الذكريات هي صنبور الذي أصابه عطل فبقي مفتوحا عن أخره الذكريات هي تلكم الجداول التي لايعرف من أين تنبع في حين تصنع من نفسها شلالات من أعلى قمم الجبال، والأودية وسط الغابات الذكريات هي جداول الضرب التي ضربنا عليها وبقيت راسخة رغم مرور الأيام الذكريات هي تلكم السوسة التي تنخر الروح أو أختها التي تصنع من الماضي حريرا الذكريات كالبركان غيرأن البركان يقذف بالحمم من جوفه والماضي يقذف بالأفراح والأتراح من قلبه الذكريات قد تكون كالجبال الرواسي كما أنها قد تكون أهون من بيت العنكبوت الذكريات كالسراب يحسبه الظمأن ماءا حتى إذا جاءه لم يجده شيئا الذكريات كالوشم الذي يوشم به السجين غير الفرق بينك وبينه أنك سجين الماضي السحيق في حين هو سجين الحرية والجدران الأربعة الذكريات هي زبد الأيام ومد وجزر السنوات العجاف الذكريات هي الأمواج العاتية التي تموت عند قدمك وأنت واقف قبالة البحر كثيرة هي الأشياء التي كنت أتمنى أن يراها والدي ولم يراها ، لم يراني يوم الختان أو سميها يوم إعلان رجولة اليتيم ، بل تمنيت أن يكون أول من أفتح عليه عيني بعد ذهاب أثر المخدر هو والدي ، ولكن أذكر جيدا ذالك اليوم وانا على سرير أبيض ناصع كالفطرة أول من فتحت عليه عيني كانت والدة قلبي لم يراني والدي ولو مرة واحدة بملابس العيد ، ولاذاهبا لصلاة العيدين ، ولايوم صمت أول ليلة القدر ، ولاأذكرأنني تسلمت درهما أو درهمين من والدي يوم العيد إسوة بأقراني يوم حزت شهادة السادسة إبتدائي كان والدي في عداد المقبورين بسنوات، تمنيت أن يذهب معي ليرى إسمي مدرجا في أعلى السبورة لكن هي الأقدار كالرياح تجري بالفلك في اليم تمنيت أن يكون حاضرا يوم أقامت الوالدة حفلة على شرفي يوم حصلت على شهادة البكالوريا وكما غاب في الإبتدائي والثانوي سيغيب يوم حصلت على الإجازة . لم يراني والدي أشرب اللبن وأصنع منه شاربا أبيض ، ولارأني أداعب الكرة أو أسجل هدفا، لم يراني على خشبة المسرح وانا أتقمص دور اليتيم وهو نفس الدور أتقمصه في مسرح الحياة أذكر جيدا أنني لم أنتظرقط قدوم والدي من سفر ويوم إنتظرته جاء ممدا في تابوت.