وقعت بروكسيل والرباط في مثل هذا اليوم من سنة 1964 اتفاقية لتشغيل أيدي عاملة مغربية تم استدعاؤها، في وقت كانت فيه بلجيكا تعرف خصاصا في اليد العاملة ، وذلك للمساهمة في عملية بناء هذا البلد . وبعد نصف قرن يتوقف هؤلاء الرجال والنساء من مختلف الأجيال من أجل الذكرى والاعتراف والتفكير في "العيش المشترك " على الطريقة البلجيكية. وسيكون تخليد هذه الذكرى على طول السنة الجارية، بالدرجة الأولى، بمثابة الوفاء ب"واجب الذاكرة". واجب تكريم أول جيل من المهاجرين وإطلاع الشباب البلجيكي-المغربي على تضحيات آبائهم ليأخذوا مكانتهم داخل المجتمع البلجيكي، والتذكير بطول المسار الذي سلكه البعض للتوفيق بين الاندماج والتشبث بالجذور. وقالت وزيرة الثقافة بفدرالية والونيا- بروكسيل، البلجيكية من أصل مغربي فضيلة لعنان ، التي تنظم هذه الاحتفالات، " إن ذاكرة الآباء تستحق ان تعرف لكي يستوعب أبناؤهم من أين أتت عائلاتهم ، ولماذا استقروا هنا، ولتذكير الجميع أيضا، فلامانيين ووالونيين وبروكسيليين، بأن حضور محمد ولطيفة ليس مجرد صدفة بل بمحض إرادة بلجيكا". وليس هناك أفضل من الفن لتجسيد هذا الاحتفال، حيث سيتم تنظيم موسم ثقافي حقيقي يتمحور حول عدة أنشطة فنية واحتفالية. وستعطى الكلمة في المقام الأول للمهاجرين الأوائل لتقديم شهادات، وبعدهم سيقدم فاعلون ثقافيون في بلجيكا مداخلات ، وهي طريقة لتكريم الأجيال الأولى للمغاربة الذين استقروا في بلجيكا، من خلال الإبداع الفني، والتفكير على الخصوص في الأجيال الجديدة. وستسهم جميع أشكال الفن، سواء المسرح أو الرقص أو الموسيقى أو الأدب أو السمعي البصري أو التنشيط، في إعادة تصوير مراحل حياة هؤلاء الرجال والنساء. وإلى جانب عمل الذاكرة والاعتراف، يفرض جانب آخر نفسه، وهو التفكير في "العيش المشترك " في مجتمع بلجيكي متعدد الأجناس، وحيث الثقافة البلجيكية تنهل من الثقافات الإيطالية واليونانية والتركية والإسبانية والبولونية والهندية والمغربية. وسيناقش المفكرون والسياسيون والفنانون والكتاب والسينمائيون وأيضا أبناء المهاجرين، الذين يشكلون رمزا للنجاح والاندماج، جملة من الأسئلة تهم ما قدمته الثقافة المغربية في بلجيكا، وكيف استطاعت الجالية المغربية الاندماج في المجتمع البلجيكي، وهل نجحت بلجيكا في تكريس مفهوم المواطنة الذي يتجاوز مجرد ممارسة قانونية إلى مدرسة ل "العيش المشترك ". واعتبرت فضيلة لعنان التي تم توشيحها مؤخرا بوسام جوقة الشرف للجمهورية الفرنسية، أن " ما قدمته الهجرة المغربية لا يستهان به ، ذلك ان مغاربة بلجيكا ساهموا في تأكيد رفض جميع أشكال العنصرية ورفض الأجنبي بشكل علني وإدراجه في السياسات العمومية، والنهوض بالمساواة في الحقوق والفرص واحترام جميع الديانات والانفتاح الثقافي وتطوراته من خلال لقاءات مع ثقافات الجنوب". (*) و م ع