لا يمكن لزائر أصيلة أن يمر من أحد أزقة المدينة القديمة، دون أن يثيره مشهد ثلة من النسوة اللواتي يبدين منهمكات بكل تفاني في أشغال الكنس والتنظيف التي تزيد هذه المدينة الساحرة المطلة على المحيط الأطلسي، جمالية وجاذبية. في ساحة عبد الله كنون، حيث يقف برج القمرة البرتغالي شامخا، تكون السيدة "أمينة" ذات الستين من العمر، مصحوبة بشقيقتها الأربعينية "فاطمة"، قد قطعتا شوطا مهما في عملية الكنس والتنظيف لشوارع وأزقة المدينة القديمة في أصيلة، وهو عمل يومي درجت السيدتان العاملتان لدى مصلحة الإنعاش الوطني، على القيام به بمعدل ثمانية ساعات يوميا موزعة بين فترتي الصباح والمساء. وبفضل تفانيهما في عمليهما الذي يجعل حواري مدينة البحر والنورس في منتهى الجاذبية التي تغري الكثيرين بزيارة المدينة مرات عديدة، استطاعت "فاطمة" و"أمينة" انتزاع منصب شغل قار ودائم خلافا لكثير من صاحباتها اللواتي ما زلن يشتغلن بشكل موسمي. وتؤكد "أمينة"، في حديث ل "طنجة 24" التي التقتها ذات لحظة أثناء انهماكها في اداء عملها، أن ترسيمها في منصب عملها جعل ظروف عملها تعرف استقرارا إلى درجة كبيرة، والفضل في هذا الترسيم، تقول "أمينة"، يرجع إلى "الشريف سي بن عيسى" الذي أعجبه مستوى عملنا، فأوصى مصالح البلدية بترسيمنا بشكل دائم طوال السنة. "أمينة" وشقيقتها "فاطمة" تبدوان محظوظتان جدا مقارنة مع باقي زميلاتها في ميدان العمل لدى مصالح الإنعاش الوطني اللواتي لا تتجاوز فترة أدائهم لعملهم مدة شهر واحد في أحسن الأحوال، مما يخلف معاناة كبيرة لهن، وهي معاناة تعترف الشقيقتان بأنها في غاية المرارة، لكنهما استطاعتا تجاوزها بعد الترسيم الذي حظيتا به وما زال الكثير من العمال الموسميين في هذا المجال يفتقدونه. وهي وضعية تتمنى "أمينة" و"فاطمة" أن يتم تسويتها ويتمكن جميع العاملين في هذا القطاع من حقوقهم الكاملة. التفاني في أداء العمل والأمانة في القيام بالواجب، هو شعار "امينة" و"فاطمة"، معطيان استحقت عليهما السيدتان، حسب ما جاء في حديثها للموقع، التفاتة من منتدى موسم أصيلة التي خصصت لها مكافأة تكريمية في السنة الماضية ضمن حفل خصص لتكريم عدد من أهالي مدينة أصيلة الذين كانت لهم إسهامات فعالة خلال هذه السنة في مختلف مجالات الحياة اليومية للمدينة.