تتواصل بمدينة طنجة، الاحتفالات المخلدة لذكرى المولد النبوي، من خلال تنظيم أمسيات ومسيرات احتفالية من طرف سكان العديد من الأحياء الشعبية، خاصة في المدينة القديمة التي تضم عددا من الزوايا والأضرحة التي تحتضن جوانب من هذه الاحتفالات. ويشكل موكب الهدايا نحو ضريح الولي الصالح "سيدي بوعراقية"، المرتقب تنظيمه بعد عصر يومه الأحد المقبل، أقوى هذه لحظات الاحتفال بذكرى مولد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، التي تتزامن مع ذكرى هذا الوالي الذي تقول المصادر التاريخية أنه كان زاهدا في الدنيا ومجاهدا في سبيل الله. احتفالات شعبية لم تنفع قرارات المنع التي اتخذتها السلطات المحلية يوم الخميس الماضي، في وقف الاحتفالات التي نظمهاعدد من سكان أحياء مدينة طنجة، خاصة في مقاطعة السواني، التي شهدت أكبر تدخل من نوعه منذ سنوات، عندما قامت أجهزة السلطة بتفكيك خيام تم تنصيبها لهذا الغرض. وعلى الرغم من هذه الخطوة التي رأى فيها منظمو هذه الاحتفالات "إنهاغير مبررة وتخضع لمنطق التوجس ألأمني"، فقد نظم سكان عدد من أحياء المقاطعة، مسيرات احتفالية حاشدة، أمام أنظار مسؤولين رفيعي المستوى بكل من الولاية وولاية الأمن. ولم تقتصر هذه الاحتفالات الشعبية على أحياء مقاطعة السواني، وإنما امتدت إلى عدة احياء أخرى سواء في مقاطعة بني مكادة أو مقاطعة طنجةالمدينة، حيث احتضنت الأخيرة أكبر عدد من هذه الاحتفالات التي استمرت طيلة الأيام التي أعقبت يوم ذكرى المولد النبوي. وفي هذا السياق قام سكان المدينة القديمة بتنظيم عدة مسيرات احتفالية انطلقت اغلبها من مساجد الأحياء كما قاموا بتنظيم سهرات فنية أحيتها فرق إنشادية محلية فوق منصات تم نصبها داخل بعض أزقة هذه الاحياء. موكب الهدايا وعلى عكس موقف السلطات المحلية من الاحتفالات الشعبية التي ينظمها السكان بمناسبة المولد النبوي، فإن موكب الهدايا نحو ضريح "سيدي بوعراقية" بشارع الحسن الثاني، والمنتظر تنظيمه يوم الأحد المقبل، يحظى بموقف فيمنتهى الليونة من طرف مسؤولي ولاية المدينة الذين يوفرون كل التسهيلات الضرورية لغنجاح هذا "الكارنفال" الاحتفالي. ويشكل موكب الهدايا الذي جرت العادة على إحيائه في اليوم السابع بعد ذكرى المولد النبوي الشريف، أقوى المواعد المسطرة ضمن فعاليات هذا الموسم الروحاني، بالرغم من أن ظروفا أمنية قد حالت دون تنظيمه السنة ما قبل الماضية بسبب أحداث الشغب التي عاشتها مدينة طنجة يوم 20 فبراير 2011. وهو نفس الموعد الاحتفالي الذي كان قد تم توقيفه منذ أربعينيات القرن الماضي بسبب ظروف سياسية ذات علاقة بالانتداب الدولي لطنجة ، قبل أن يتم إحياءه سنة 2007. وجرت العادة على أن موكب الهدايا ، ينطلق من ساحة الأمم بعد صلاة العصر، تحت أنظار آلاف الأشخاص الذين يتجمعون على الأرصفة وفوق أسطح المنازل، قبل أن يتوجه إلى ضريح سيدي بوعراقية لتسليم الهدايا إلى مقدمي وشرفاء الزواية. وكانت الإدارة الدولية بطنجة في أربعينيات القرن الماضي، قد منعت الاحتفال بهذا الموسم، حينما أصبح يكتسي طابعا وطنيا، بعدما صار مجمعا لرجال الحركة الوطنية الذين كانوا يطالبون بجلاء الحماية عن المغرب. تجدر الإشارة إلى أن اللجنة المنظمة، قد سطرت بهذه المناسبة، برنامجا حافلا يتضمن أمسيات دينية، وأنشطة ثقافية متنوعة بمختلف المؤسسات التعليمية بالمدينة حول التعريف بالأبعاد الدينية والتاريخية والثقافية والسياسية لموسم الولي الصالح سيدي بوعراقية.