زار السلطان الحسن الأول طنجة يوم الأحد 22 شتنبر من سنة 1888 وأقام بها نحو عشرين يوما كانت من أفضل الأيام لدى سكان طنجة، إذ تقرر في وجود هذا السلطان العديد من القرارات لإعادة التوازن للحياة المختلة التي كانت تعيشها المدينة. ففي العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر كان سكان طنجة يعيشون تحت ضغوط كثيرة زادت من ضنك العيش بهذه المدينة. فإلى جانب سنوات المجاعات والأوبئة التينجة 24 – محمد سعيد أرباط مرت بها طنجة، تسلط عليها وباء أخر متعلق بالأجانب والمحميين المغاربة الذين دخلوا في حماية الدول الأجنبية. كان هؤلاء الأجانب والمحميون المغاربة يستولون على أراضي الناس وعقاراتهم بشتى الطرق والحيل لأخذها لصالحهم، وتمكنوا من الاستيلاء على أراض كثيرة وعقارات لا تحصى، حتى أصبح الأمر يثير مخاوف المغاربة الغيورين، فأوصلوا الأمر إلى سلطان البلاد الذي أدرك خطورته على مستقبل المغرب برمته. ومع ارتفاع عدد الأجانب في طنجة وارتفاع عدد المحميين المغاربة ارتفع معهم الجور والفساد بالمدينة. وكثرت الحانات والمقاهي، وبيعت الخمور في كل مكان. حتى أن تربية الخنازير أصبحت من المظاهر العادية في طنجة. وكان السكان البسطاء هم المتضررون. ولذلك كان من الضروري أن يأتي الحسن الأول في 22 شتنبر من سنة 1888. بوجوده بالمدينة قرر السلطان القضاء على مظاهر الفساد وأوجه الاختلال الذي تعيشه طنجة لإعادتها إلى صورتها المغربية الاسلامية التي كانت تفقدها في ظل الوجود الأجنبي. فأصدر قرارات عديدة. منها قرار ايقاف استغلال المغاربة من طرف الأوروبيين والمحميين المغاربة فيما يخص امتلاك أراضيهم بدون موجب حق. كما أمر بالقضاء على المظاهر المخلة بصورة طنجة المغربية الاسلامية كبيع الخمور وتربية الخنازير وكل البؤر التي تجسد هذه المفاسد من حانات ومقاه كانت منتشرة بشكل كبير بالمدينة خاصة مع توافد اعداد كبيرة من الأجانب خلال هذه السنوات التي مهدت لفرض الحماية على المغرب. وكان أيضا من بين القرارات التي أصدرها تلك المتعلقة بضروريات الحياة للسكان. حيث أمر بإيجاد حل لمسألة تزويد طنجة بالماء الصالح للشرب نظرا لمعاناتها من هذا الأمر بشكل مستمر. إضافة إلى قرار تزويد المدينة بالأقوات في حالة حدوث قحط أو مجاعة. وقرارت أخرى عديدة أصدرها السلطان بهدف اعادة المدينة إلى أصالتها والتخفيف من معاناة المواطنين البسطاء الذين تضرروا كثيرا من استغلال الاجانب ومن اخوانهم الذين فضلوا الدخول في حماية الدول الاجنبية لما تقدمه هذه الحماية من امتيازات كانت السبب فيما بعد في فرض الحماية على المغرب وضياع استقلاله. هذه الأيام التي قضاها السلطان بطنجة كانت من أفضل الايام لدى السكان وظلوا يتذكرون أفراحها مدة طويلة. وربما هذا التذكر الطويل راجع إلى قصر مدة هذه الأفراح، خاصة إذا علمنا أنه بعد رحيل السلطان الحسن الأول عادت الحياة إلى المدينة كما كانت قبل مجيئه، وعاد الفساد لإكمال مسيرته التي أدت في النهاية إلى انهيار البلاد والرضوخ لمطالب القوى الأجنبية وفقدان الاستقلال. المصادر "من أعلام طنجة في العلم والأدب والسياسة" عبد الصمد العشاب ص 253“ The international city of tangier” Graham stuart p 14 to 21 للإطلاع على مزيد من المواضيع التاريخية، قم بزيارة ركن "إيضاءات تاريخية"