عندما حل "والتر هاريس" بمدينة طنجة سنة 1886، وهي المحطة التي سبقتها رحلات إلى مدن مختلف المدن العالمية، قرر أن يستقر في مدينة البوغاز بعد وقع في شراك ذلك الحب والعشق الذين سبق أن أوقعا شخصيات عالمية عديدة في مختلف المجالات السياسية والأدبية والفنية. اليوم، وبعد كل القرون الكثيرة التي مرت على استقرار "هاريس" في طنجة، ثم رحيله عن هذه الدنيا، ما زال اسمه يتردد في مدينة ذات البحرين على لسان الجميع، سواء من الأشخاص العاديين الذين يتحدثون عن منطقة توجد على الشاطئ الشرقي للمدينة، حيث توجد تلك الإقامة الفخمة الحاملة لنفس إسم صاحبها، أو كانوا من المهتمين بمجال المآثر التاريخية للمدينة التي تعيش حالة مزرية في عصر "التنمية المتوحشة". ف"فيلا هاريس" المتواجدة على بعد خمسة كيلومترات شرق مدينة طنجة، تعتبر حالة أخرى من حالات الإهمال التي تطال مختلف المآثر التاريخية بمدينة البوغاز، بالرغم من الأصوات العالية التي ارتفعت للمطالبة بإنقاذ هذه المعلمة التي تعتبر "كنزا سياحيا وتحفة تارخية" من وضعيتها المتردية، نتيجة تخلي الجميع عنها بعدما قضى بعضهم وطره منها. فإلى حدود نهاية التسعينات، ظلت مستغلة إلى حدود بداية التسعينات من طرف إحدى المجموعات الفندقية بموجب عقد كراء، قبل أن يصبح مصيرها مجهولا بسبب الإهمال المتعمد الذي منيت به ، علما أن العقار يفترض فيه أن يكون محميا من قبل إدارة الأملاك المخزنية التي تملكت العقار والمباني بموجب القانون الخاص بالأراضي المسترجعة. وإلى حدود بضعة أشهر، تردد حديث قوي عن قيام الوالي السابق محمد حصاد بتوجيه مراسلة إلى وزارة الثقافة، مطالبا إياها برفع يدها عن "فيلا هاريس"، تمهيدا لإخراجها من لائحة المآثر التاريخية بمدينة طنجة، وهي خطوة اعتبرها الكثير من المتتبعين حينئذ رضوخا من الوالي لسلطة "وحوش العقار" الذين يسيل لهم لعاب هذا الموقع الأثري الطبيعي. وبالرغم من أن الجهات المسؤولة قد نفت كافة تلك "الشائعات" حول مصير "فيلا هاريس"، فإن نفس هذه الجهات لم تبدي أي موقف يمكن أن يثبت عكس نظرية "لا دخان بلا نار"، إللهم إلا ذلك الصمت المريب الذي لم يزد سوى من توجس الرأي العام الذي ما زال يابع بقلق كبير مصير هذا الكنز الأثري الذي تتربص به ذئاب العقار المفترسة في انتظار لحظة الانقضاض المناسبة.