تحول نوعي ذاك الذي تحمله ألاخبار المتلاحقة حول عمليات حجز المخدرات الصبلة بمدينة طنجة، أرقام مفزعة وشبكات تتساقط تباعا، لم تعد الكميات المحجوزة من مخدر الكوكايين تقاس بمئات الغرامات، في غضون شهر تعلن مصالح أمن طنجة عن حجزها لحوالي 15 كيلوغراما من الكوكايين ، في ثلاث عمليات متفرقة تورط فيها مغاربة أجانب، عمليات تطرح أكثر من سؤال عن التحول الحاصل في عمل مصالح الأمن في السر الكامن الذي حصل تحديدا حتى ينتقل من الحجز من بضعة غرامات إلى كميات ضخمة من الكوكايين بقيمة مالية تبلغ ملايين الدراهم . في اخر تلك العمليات توقيف ثلاثة مهاجرين من دول جنوب الصحراء في قلب المدينة يحملون الجنسية النيجرية، بحوزتهم كمية ناهزت أربعة كيلوغرامات من الكوكايين ، تبين من خلال التحقيقات الأولية أنهم أعضاء شبكة دولية للمخدرات ، تقوم الشبكة الدولية بجلب المخدرات عبر الحدود المغربية الجزائرية، فيما برتقب سقوط اعضاء اخرين في نفس الشبكة ، في عملية نوعية توقدها مصالح ولاية أمن طنجة. وقبل هذه العملية جرى توقيف سائق شاحنة قادمة من بلجيكا ، وعلى متنها كيلوغرامين من الوكاكايين، وقبلها كانحي بني مكادة على موعد مع عملية حجز شكلت سابقة في تاريخ شبكات المخدرات، وصدمة للراي العام بطنجة ، بعد حجز 10 كيلوغرامات من الكوكايين دفعة واحدة ، أعضاؤها ليسوا سوى عنصرين من الشرطة وعنصر اخر من القوات المساعدة. قبل سنة من الان وتحديدا في حفل ذكرى تأسيس المديرية العامة للأمن الوطني بمدينة ، شهر ماي المنصرم، قدمت مصالح أمن طنجة حصيلتها في محاربة الاجرام والمخدرات، ولم تتعدى كمية الكوكايين المحجوزة 300 غرام ، نعم خلال سنة كاملة، فيما تم الحجز على أزيد 15 كيلوغراما من الكوكايين في غضون شهر، أرقام تعكس طبيعة التحول الكبير في الحرب ضد شبكات الاتجار الدولي في المخدرات التي تشنها مصالح الأمن منذ بداية هذا العام. الخبراء في مجال العلاقات الدولية ، يجمعون على أن الكوكايين لا يعدو سوى أحد الأسلحة الأكثر نجاعة وفعالية في الحروب بين الدول ، وذلك في سياق أهداف عامة لا تخرج عن نطاق السيطرة وتمدير عقول مجتمع مستهدف ،ضمن حرب لا تبقي ولا تذر، ولعل في التجربة التاريخية التي درات رحاها بين إسرائيل ومصر الكثير من المعطيات والحقائق التاريخية باعترافات مسؤوليين إسرائليين حول إستخدام الكوكايين لتدمير المجتمع المصري مطلع السبعينات والثمانينات من القرن الماضي. بعيدا عن أساليب التحكم في المجتمعات من خلال تجارة الكوكايين، فأن أبرز تداعيات هذه التجارة هي العلاقات المتشعبة والوطيدة، لهذه التجارة في تمويل حركات راديكالية عبر العالم بداية من الحركات الناشطة في الساحل والصحراء، مرورا بأخرى في الشرق الاوسط، ودول أمريكا اللاتنية، إذا إستطاعت الشبكات الدولية بفضل تجارة الكوكايين إختراق حكومات دول في أمريكا اللاتنية، وليس فقط المؤسست الأمنية بهذه الدول، وباتت ترسم الخارطة السياسية لهاته البلدان ضمن شبكة علاقاتمعقدة تجمع بين الكوكايين و تجارة السلاح والممارسة والسياسية. هنا في طنجة لم تصل الأمور بعد إلى هذه الخطورة العالية ، لكن التكلفة الاجتماعية لهذا المخدر تحديدا، حاضرة بقوة بالمدينة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، مئات الأسر إنقبلت حياتها رأسا على عقب بعدما خسر مدمنوا هذه المادة كل ما يملكون ، ومئات اخرون يبحثون عن العلاج في مركز وحيد للعلاج عن المخدرات دون جدوى بسبب ضعف الطاقة الاستعابية،فيما يواصل اخرون البحث عن المال بجميع الوسائل بما فيها إرتكاب جرائم خطيرة بهدف الحصول على جرعة الكوكايين. تنفيذ هذه المشاريع لا يمكن أن يحصل بالمرة ، دون وجود إختراقات كبيرة ، تستهدف مؤسسات الدولة، بهدف توفير التربة الخصبة لعميلة تهريب الكوكايين ، وإيجاد شبكات محلية لترويج هذه المادة ، فيما الرؤوس المدبرة لهذه العمليات لا تظهر في الواجهة، وهو يبدو جليا في عمليات التوقيف التي تحدث في طنجة حيث يسقط تجار صغار ولا يتم الكشف عن الرؤوس الكبيرة التي تدير تجارة بملايين الدراهم. عمليات الحجز والتوقيف التي نجحت فيها مصالح أمن طنجة تدق ناقوس الخطر عن خطر داهم، وعن تحول مدينة طنجة إلى وجهة مفضلة لشبكات الاتجار الدولي للمخدرات القوية التي تعمل وفق شبكات إحترافية ومنظمة ، كما تكشف وعن إرتفاع كبير في أعداد المدمنين، بشمال المغرب، دون الحديث عن الاف المدمنين لمخدر اخر لايقل خطورة عن الكوكايين وهو مخدر الهروين وتلك قصة أخرى.