمواج.؟؟… شوهوا طريقها بالأتربة والأحجار، حبذا لوترك الطريق كما كان سابقا، أين تلك الآبار الصغيرة دانية القعور، لينة الاغتراف، وذات الماء الزلال القح تصفيه الرمال، لقد جفت الآبار فأصبحت مياها مالحة، والضيعات ماحلة، والمواشي عجفاء والتربة جدباء، بسبب الرمال المنقولة نهبا، أين البطيخ الحلو والشمام، والفقوس واليقطين والقثاء، والطماطم اللذيذة ،والبصل والنعناع والبقدنوس والخيار والخس والكرفس وغيرها من الخضر والبقول، وأين القطن؟، وأين نساؤها العفيفات الصابرات، ورجالها الأقحاح الكرماء،؟ رحلوا فرحلت معهم الخيرات، واختفت الضيعات،وهاجرت الحيتان، وانعدمت الصنعة، من صناعة الشبك ورتقها وجلفظة السفن… فرقتهم السياسة، فأنستهم وألهتهم عن الصيد والغرس والبذر، وتربية المواشي، ومن فرط الاهتمام، منعوا من الصيد التقليدي بشبكة الجر، الذي اشتغل به أجدادهم منذ أزيد من سبعين سنة، حينما تدنو الانتخابات يحدث المنع، وبعدها يقع المنح.. فمن المانع ومن المانح…؟؟. الله أعلم. إلى أن حدثت مناقشات واصطدامات بين الصيادين أنفسهم فصدر الحظر من طرف المسؤولين، ثم انقطع الماء أزيد من أربعة أشهر لأسباب مجهولة، هل هي اقتصادية أم سياسية؟ مع أن بداية التزويد ترجع إلى أوائل التسعينيات، القدماء العقلاء كانوا ينظمون نشاطهم الصيدي بإطلاق أرقام على الأماكن وبالتناوب والتراضي، وأحيانا يقومون بالعمل جماعيا أو ما يسمى ب “التويزة” فيما يخص الصيد بشبكة الجر لتكون المنافسة شريفة، بعيدين عن السياسة والجمعيات والوداديات والتعاونيات… لقد عاشوا عيشة بسيطة هادئة، كأسرة واحدة يحلون بأنفسهم ما عن من صعوبات، وظهر من خروقات، بالتشاور دون الاستعانة بالغير…
إن الاهتمام بالعالم القروي واجب وطني، فالبادية هي النواة الأولى للمدينة، بل، هي أسبق منها، وهي أم المدن، وواجب على كل من يتحمل مسؤولية الشأن المحلي أن يهتم بالقرية، والدولة انتبهت إلى ظروف البادية فأفردت صندوقا لتنمية العالم القروي مع تخصيص ميزانية هامة، وأحدثت مديرية للتنمية القروية علاوة على المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والبرلمان خلال الأيام السالفة، خصص جلسات خاصة بالعالم القروي، وقد ذهب أحد البرلمانيين إلى القول: لا بد من إحداث وزارة خاصة بالعالم القروي.
أرى أن ثيزرث يعشقونها قبيل الانتخابات لكسب الأصوات، وبعض السماسرة يريدون السيطرة على أراضيها لاستغلالها سياحيا، ففي فصل الشتاء ووقت العزلة لا يسألون حتى على حالة الساكنة وظروف عيشها.
إن قطع الماء عمل لا يقبله العقل، لأن الماء هو الحياة، فالبهيمة لا تستطيع حفر الآبار، والنباتات والأشجار لا تقدر حتى على الحركة فهي تحتاج إلى من يسقيها وإلى الأمطار، لابد من احترام الطبيعة لأنها لا تقبل الفراغ، وهي التي تحافظ على التوازن البيئي، بين البحر والبحيرة ماء عذب تصفيه الرمال طبيعيا بدون آلات، ولما وقع الاعتداء على طبيعة ثيزرث بنهب رمالها أصبحت المياه مالحة والتربة جدباء، ومما زاد الطين بلة قطع الماء أخيرا، فأين قوله تعالى “عينا يشرب بها عباد الله”؟، وما الحكمة من الينابيع والعيون والأنهار الجارية…؟؟. إن مياه إياسينن دائمة الجريان ليل نهار، فعلى المسؤولين أن يستغلوا هذه المياه الضائعة بتحويلها إلى ثيزرث، أو القيام بتحلية مياه البحر ما دام البحر قريبا، فهذا هو عملهم لأنهم يمثلون السكان، والقيام بالمقاربة والمشاركة والمساعدة والتشارك والتشاور، لا بالتنافر والهروب والتملص، وواجب المسؤول نحو قريته أو مدينته التفقد والمراقبة والوقوف على أماكن الخلل، والمحافظة على جمالية المدينة أو القرية، وعلى سلامة الساكنة، ولا يتأتى ذلك إلا بالثقافة والوعي والمعرفة والخبرة والدربة والدراية، وفاقد الشيء لا يعطيه، وإن المسؤولية اليوم في ظل الدستور الجديد، مرتبطة بالمراقبة والمحاسبة والمتابعة والمعاقبة، وقد أشارت عدة صحف وطنية إلى الاختلالات في التدبير والتسيير من خلال التقرير السنوي برسم سنة 2011م.
إن أهل ثيزيرث عليهم أن يهتموا بشأنهم، كما فعل أجدادهم الذين بنوا المسجد الذي كان عبارة عن بيت من طين وتبن وخشب، اليوم هم بدورهم حاليا وسعوه بفضل مجهوداتهم ومساهمتهم المادية، ومساهمة المحسنين، إلى أن رخص لهم بإقامة خطبتي صلاة الجمعة، لأنهم كانوا يقطعون خمسة كيلومترات لأداء صلاة الجمعة في مختلف المساجد ببني انصار، وهذه مبادرة حسنة فيها أجر وثواب ومنفعة للساكنة شبابا ونساء وشيوخا، هذا مكسب حققوه بتعاونهم وباعتماد على أنفسهم دون انتظار الأخر، لأنهم سيكونون في وضعية الذليل الذي يعوذ بقرملة، وما حصل لهم أيضا مع الماء، لقد طال الانتظار، وكثرت الوعود والتسويفات والحيثيات، وقد صبروا وكابدوا وتظمأوا وهم أظمأ من رمل على الظمء الشديد أشد من الخمصة والضور، وشعروا بالضرر البلغ الذي وصل إلى النقي، بشرا وبهيمة ومسجدا ومدرسة ونباتا وأشجارا، فشمروا على سواعدهم، وجمعوا أمرهم، فلم ينتظروا مجيء فلان، ولم يستمعوا إلى ما يقوله علان، فبادروا إلى رفع شكاية مذيلة بتوقيعات المتضررين، بخصوص قطع الماء الشروب عن ساقية ثيزرث التابعة لبني انصار إلى المسؤولين، والجهات المختصة والمصالح العمومية المعنية، وقد نشرت الشكاية على صفحات جريدة بني أنصار بريس الالكترونية، وبعدها ببضعة أيام حسب ما جاء على لسان نفس الجريدة الإلكتروينة: “احتضنت باشوية بني أنصار عصر يومه الأربعاء 30 يناير الجاري، اجتماعا تشاوريا ضم السيد محمد الهواري مدير التهيئة بوكالة تهيئة بحيرة مارتشيكا، والسيد عبد الرحيم سلمات ممثل السلطة المحلية بباشوية بني أنصار، والسيد يحيى البالي رئيس بالمكتب الوطني للماء الصالح للشرب بمركز بني أنصار، ومجموعة من الفعاليات الجمعوية والمدنية الممثلة لحي بوقانا كجمعية شباب مارتشيكا بحي بوقانا وجمعية بوقانا وجمعية لجنة التسيير المحلية بمدرسة كم بوقانا. اللقاء عرف تسليم ممثل وكالة مرتشيكا ميد الدراسة التقنية لمشروع تزويد دواوير حي بوقانا بالماء الصالح للشرب، المنجزة من طرف المكتب الجهوي للماء الصالح للشرب، حيث قدر هذا الأخير تكلفة إنجاز المشروع بما يقارب: 526.624,00درهم، وعلى اثر ذلك تعهد ممثل وكالة مارتشيكا ميد بدراسة المشروع واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لأجل انجاز المشروع في القريب العاجل.”
كتبت عن ثيزيرث في القرن الماضي وفي بداية هذا القرن من حيث جمالها ومعاناتها ووضعيتها، “غابة ريستينغا” جريدة العلم 30يوليوز1973م، “شبه جزيرة بوقانا الاتحاد الاشتراكي 23 مارس 2004م” “ثيزرث تحتاج وساكنتها إلى الإنقاذ” الصباح 29مارس 2004م، إيقاف مشروع كهربة حي بوقانا، جريدة التجديد23 ماي 2005م، وغيرها من المقالات والمراسلات، وأعود اليوم للكتابة عنها وذلك أضعف الإيمان، لأنني أرى وضعيتها متذبذبة، حرمت من الماء الشروب بعد أن زودت به منذ التسعينيات، فأين مداخيلها المستخلصة كل صيف من الزائرين منذ الستينيات إلى سنة 2005م،؟ وحرمت من الإنارة بعد أن نصبت أعمدة خشبية 2003م وبعد الدراسة نصبت أعمدة إسمنتية جديدة ومدت بالأسلاك الكهربائية منذ 2005م ولكن إلى يومنا هذا لم تر الساكنة ولو مصباحا كهربائيا واحدا، وقد وعد سكانها بمدهم بالإنارة في 2000م، وما زالت إلى يومنا هذا الأعمدة منتصبة دون جدوى، تقف النوارس والطيور فوق قممها وأسلاكها، والأخيرة ترقصها الرياح الغربية والشرقية..!!!
إن ثيزيرث تفتقر إلى الطريق الذي يجب أن يكون معبدا ومزفتا، وإحداث خط جديد للحافلات للنقل العمومي، نظرا لحركية الساكنة التي تنتقل إلى بني انصار لأجل قضاء المآرب والتبضع والحصول على الوثائق الإدارية وغيرها من الأمور، والتلاميذ الذين يذهبون إلى الثانوية الإعدادية والثانوية التأهيلية، وبعضهم يتابعون دراستهم بالجامعات ومنهم من يتابع ببرشلونة الهندسة وقد تخرج ويتابع في الماستر، ومنهم من يشتغل بفرنسا وهو مهندس برتبة نائب مدير لشركة السيارات، علينا أن لا نهمل ثيزرث وألا نستخف بها، ونستهين بسكانها على أنهم أغبياء وغير واعين، وأن نفعل ما نشاء بعقولهم، بالوسائل المختلفة المعهودة، المتخلفة المنبوذة لا تمت بالإنسانية سرا وعلانية، وقد أكل عليها الدهر وشرب… لا بد من مستوصف وقسم للولادة والمستعجلات، ودار للمرأة لمحاربة الأمية، ولتتعلم بها فنون الخياطة والطرازة وكل ما يتعلق بنشاطها، لدحض الملل والرتوب، ثم إحداث ملعب لكرة القدم يقبل عليه الشباب وهو أفضل من الإقبال على السموم القاتلة ولا بد من التفكير في ذوي العاهات والمرضى والعجزة والمعوزين، والأخذ بيدهم ومساعدتهم ماديا ومعنويا، ويطلب من المنتخبين والمسؤولين أن ينهجوا سياسة تقاربية تشاركية مصحوبة بالدعم والمساعدة والتوعية والتثقيف والتربية على حب القرية والوسط والمدينة والوطن، لا بالتحايل والفرار حينما تنزل الكوارث وتحدث المشاكل، فالمسؤولية تكليف وليست تشريفا وجلوسا على الأرائك المريحة، والتحملق والتحلق والصعود إلى الأبراج الباسقة السامقة، وضرب أسداس في أخماس…
لا أدري ماذا يريدون؟ هل يريدون التنمية لثيزرث ووضعية حسنة وعيشا كريما لساكنتها، ومحاربة الفقر والهشاشة والعزلة والتهميش؟ أم يريدون أصواتا أم أطماعا لتحقيق مصالحهم بدلا من مصالح السكان…؟؟ لا أدري
ثيزيرث دائما في القلب، لأنها بريئة كريمة مضيافة، وهي المتنفس الوحيد لساكنة بني انصار ربيعا وصيفا وخريفا، طبيعتها الهادئة وإحدى الدول المتقدمة من خلال برلمانها تريد تخفيض ضجيج السيارات والحافلات والناقلات من الشوارع في أفق 2019 تسحرك وتدعوك إلى زيارتها مرارا وتكرارا، وحركات البحر من مد إلى جزر، تجعل أديمه يرقص على إيقاعات الأمواج، وهو منظر دائم الحركة والتجدد والترقرق، يحدوك على التأمل والتدبر في السدر الواسع الشاسع، وفي عظمته وضخامته، وترامي أطرافه، وخداعه لحواسنا كأنه لصق متصل بالسماء في الأفق.
وختاما إن من لم يشرب من آبار ثيزرث الصغيرة الدانية اللينة الامتياح والاغتراف، ذات ماء زلول صاف، ولم يأكل من خضر ضيعاتها الغضة النضرة، وأسماكها الطرية اللذيذة، ولم يسبح في بحرها، ولم يلعب كرة القدم في شاطئها وفوق رمالها الذهبية، ولم يتدحرج من قمة الأكثبة العالية إلى حضيضها، ولم يقطع البحيرة مشيا من مكان خاص حيث مطامير الحبوب لتقريب المسافة، ومن لم يتناول الطعام “الكسكس” في العرس بالصدف لقلة الملاعق في ذلك الوقت ليس من ثيزيرث، ولا من بني انصار، لأن أهل بني انصار وأهل ثيزيرث تجمعهم روابط الصداقة والمعرفة والقرابة والجوار.
ثيزرث البريئة
إن نسوك فنحن لا ننساك،
ولا ننسى خيراتك العميمة
شربنا من أبارك العذبة
وأكلنا من خضرك اللذيذة
ولا ينكر ذلك إلا اللئيم
((إذا أنت أكرمت الكريم، ملكته = = وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا)) على حد قول المتنبي.
وها نحن اليوم نمد بعضا من أهلها بالماء الشروب نظرا للعطش الذي نزل بهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.