المقارنة بين الحزبين الغريمين البارزين، في ساحتنا السياسية، تكاد تكون مستحيلة، خاصة وأن القواسم المشتركة، والخاصيات التي تميز كل حزب، لا تستقر على حال، ولا تنفصل عن محال.. وتخبرنا العناكب عن خيوطها الواهية، من جهة، والمتشابكة من جهة أخرى.. المهم، يصاب بالدوار، إن لم نقل بالخبل، من يحاول فك هذه الخيوط، أو مجرد سل بعضها.. ومع ذلك، سنغامر بهذه المحاولة، ليس من أجل التسلية، فقط.. الأصالة والمعاصرة: المعاصرة، قد يقصد بها الحداثة، بمفهوم ما، والانفتاح على المحيط، داخلياً وخارجياً، في السياسة والاقتصاد والثقافة وما يتناسب معها.. الأصالة: حمالة أوجه، كما يقول الفقهاء. ومهما تشبث "البام" بالأصالة، فإنه سيقف، لا محالة، عند الحد الذي يستقر فيه "البيجيدي"، في الدين والدنيا.. وبذلك، سيصبح للدال أكثر من مدلول.. العدالة والتنمية: إذا ما تحدثنا عن العدالة السماوية، فإننا، شرطاً، نؤول إلى الأصل الذي من الأصالة في كثير من الأشياء.. أما إذا نزلنا إلى العدالة الأرضية، فإن ذلك من روح المعاصرة، ولا شك.. وبقيت لنا التنمية: أليست التنمية، بمفهوم ما، بنتاً للعصر: أب المعاصرة؟ الخلاصة الأولية: ينتسب الحزبان، معاً، ولو على سبيل التسمية، إلى نفس السلالة. قبل هبات نسائم الربيع على بلاد المغرب (الأقصى)، وقبيل خروج فؤاد عالي الهمة من الحزب وعودته إلى المربع الملكي، كان النعت المقترن بالوافد الجديد يحدث تأتأة لدى غالبية من يطلق عليه: حزب القصر.. هذا عن البام. ولكن ماذا عن البيجيدي الذي شهد النور على يد رجل جاء من القصر، وإلى القصر عاد، إلى أن تولاه المولى حز وجل برحمته؟ نعيد طرح السؤال، على سبيل التدقيق: - أيهما حزب القصر، البيجيدي أم البام؟ جوابنا المتواضع: - كلاهما (أو لا أحد..). حزب العدالة والتنمية، طار إلى سدة الحكومة على أجنحة طيور 20 فبراير التي (نقبت) حزب الأصالة والمعاصرة في بؤبؤي عينيه: الهمة والعماري، فيما يشبه قول الشاعر (مع تحوير فادح): مصائب حزب عند حزب فوائد. ولما وقف حمار الحكومة (التي يقودها البيجيدي) في عقبة المعارضة (التي ينشطها البام)، جاء الحزب الذي تضرر من الحراك ليلوح بإمكانية الخروج إلى الشارع في طبعة جديدة منقحة ومزيدة لحركة 20 فبراير، الحركة التي جاءت بالعدالة والتنمية إلى الحكم، وساهمت في تقليص حجم الأصالة والمعاصرة وإجباره على ركوب قطار المعارضة، بعدما تخلف القطار السريع الذي سمي قيد حياته: G8.. نعود لطرح السؤال، من جديد: - أيهما حزب الجماهير؟ سوف لن نغامر بالجواب، حتى نشهد الاستحقاقات المقبلة. يقول البام: إن البيجيدي يبيع الوهم للمغاربة، ويستغل المشترك، في إشارة إلى الدين.. ويقول البجيدي: إن البام يوزع بطائق الانخراط على العفاريت، ويستغل المشترك، في إشارة إلى الإدارة.. ومن جديد، نلقي بسؤالنا، في الهواء، مباشرة معكم: - أيهما يستغل، البيجيدي أم البام؟ جوابنا المحتشم: - كلاهما (أو لا أحد). حزب "بنكيران" وحزب "الباكوري".. لنلعب لعبة الحروف هذه: إذا (فككنا) اسم "بنكيران" سوف لن نجد صعوبة كبيرة في (تشكيل) اسم "الباكوري".. وإذا فعلنا العكس، سنصل إلى نفس النتيجة.. السؤال الأخير، على سبيل الختم: - ما الفرق بين الحزبين الغريمين؟ الجواب، عندنا، لم يحسم بعد.. ما رأيكم؟ - نلتقي !