أشد الأشياء جمالا وسحرا التي وهبها الله لنا الطبيعة، بمائها، وهوائها، وتربتها، وغاباتها؛ كل هذا للإنسان المكرم بالعقل للتفكير والإبداع. المواطن هو الإنسان، هو المخلوق المميز بخصائص متنوعة، فليس مواطنو الدول الشمالية يفوقون دول الجنوب بدماغ، أو قلب، أو حاسة، فقط أولئك علموا من هم والآخرون نكّروهم لذواتهم، ولقنوهم أن الحياة كسرة خبز وزوجة ! نقصد مختلف مداشر أنجرة العامرة، أنجرة وما أدراك ما هي، قطب علمي وروحي كبير، أحفاد العلماء والأولياء والصلحاء، نتفقد أهلنا، ونقف على أطلال أجدادنا، ونشم عبق التاريخ الذهبي، الذي نسيته ذاكرة التاريخ، وهمشته أقلام المهتمين، إلا قليلا. ما زال هناك فئات، بل مداشر وقرى، تعيش البعد بكل مقاييسه، حتى يفقد المواطن لقب "إنسان"، تخيل معي حين يقطع الطفل كيلومترات من أجل المدرسة، هذا إن وجدت، ولما نحادث الآباء والكبار في الموضوع، يجيبون: "وها الجامع قدامنا" لم يدركوا بعد ما تتطلب الحياة، خدعوهم، ففي الجهل يسبحون ! بنظرة من الأنظار تنقسم أراضي أنجرة إلى ثلاثة أقسام، برقوقيون، وبحراويون، وغابويون، كلها تعيش الرداءة في العيش الكريم، عدا البحراويين، فقد اتاحت لهم الحياة حرفا من حروف السعادة والعيش الكريم، لكن ذلك ضئيل نادر، لا يكفي. يرجع ذلك إلى عدة مشاكل، كانتشار الجهل والأمية على الرقعة الأنجرية الواسعة، وعدم الإدراك الشامل للحقوق والواجبات، أنى لنا بعقليات ضحك عليها المنتخبون سنين وأعواما، فتربعوا على كراسي الأمة، بدعوى تجهيز الطرقات، والماء الصالح للشرب و ... و ... تكثر الوعود في الحملات الانتخابية، وللأسف هاته العقليات، تؤمن بالكلمات، بينما لا ترى لها أي صدى على ارض الواقع، وتصفق الحشود وتفتخر حين يحضر أولئك المنتخبون الجنازات والولائم، جلبا للسمعة والأصوات، بينما المواطن يراها بعين البراءة والثقة. لنتكلم قليلا عن الجهة البحرية، أو الجهة الساحلية للمنطقة، والتي تمتد على مساحة لا بأس بها، يقصدها الناس من كل الجهات، وخاصة في فصل الصيف، ابتغاء الفسحة والاستجمام، والترويح على النفس، ولكن هي حالة المنطقة تقول لزائرها: "قضي واها" إذ تنعدم المياه الصالحة للشرب إلا قليلا، فالباحث عن الماء الصالح للشرب بالمنطقة، كالباحث عن الدجاج بالصحراء. أما عن الشواطئ فإنها من أعظم النعم التي حباها الله للمنطقة، تجلب السياح، وتوفر التبريد على المنطقة، وأشياء أخرى، لكن المؤسف في الأمر، أن النظافة الشاطئية لا وجود لها، فبذلك تزداد معاناة المبحرين، فالماشي على هاته الشواطئ تزداد له مهمة أخرى، هي الانتباه على أن لا يصيبه أذى زجاج أو نحوه، فلا تتوفر الشواطئ لا على حافظات الزبالة ولا على أي مكان مخصص، إلا الرمال، أو الوديان إن توفرت. وفي سياق الحديث عن النظافة، ندرج القول أنه حتى الأماكن الهامة بالمنطقة، والآهلة بالسكان، إضافة إلى من يستأجرون منازل للتخييم والذين تشهد بهم المنطقة اكتظاظا ملحوظا، ولكن حتى هاته الساكنة ليس لها من أي حل لتدبير نفايات المنزل، ناهيك عن مياه الصرف الصحي، فهذا مما لا يحلم به أهل المنطقة، فمثلا منطقة وادي أليان لا تتوفر ولا على محل واحد لوضع النفايات على الأقل، والحديث هنا عن مركز المنطقة وهو ما يعرف ب: "القنطرة"، والتي تتوفر على محلات للبيع والشراء والمطاعم، ونحو ذلك، أي ما يسهم في تنمية المنطقة، لكن المحير في الأمر هو أننا نجد اثنين من حاويات الزبالة ترافق بعضها بباب فندق يملكه رئيس جماعة المنطقة ! وصلتنا أنباء تشترك في أن تغييرا جذريا شمل المنطقة في الجهاز الإداري، تغييرات عديدة، لا يعلم هل ستؤدي إلى تغيير نحو الأفضل أو دون ذلك، أو سيستمر الوضع على حاله، فكم عانينا مع إدارات المنطقة، وإدارة القصر الصغير نموذجا، فلم ولن أنسى كم من ساعات أضعتها في توافه الأمور، كأن أطلب عقد ازدياد، أو ختم وثيقة أو نحو ذلك، لكن الأدهى والأمرّ كان يوم قصدت مكتب السيد القائد، من أجل أن أضع ملف جمعية تريد إضافة مقر لها بوادي أليان، بينما هي تنشط بطنجة، فكان جوابه مناقضا لما هو بقانون الحريات العامة، ولكني لما أعترض يقول: هكذا نعمل ! أملنا في هذا التغيير الجديد، والذي نترجى أن يعم بخير على المنطقة. إنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا.