إعداد سعيد اليوسي (أمستردام): حينما غادر مدينته الأصلية تطوان صوب هولندا ، وضع عمر أحداف نصب عينيه حلما واحد يتمثل في الصعود إلى الخشبة وإمتاع الناس بالفكاهة والضحك ، فنجح في ذلك، لكن مسار هذا الفنان، الذي يعد في الوقت الراهن أحد الفكاهيين البارزين بهذا البلد ، لم يكن مفروشا بالورود ، بالنظر لكون هذا المسار قد جمع بين الأمل والإخفاقات والنجاحات. وبالعودة إلى أهم محطات حياته الفنية، فإن أحداف، الذي كان قد ظفر بجائزة لجنة التحكيم والجمهور خلال مهرجان " ليدز كباريت فيستيفال / دورة 2012 " بهولندا، تشكل لديه ، وفي وقت مبكر ، وعي بأنه يخطو خطوات في الطريق الصحيح في سعيه للبحث عن الذات . وبفوزه بجائزتين في إحدى التظاهرات الهامة بهولندا ، تحول الحلم والأمل بالنسبة لهذا المهاجر ، الذي قضى سنتين كمهاجر سري، إلى حقيقة ، فولج بذلك عالم الشهرة من بابه الواسع . ولم يكن هذا التتويج هو الوحيد في مساره الفني ، لكونه قد توج بجوائز أخرى في عدة مناسبات، منها فوزه سنة 2006 بجائزة الجمهور في مهرجان" هيت نوك آوت كوميدي فيستيفال "، الذي يستهدف الشباب الفكاهيين الذين يحظون بمتابعة في هولندا . وفي معرض استحضاره لمحطات من مساره الفني ، تحدث أحداف في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء ، عن بداياته الأولى بتطوان ، حيث كان يتردد بمعية شقيقه على بعض الأنشطة المسرحية التي كانت تحتضنها دار الثقافة بهذه المدينة ، وذلك قبل أن يشكل فرقة مسرحية لم تعمر طويلا ، بالنظر لتباين أحلام وانشغالات أعضائها. وأضاف أنه سبق له أيضا المشاركة في ورشات مسرحية بالمعهد الفرنسي بتطوان ، ثم توجه بعد ذلك للرباط لمتابعة تكوينه لكن الأمور لم تمش كما يشتهي بالنظر لصغر سنه وقتئذ ( 23 سنة )، مشيرا إلى أنه أمام هذا الوضع كان مضطرا لمواصلة مغامرته الفنية بالمعهد الفرنسي في ضوء حاجته لتطوير معرفته باللغة الفرنسية ، والمشاركة في ورشات وأعمال مسرحية . وأشار إلى أنه بعد تجربة في الجامعة تميزت بتقديم سكيتشات فكاهية لفائدة رفاقه ، تمكن من تقديم أول عرض فكاهي له ، وبعد ذلك التقى بالمنشط التلفزيوني عتيق بن الشيكر الذي كان ينشط برنامج ( نجوم الغد ) ، حيث شكل هذا البرنامج بالنسبة له فرصة لأول ظهور له على شاشة التلفزة . وقد قادت الظروف أحداف بعد ذلك إلى فرنسا، حيث حاول الالتحاق بإحدى الأكاديميات، لكن الحظ لم يحالفه في هذا المسعى ، بالنظر لقصر ذات اليد ، فوجد نفسه مضطرا للاختيار بين أمرين ، إما العودة للمغرب ، أو خوض مغامرة الهجرة السرية بهولندا. وقد اختار أحداف الأمر الثاني ، لكي يعيش بهولندا باعتباره مهاجرا سريا لكن دون نسيان حلمه. وبعد أن أشار أحداف إلى أن أغلب الناس لا يفهمون دلالة أن تكون مهاجرا سريا في بلد أجنبي ، أعرب عن اعتقده بأنه يمكن مع ذلك، استخلاص أشياء جيدة من أوضاع سيئة ، وهو ما تحقق فعلا من خلال تسوية وضعيته بهولندا. واعتبر أن وجوده بشكل قانوني بهذا البلد، ساهم في بعث حلمه الفني من جديد ، حيث جذبه عشق الخشبة من جديد ، وهو ما دفعه إلى البحث عن تعميق معارفه من خلال متابعة تكوين أكاديمي رغم عدم إتقانه للغة الهولندية . وفي أكاديمية المسرح بأمستردام تعرف أحداف على الأسلوب الهولندي في مجال المسرح .. ولم يخف سعادته لكونه استطاع في ظرف سنتين تحقيق ما لم يستطع رفاقه من الهولنديين تحقيقه . وفي هذا السياق تمكن بدعم من حكيم ترايدية ( فنان وكوميدي هولندي/ جزائري ) من القيام بجولات شملت عدة مناطق بهذا البلد ، حيث أسندت له عدة أدوار بأعمال مسرحية لحكيم ترايدية منها عمل " موحمليت ". وفي الوقت الراهن ، ينكب أحداف على إعداد عرض فني جديد ، والذي سيقدمه خلال السنة المقبلة خلال جولة بهولندا . ويركز أحداف أكثر على العامل اللغوي، وذلك في غياب فنانين كوميديين هولنديين/ مغاربة يتواصلون باللغتين الهولندية والعربية، إذ أن أغلبهم يتحدثون فقط باللغة الهولندية ولا يعرفون اللغة العربية. وفي سياق متصل قال " المغرب يسري في دمي ، ولذلك أحلم بأن أصعد إلى الخشبة لتقديم عرض فني بالعربية في بلدي ، لكن محاولاتي السابقة لم تؤت أكلها دون معرفة السبب " ، مشيرا إلى أنه " طرق عدة أبواب، ويواصل ذلك في الوقت الراهن " على أمل تمكينه من تقديم بالمغرب لعرض فني فكاهي يوجد قيد الإعداد. واعترف أحداف في الأخير أن طريقه نحو التميز صعب وشاق ، لكن تجربته - كما يقول - غنية على كل المستويات ( لغويا ، فنيا ، شخصيا).